![](https://al-hiwarnews.com/wp-content/uploads/2023/03/علي-يوسف.png)
كتب علي يوسف – الحوارنيوز
لم نسمع حتى الآن أي نقاش جدي يوضح حقيقة مواقف الرئيس الاميركي ترامب في ما خص سياساته الاميركية وسياساته المتعلقة بالكيان الصهيوني ، والرابط بين هذه السياسات والمنطق الذي يحكمها ..!
كل الحديث عن جنون ترامب ،كما كان يقال عن جنون نتنياهو، ووصف طروحاته بضم دول والسيطرة على اخرى وضرورة توسيع الكيان الصهيوني والسياسات الجمركية، باعتبارها جشعا ترامبيا للمال ، كونه رجل استثمارات عقارية، وهو حديث بمضمون تبسيطي لا يرقى الى واقع الازمة التي تعيشها اميركا ، والتي تهدد بانهيارها الاقتصادي، وكذلك واقع ازمة الكيان الصهيوني بعد الانهيار البنيوي الاقتصادي، وبعد التهديد الوجودي للكيان في ما يتعلق بانهياره كونه البلد الآمن للعيش والاستثمار الاستقطابي في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة لتلبية مشروع احتكار وسائل التنمية في المنطقة، عبر السيطرة على ادارة استخراج الثروات والحداثة والتحكم في تنظيم وادارة وحماية الاستثمار في هذه الوسائل…
يرتكز مشروع ترامب على حاجة اساسية باتت ضرورية لتلافي انهيار النظام الرأسمالي الليبرالي الذي احدث فارقا كبيرا بين النظام المالي المتضخم وبين حجم السوق الفعلي، كما اسفر عن تحول النظام السياسي للرأسمالية الليبرالية (او ما يسمى مافوق الرأسمالية ) الى نظام مافيوي مالي جشعي خارج القيم والمعايير القانونية والانسانية والحقوقية ….
و هو لذلك وضع مشروعا يتكون من طروحات تتماهى وتستجيب للتحول الذي حصل في النظام السياسي من جهة، كما تستجيب لضرورات تلافي الانهيار المتوقع وتصحيح النظام الرأسمالي من دون اللجوء الى ضرب تضخم النظام المالي، كما حدث في ازمات مماثلة وذلك بتوسيع السوق الفعلي ليتوازن مع السوق المالي.
ويقضي المشروع ب :
١- اعتماد الوسائل المافيوية القائمة على التهديد والقوة والفرض في تحقيق المشروع بغض النظر عن القيم والحقوق والقوانين …
٢- ضم كندا بما تختزن من ثروات وكذلك غرينلاند وقناة بنما وخليج المكسيك الى اميركا، بهدف توسيع السوق ثرواتٍ واستثماراً..
٣- الاتجاه للسيطرة المباشرة وبالقوة على الثروات الطبيعية المختزنة اين امكنه ذلك في العالم، وخصوصا في الشرق الاوسط وأفريقيا وآسيا وحتى في اوروبا … وايضا بهدف توسيع السوق الفعلي ..
٤- فرض رسوم على مستوردات اميركا خلافا لمقتضيات اتفاق حرية التجارة وطلب “جباية حماية” من الدول التي تعتمد في امنه السياسي والوطني على اميركا، وذلك لمعالجة مشكلة حجم الديون الاميركية ولتأمين الحاجات المالية للاستثمار الاغتصابي من دون المس بثروات الشركات الأميركية..
٥- ولما كان ترامب يعتبر الكيان الصهيوني جزءا من أدوات الاستخدام للسيطرة ولتنفيذ مخططاته في منطقة الشرق الاوسط وفي افريقيا، وبما ان الكيان تعرض بنتيجة الحرب المستمرة الى ازمة تستوجب توسيع سوقه وموارده حتى لا تتحول الى ازمة وجودية، فهو لجأ الى اعتماد الطريقة المافيوية عينها لطرح ضرورة توسيع الكيان، ليس بسبب حاجاته السكانية، بل بسبب حاجاته الاقتصادية الملحة راهنا وفي المستقبل القريب، وهو لذلك يطرح المشاركة مع الكيان في تهجير الفلسطينيين من الصفة الغربية وغزة وفي الاستثمار في الثروات التي تختزنها غزة ،غازاً ونفطاً وموقعا سياحيا ً الخ .. كما ان مثل هذه الطروحات التوسعية ستمتد حكما الى لبنان وسوريا والاردن ومصر والسعودية، وإن بطرق وطروحات مختلفة بدأت بوادرها في الظهور ..!!
لا شك بأن مشروع ترامب ومخططاته ذات الاتجاهات المختلفة والمتناقضة شكلا في بعض الأحيان، كانت الدولة العميقة في اميركا بدأت السير نحو تنفيذه بحرب عالمية مقسمة تدريجا الى حروب مناطقية في محاولة لمعالجة ازمة النظام الرأسمالي الليبرالي قبل انهياره، من دون الاضطرار الى حرب شاملة ستتحول نووية حكما مع ما يعني ذاك من احتمالات مرعبة .. وباستعادة السيطرة عبر هذه الحروب على ما خسرته نتيجة صعود محور “البريكس” الذي تمدد بسرعة وبحجم واسع، خصوصا في آسيا وافريقيا والشرق الاوسط …
الا ان ترامب الذي يتميز بسرعة تحرك وبوقاحة في الطرح والتهديد يأخذ المشروع الى خطة تنفيذ صدامية قد تسرع في تفجير الحروب ، وتلغي تدرجها، وقد يوصل العالم الى مرحلة من الفوضى تضطره الى توسيع انتشاره الحربي، ما سيؤدي حكما الى تغييرات جذرية في النظام الدولي وفي التوازنات لن تكون في مصلحة اميركا حكما …
نقول ذلك لان التجارب التاريخية علمتنا ان كل الامبراطوريات تراكم اسباب هزيمتها كلما اضطرت الى توسيع انتشارها.
ومن البديهي مواجهة هذا المشروع الاميركي التسلطي الاستبدادي الاجرامي الذي يعتبر البشر”خدماً للجنس الابيض او لشعب الله المختار ” … يجب مواجهة هذا المشروع من قبل دول العالم عموما ومن قبل الاقليم خصوصا، وليس فقط من قبل الدول العربية، وعبر انشاء محور متماسك تحقيقا للامن الاقليمي وللامن الوطني لدول الاقليم …