ليس بالسلاح وحده.. نُقاوم!(نسيب حطيط)

د.نسيب حطيط – الحوارنيوز
يشن أعداؤنا وخصومنا حرباً متعدّدة المحاور ،عنوانها الرئيسي نزع السلاح ، للقضاء على المشروع المقاوم ودفع الشرفاء للإستسلام والتنازل عن حقوقهم والرضا بالعبودية لأميركا والماسونية في نسختها الجديدة “الديانة الإبراهيمية”، بينما يستعمل التحالف الأميركي العالمي، أسلحة ناعمة متعددة الوسائل والأساليب والأدوات( بعضها في مجتمعنا دون قصد وبشكل غير مباشر)، وأستطاعت اميركا تحقيق بعض أهدافها وجني الأرباح السياسية والإقتصادية دون خسارة بشرية عسكرية او مالية .
وقعنا نحن أهل المقاومة في خطأ حصر مواجهتنا للمشروع الأمريكي، بتجميع السلاح وتصنيعه مع أهميته وأولويته ودوره الأساس في الدفاع عن المصالح، لكنه يبقى ضعيفاً ويسهل القضاء عليه بسبب التفوق التقني والعسكري للتحالف الأميركي العالمي.
لم تنته الحرب وستكون طويلة المدى حتى تحقق أميركا أهدافها بالسيطرة على المنطقة وإخضاع الجميع لقرارها، ولكي نستطيع الصمود وعدم الإستسلام وصولاً للنصر، لا بد من مواجهة المشروع الأميركي بنفس نوعية الأسلحة التي يستعملها ضدنا ،لتأمين الحصانة لمجتمعنا وإقامة المتاريس الثقافية والاقتصادية والإعلامية والعقائدية التي نحتمي بها للنجاة من القصف الأميركي الناعم وإفشال مخططه ،للقضاء على المجتمع المقاوم.
لا يزال المجتمع المقاوم يراكم ترسانته العسكرية، بالتلازم مع الضعف في بناء الاقتصاد المقاوم وتأمين الحاجات المعيشية من الغذاء والدواء والطاقة التي نستوردها وغياب المصانع الإنتاجية لصالح إقتصاد المقاهي والمطاعم والسوبر ماركت التجارية :وهي مشاريع إستهلاكية غير إنتاجية ، مما يبني اقتصاداً هشّاً وضعيفاً يتوقف عند أول قذيفة او غارة إسرائيلية ويزيد من البطالة ويقلّل من إمكانيات الصمود ويسرّع عملية القبول بالشروط الأميركية.
نجح التحالف الأميركي العالمي ،بمشاغلة قوى المقاومة وبشكل مكثف وذكي ومدروس، ودفعها للتجهيز العسكري، مما أدى لإستنزاف قدراتها المالية والاقتصادية والشبابية(التفرغ وليس التطوع) وأهملت بدون قصد كل الحاجات المعيشية والحياتية لأهلها ولم تستطع حماية الأمن الإجتماعي للمجتمع المقاوم ، فاستطاعت حماية حدود هذا المجتمع ،لكنها لم تستطع حماية الداخل الإجتماعي الذي أفسدته ثقافه الفساد واللصوصية والرشاوى وإنتشار المخدرات ،نتيجة تجاوز شروط العقيدة ،بحجة مواجهة الطوارئ من الاحداث والمعارك ، سواء لمواجهة الإحتلال الإسرائيلي او الجماعات التكفيرية ،فتم إغماض العين عن المسائل العقائدية، لصالح استقطاب القوى للقتال، ما افسح المجال لتوسّع الفراغ العقائدي وضعف الحصانة والمناعة الدينية والأخلاقية في المجتمع المقاوم وفتح نوافذ العمالة والإسترزاق وبيع المعلومات وإعتبار العمل المقاوم عند البعض ،بأنه وظيفة لتأمين المعيشة والراتب!
استطاع الأعداء ،دراسة عقيدتنا وسلوكياتنا وأكتشفوا نقاط الضعف في المجتمع المقاوم على مستوى العقيدة والعاطفة والمصالح والعصبيات الحزبية والعشائرية والعائلية وبنوا مخططهم ومشروعهم الحربي على المجتمع المقاوم بالتسلل من هذه الثغرات، مقابل إهمالنا للإصلاح الداخلي والتركيز على التعبئة المعنوية والمبالغة في القدرات والثقة اللامحدودة بالنفس حتى وصلنا الى مشارف العجب والغرور وإتخاذ المواقف والقرارات، بناء على ما نعتقد ونظن وليس على أساس الواقع وما لا نعرف عن العدو!
إن مسؤوليتنا جميعاً، مراجعة سلوكياتنا وقراراتنا، لمعرفة نقاط الضعف والثغرات وتشخيص الأخطاء، بدون مجاملة، لأنفسنا والعمل السريع لتصحيح الأخطاء و تصويب المواقف وأهمها المباني العقائدية وتعميم الثقافة الدينية الملتزمة غير العصبية وغير الحزبية وعدم الضياع في المتاهات الثانوية او الخاطئة على مستوى العقيدة والعمل ، لتثبيت عقيدة التوحيد وتطهيرها من الشوائب الحزبية والمصالح الشخصية وليعود الدين قائداً ونظاماً ومؤدباً، للفرد والجماعة بدل ان يكون مطيّة او جسراً للوصول للمصالح الدنيوية على مستوى الفرد والجماعة سواء كانت دولة او تنظيما او عشيره …
إن مسؤوليتنا اعادة احياء السلوكيات والثقافة الأخلاقية في مجتمعاتنا وتطهيرها من الشوائب وإنقاذها من التجارة والإسترزاق وليعود “عالم الدين” الى مسجده وقريته واهله ،لينشر تعاليم الدين والأخلاق والفقه على قواعد الإسلام القرآني والسنة النبوية والإمامية وليس على قواعد العصبية الحزبية او الهوى او المصلحة !
نوجه النداء للمخلصين والصادقين ونقول أن المجتمع المقاوم ليس بخير على المستوى الديني والأخلاقي والأمن الاجتماعي والأُسري ولكي نستطيع مقاومة المشروع الأميركي الخارجي، لابد من البدء بإصلاح الداخل ليستطيع الصمود والمواجهة ولا يعود للقتال في سبيل الله سبحانه وليس في سبيل أحد ، لنضمن النصر الإلهي او الشهادة في سبيله ونكون من الرابحين في الدنيا والآخرة.
ان إغتيال قائد او تدمير ترسانة صاروخية وتعب سنين بالحفر والتجهيز،يمكن ان يكون سببه عميل باع دينه بدراهم معدودة او شهوة أو مصلحة أو حسد أو طمع في وظيفة ومنصب…فلنعد لبناء الإنسان المقاوم المؤمن الذي لا يخون أهله ودينه …