
الحوارنيوز – صحافة
تحت هذا العنوان كتب د.عمر نشابة في صحيفة الأخبار:
تنظيم تشييع جماهيري ضخم في لبنان بحجم تشييع الشهيدين السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين من دون تسجيل أي حادث يشكّل إنجازاً فاق كل التوقعات، ومثالاً لفعالية التنسيق بين حزب الله ومؤسسات الدولة اللبنانية.
فقد تابعت غرفة العمليات المشتركة الوضع في المدينة الرياضية ومحيطها والمناطق المحيطة بها والطرقات المؤدية إليها لحظة بلحظة، وقامت بكل الإجراءات الوقائية والترتيبات اللوجستية والتسهيلات العملية اللازمة لتأمين الحشود وحمايتها والحفاظ على النظام العام. وكان لمديرية المخابرات في الجيش ولفرع المعلومات وللأمن العام وأمن الدولة دور أساسي في المراقبة والاستعلام عبر نشر عناصر بلباس مدني، وبواسطة تقنيات المسح الإلكتروني والتدقيق في الاتصالات (مع الالتزام بتطبيق القانون 140/1999). كما كان لقوى الجيش والأمن الداخلي الدور الأبرز في تحديد مسار الجماهير وتنظيم السير ومنع الاحتكاك بين الناس في المناطق ومفارق الطرق والأحياء التي تعدّ «حسّاسة». وتمكّن الجيش والقوى الأمنية بالتنسيق مع حزب الله وحركة أمل والبلديات، يوم الأحد الفائت، من التعامل مع تحديات أبرزها:
1 – أن عدداً كبيراً من المشاركين هم من ذوي آلاف الشهداء والجرحى في مواجهة العدو الإسرائيلي، وممن دُمّرت قراهم وبيوتهم وممتلكاتهم وجنى عمرهم، ويتملّكهم غضب عارم من تصريحات الأميركيين بحق شهيدهم الكبير على أبواب القصر الجمهوري. لكن، رغم ذلك، لم تُطلق صرخة استهجان واحدة لدى ذكر رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام لدى ترحيب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بممثليهما في بداية كلمته.
2 – شكّلت الأزمة المالية ضغطاً على مؤسسات الدولة، وانعكست صعوبة في تأمين حاجات ورواتب الضباط في الجيش وبقية الأجهزة، ما يُضعف القوى الأمنية ويحرمها من حاجاتها الأساسية والتجهيز والعتاد والتكنولوجيا، ويؤدي إلى نقص حاد في التدريب على تنظيم التجمعات الشعبية الحاشدة. لكن الجيش وبقية الأجهزة قامت بجهود استثنائية الأحد الفائت بالتنسيق مع حزب الله لسد كل الثغرات والتعامل السريع مع أي أوضاع طارئة.
3 – يشهد لبنان انقساماً بين مؤيدي المقاومة والدفاع المسلّح عن لبنان وفريق يدعو إلى تجريد المقاومة من سلاحها ويدّعي أن العمل الديبلوماسي وحده يحمي لبنان. وتلعب وسائل الإعلام الممولة من الخارج دوراً كبيراً في التحريض وزيادة نسبة الكراهية بين المواطنين. وقد حاولت محطات تلفزيونية بث الخوف قبل التشييع عبر نشر شائعات وأخبار ملفّقة. لكنّ جمهورَ حزب الله وحركة أمل لم يخضع للتحريض، ومنع انتشارُ الجيش أي عمل مستفزّ للمشيّعين.
4 – لا يخفى أن استخبارات العدو الإسرائيلي، خصوصاً بعد الحرب الأخيرة، إلى جانب بعض الاستخبارات الخارجية المعادية لحزب الله، متغلغلة في المجتمع اللبناني ويمكنها إحداث بلبلة وافتعال حوادث تعرقل التشييع وتنشر الفوضى وتهدّد السلم الأهلي. لكن التنسيق والمتابعة والرصد والتدقيق والمراقبة التي تولتها مؤسسات الدولة وجهاز أمن المقاومة أدت إلى تعطيل التدخل الخارجي. وتمكّن الضباط والمسؤولون والقادة الأمنيون من السيطرة على الوضع ومنع أي خروج عن الانضباط.