رأي

قمّة عربية طارئة : أمّةٌ رُميت في عراء وهي سقيم (عزيزة العلوي)

 

كتبت عزيزة العلوي* – الحوارنيوز

 جزء من العنوان ( أمة في عراء وهي سقيم ، مستوحى وليس مقتبسا من قوله تعالى ” فنبذناه بالعراء وهو سقيم ” ، سورة الصافات ،آية 145 ) وهو وصفي يعني ان حال الامة  كهيئة الفرخ الممعوط الذي ليس عليه ريش .

 

مرّت امة العرب بأزمات ونكبات وأتعبتها النائبات و المصائب ، ولكن لم تشهدْ مثلما حالها اليوم . صحيح عرفنا ” النكبة الكبرى ” عام  1948 و نتائجها ، ولكن بمقياس زمن النكبة والوقت الحاضر و ما شهده العالم من انتاجات في التحضّر والقيم والقوانين والإنسانية ، نجدُ انفسنا في ” نكبة اكبر ” ، حيث الوقاحة والإمعان في امتهان الحقوق وممارسة الظلم و الاستبداد ، وكأنَّ المُراد و المطلوب من ارباب الظلم و الاستبداد ،ليس فقط ارض فلسطين وأرض العرب وثرواتهم ،وهيمنة إسرائيل ،وانما تجريد العرب وغير العرب ،وامام الملء ، من عزتهّم و كرامتهم .

نعيش الآن حالة أرض فلسطين وشعب فلسطين، بل والمنطقة او خارطة الشرق الاوسط ، في المزاد العلني : نتنياهو يريد تغييرها ،والرئيس ترامب يريد توسّع اسرائيل ، والرئيس التركي اوردغان ،هو الاخر يقول ” اتفقنا مع الرئيس السوري ،على قرارات مهمة من شأنها تغيير مستقبل المنطقة ” .

أصبحَ الرئيس ترامب اكثر من نتنياهو صهيونيّة ،ويتفنّن في سخافة الطروحات ، ومحق وزير خارجية مملكة بلجيكا اكزافيا رويفير ،حين وصف امام البرلمان البلجيكي ،يوم 2025/2/9 ، تصريحات الرئيس ترامب ” صادمة و سخيفة ” .

أصبحَ مع ترامب فريق متجانس في الفكر والإداء ،ينبح ليل نهار عن تطلعاته وطموحاته ،ليس فقط بشأن فلسطين والقدس ،و الضفة وغزة ،و انما ايضاً بخصوص خريطة الشرق الاوسط و دوله .

نتنياهو يقترح  ان تحتض السعودية دولة فلسطين ، و ترّد عليه المملكة بتصريح تصفه فيه بانه صهيوني وابن صهيوني متطرف ،ولا يمكن للمملكة التطبيع مع إسرائيل مالم تقم دولة فلسطينية. صرحَ مايكل هاكبي ،والذي عيّنه الرئيس ترامب سفيرا في إسرائيل ، وقال “سنحقق تغييراً بأبعاد توراتية في الشرق الأوسط ،في ولاية الرئيس ترامب ” ، حسب ما وردَ في موقع تايمز أوف إسرائيل ، بتاريخ 2025/2/10 .

 

أستنتاجان يستحقان التدوين ،قبل الحديث او الكتابة عن القمم العربية المقبلة ،واقصد القمة الطارئة بتاريخ 2025/2/27،في القاهرة ، والقمة العادية في بغداد ،والتي لم يحدد بعد تاريخها .

 الاستنتاج الاول  : كانت امريكا  الغرب وكان حلفاؤهم  يتباكون على فقدان المنطقة لأمنها واستقرارها ، ويعزون ذلك إلى النفوذ الايراني . اليوم  لا نفوذ لايران لا في سوريا ولا في لبنان ، وكلا البلديّن مستباحان  من قبل امريكا وإسرائيل و تركيا وغيرهم من دول الغرب والناتو  ،والمنطقة تتدحرج نحو المجهول . لم تعدْ المشكلة أمن واستقرار المنطقة ،وانما اصبحت المنطقة مسرحا للهرج والمرج الأمريكي الاسرائيلي ، ومسعى لتهجير شعب فلسطين ،وتغيير خارطة المنطقة وفقاً للأبعاد التوراتيّة وعلى رغبة إسرائيل او ذوق الرئيس ترامب . فقد كنّا نعتقد ،وبناء على رؤية وتصريحات  ووعود امريكا ،بأنَّ غياب او انحسار النفوذ الإيراني في المنطقة ، وتغيير النظام في سوريا ، وتجوّل جنود اسرائيل بالقرب من دمشق ،سيجعل المنطقة تعيش بأمن وسلام  !

الاستنتاج الثاني : تبيّن وبوضوح وادراك بأنَّ المستهدف في المنطقة ،اليوم وغداً ،ليس ايران ولا تركيا ولا غيرهما، وانما العرب دولاً وشعوباً و جغرافية ،لانهم هم للأسف الأضعف في القوة والمواقف والأغنى في الثروات والمصالح . إسرائيل تتوسّع و تطمح بالأكثر على حساب جغرافية الدول العربية، وليس على حساب ايران او تركيا ،و امريكا تنهب اكثر واكثر من ثروات دول المنطقة ومواردها .

ما عسى العرب فاعلون في قمتهم الطارئة ،وقد مسّهمُ الضّرُ و فاتهم الرّكبُ ؟

ستسبق القمة الطارئة قمّة مصغّرة تضم مصر والمملكة العربية السعودية والامارات والأردن وقطر ،ومهمتها تحديد ما ينبغي تداوله و اتخاذه من قرارات في القمة الطارئة ،وبخصوص اعمار قطاع غزّة دون تهجير سكانه ،وستعرض خطة الإعمار على القمة لتبنيها كموقف عربي موحد .

تنتظر الشعوب العربية من القمة مواقف تتناسب مع خطورة المشروع الإسرائيلي الأمريكي الذي يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية والى تغيير شكل المنطقة، وبما يتماشى مع توسّع ومصالح إسرائيل . هل ستكون قمّة اللاءات : لا لتصفية القضية الفلسطينية،لا للتهجير ، لا لحل غير حّلْ الدولتيّن ؟

نعم ستكون قمّة اللاءات ، وعسى الا يكون مصير اللاءات مشابه لمصير اللاءات الثلاث العربية ،التي تبناها العرب في مؤتمر القمة في الخرطوم عام 1967 .

هل ستتخذ القمة قراراً بتجميد التطبيع  ؟

لا أظّنُ ذلك لأسباب،منها عدم حصول توافق او اجماع ، ومثل هذا القرار صوري وليس له فوائد ، وسيترك الخيار لكل دولة معنية بالتطبيع باتخاذ ما تراه مناسباً وفقاً لمصالحها و ظروفها .

 * باحثة في المعهد العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات /بروكسل/في 2025/2/13

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى