أبعد من تشييع (حسن علوش)

حسن علوش – الحوارنيوز
منذ أيام بدأت حملة منظمة تقودها مجموعة من شغيلة “وسائل التواصل” تحت عنوان موحد: غدا يوم آخر.
تحاول هذه المجموعة القول إن تشييع السيد حسن نصرالله هو محطة فاصلة بين مرحلتين، الأولى كان فيها “الحزب” ممسكاً بالسلطة اللبنانية، قابضاً على الإقتصاد والقضاء ومختلف الإدارات والقطاعات، مصادرا الدولة وقراراتها على غير صعيد!
والثانية فيها “الحزب” مجروح، منزو، منكفئ ومنبوذ من بيئته… وما الجماهير التي حضرت الى التشييع أمس سوى غيمة صيف عابرة… وغدا يوم آخر.
موقف هذه المجموعة يتجاوز كونه موقفا من “الحزب” وسياساته. لم نر يوما موقفاً لأحد من هؤلاء يتناول سياسة الحزب ورؤيته في مختلف المجالات!
يتفرغ هؤلاء للنيل من “الحزب” عندما يعلن موقفاً من فعل مشبوه يستهدفه كفصيل من فصائل المقاومة الوطنية اللبنانية ضد الاحتلال الاسرائيلي.
هذا ما أجادوه في 7 ايار من العام2008، واستمروا بعد أن اعترف المخطئون بخطئهم وردوا ذلك الى “لحظة تخل”.
وهذا ما عابوه على “الحزب” عندما أصر على مهنية وشفافية التحقيق في انفجار المرفأ، وهذا ما عاد واعتمده المحقق العدلي طارق البيطار مصححا منهجية عمله، رغم مخالفات دستورية كبيرة ما زالت حاضرة في ما يسلكه هذا الملف.
وكانوا قد بدأوا حملتهم هذه منذ اللحظة الأولى لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وألبسوا “الحزب” مسؤولية الجريمة وجرائم أخرى ارتكبت في تلك الحقبة، واستمروا على هذه العقلية، رغم أن المحكمة الخاصة بلبنان اسقطت من إختصاصها معظم الجرائم التي حصلت في تلك الآونة بإستثناء ثلاثة (الشهيد جورج حاوي- محاولة اغتيال الوزير السابق ايلي المر – ومحاولة اغتيال مروان حمادة فقط) ليتبين لاحقا أن الإدعاء اعتبر أن عنصر التلازم بين هذه الجرائم وبين جريمة اغتيال الحريري هي هاتف واحد وروايات سياسية بعضها سقط في المحاكمات التي جرت في قضية الرئيس الحريري، ومنها شهادات سياسية مفبركة أو هي ضعيفة وتفتقر الى المنطق ومساقة على قاعدة الأحكام المسبقة لغايات محددة مسبقاً، كما هو الحال بشهادات عدد كبير من شهود الادعاء السياسيين كالرئيس فؤاد السنيورة والوزير السابق مروان حمادة وغيرهما.
ربما كانت هذه المجموعة مدفوعة بقرار ولقاء بدل.
ربما كانت مقتنعة، وتدافع عن قناعاتها بإيمان مطلق لا يحيد ولو أظهرت الوقائع غير ما يؤمنون به.
وربما كان البعض يتبنى رأي هذه المجموعة لسبب يتصل بوظيفة.
ولأن محركات هذه المجموعة لا تستند الى حقائق، فإن الأخذ بنظريتهم في يوم التنشييع هو كمن يعزي نفسه بالوهم.
لقد كان “السيد” ملهما ورؤيوياً لدى العاملين في التخطيط لمواجهة دولة الاحتلال وأطماعها في لبنان والمنطقة.
وبالنسبة الى جمهوره الحزبي وجمهوره الوطني وللبيئة الحاضنة، كان وما يزال رمزا للمقاومة ولمواجهة العدو ورعاته، ورمزا لنموذج القادة الصادقين الذي حرص طوال توليه مسؤولية الأمانة العامة للحزب على ترسيخ منطق “اللبننة” لخطاب الحزب وبرامجه، من دون أن تعني “اللبننة” التخلي عن مواقف مؤيدة للشعب الفلسطيني والرافضة لكل ظلم حول العالم.
ولذلك فإن جمهور الأمس هو هو جمهور اليوم التالي، بل لعله هو خميرة جمهور الغد.
لم تنفع مع هذا الجمهور تهديدات ولا حصار ولا ظروف مناخية صعبة، وعلى بعض المستشارين حول رئيس الحكومة نواف سلام صدقِه وعدم تطويقه بأوهام.
ثقتنا كبيرة بالعهد وبنواياه، وبحكمة الرئيس جوزاف عون وحنكة الرئيس نواف سلام، وهما سيكتشفان بعد أيام من منح الحكومة الثقة في المجلس النيابي، ومن الذي يريد أن يبني وطناً ومؤسسات ويسعى الى تنفيذ “وثيقة الوفاق الوطني المعروفة باتفاق الطائف” ومن كان يحمل على المقاومة لأنه لا يريد وطنا ولا مؤسسات، ويحفر من تحت اتفاق الطائف لينهار ويسقط لمصلحة استعادة امتيازات طائفية باتت سراباً.