الموقف الثابت للرئيس بري عنوانُ السيادةِ في مواجهةِ الاحتلال (غازي قانصو)
![](https://al-hiwarnews.com/wp-content/uploads/2025/02/غازي-قانصو-1-720x470.jpg)
بقلم د.غازي قانصو
أما وقد تمّ تشكيلُ الحكومة، على الرّغم ممّا صدر من مواقف وتصريحات كان بعضها مخلا بالأعراف العامة لا سيما تلك التي بُني عليها الكيانُ اللبناني، فلنتذكّر أنهُ في خضم هذه التحديات السياسية التي تواجه لبنان والمنطقة بعد حرب ١٧ ايلول الاسرائيلية-العالمية ضد لبنان. وشعبه، يبقى الاحتلالُ الإسرائيلي لفلسطين وللأراضي العربية، وعلى رأسها الأراضي اللبنانية في حدودهِ الجنوبية، قضيةً أساسيةً لا يمكن تجاهلُها. فمنذ عقود اي منذ نشأته، يمارس الكيان الصهيوني سياساته العدوانية ضد لبنان والبلدان العربية في انتهاك واضح للقانون الدولي، ضاربًا بعرض الحائط القرارات الدولية التي تدعو إلى الانسحاب من الأراضي المحتلة.
وفي مواجهة هذا الواقع، تتبلور المواقف الوطنية الراسخة التي ترفض الرضوخ أو المساومة، بل تقف موقفَ المتصدي القوي مُدافعًا عن حقوق المكونات اللبنانية، لا سيما المُكَوِّنُ الذي احتلت ارضه فحررها بعطاء الدماء والأرواح وبتحمل خسائر كبيرة في الثروات والممتلكات، فكما نُقِل عن دولة رئيس مجلس النواب اللبناني الأستاذ نبيه بري أنه قال بكل وضوح لمن ينبغي أن يسمع هذا الكلام: “إسرائيل شر مطلق، واستمرار احتلالها لأراضينا يستوجب مقاومتُه.”
إنه موقفُ حقٍّ أمامَ ازدواجية المعايير الدّولية، التي ترى في المحتل محقا، وفي مقاوم الاحتلال مذنبا، بل إرهابيا يجب الفتكُ به!
إنّ ما عبّر عنه دولةُ الرئيس الاستاذ نبيه بري هو موقفٌ مبدئي يستند إلى حقائق تاريخية وقانونية، كما ينسجم مع مدرسة سماحة الامام السيد موسى الصدر إمامُ المقاومة فهو الذي أطلقها للدفاع عن لبنان لا سيما عن جنوبه ضد الاعتدال الإسرائيلية. فالاحتلال الإسرائيلي للبنان لم يكن يومًا مجرد مسألة حدودية، بل هو جزء من مشروع توسعي يسعى لفرض الهيمنة وتقويض سيادة الدول المجاورة، وفرص الهيمنة لصالح مشروع الصهيونية العالمية التي تقف وراءَه دول كبرى.
ومن هنا، فإن مقاومة هذا الاحتلال ليست خيارًا، بل واجب وطني لا يمكن التهاون فيه. إلا أن المشكلة لا تكمن فقط في الاحتلال نفسه، بل في ازدواجية المعايير الدولية التي تتعامل معه. فبينما يُطالب لبنان دائماً بالالتزام بقرارات مجلس الأمن، تُمنح “إسرائيل” الحرية المطلقة في التملص من التزاماتها. وهو ما أشار إليه الرئيس الاستاذ نبيه بري حين طالب الإدارة الأميركية، باعتبارها ضامنة للاتفاقات، بإلزام “إسرائيل” بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 1701، الذي ينص على انسحابها الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة.
مقاومةُ الاحتلال: شرعيةٌ لا جدال فيها
عندما يتحدث دولةُ الرئيس الاستاذ نبيه بري عن مقاومة الاحتلال، فهو لا يخوض في شعارات سياسية للكسب السياسي الداخلي، بل يُؤكِّد على حق مشروع تكفله جميع القوانين الدولية. فإنّ حقَّ الشعوبِ في مقاومةِ الاحتلالِ هو مبدأٌ راسخٌ في ميثاق الأمم المتحدة، وهو ليس خاضعًا للنقاش أو المساومة.
ولبنان، الذي عانى طويلاً من الاحتلال والاعتداءات المتكررة، يدرك جيدًا أن أي تساهل في هذا الحق يعني فتح الباب أمام المزيد من الانتهاكات. فالمقاومة هي وسيلة دفاعية مشروعة ضد اعتداء مستمر، بعد ان تخلّت الدولة عن دورها خلال عقودٍ طويلةٍ من الزّمن.
وان المقاومة هي التي أجبرت الاحتلال على الانسحاب من الجنوب اللبناني عام 2000، وهي التي تظل اليوم صمام الأمان أمام أي محاولة للعودة إلى الهيمنة على الأرض اللبنانية.
رسالة واضحة إلى المجتمع الدولي
إن موقف دولة الرئيس الاستاذ نبيه بري ليس موقفا لبنانيا داخليا فحسب ، إنّما هو رسالة موجهة إلى المجتمع الدولي بأسره، تؤكد أن سياسة التغاضي عن الجرائم الإسرائيلية لن تؤدي إلا إلى المزيد من التصعيد وعدم الاستقرار. فالسلام الحقيقي لا يمكن أن يقوم على القوة الغاشمة، بل على احترام الحقوق المشروعة للشعوب، التي ضمنت لها شرائع السماء وقوانين الارض الدفاع عن نفسها بالمقاومة ضدّ الاحتلال.
خِتامًا، في زمن أصبحت فيه المصالح السياسية هي المحرك الأساسي للعلاقات الدولية، يبقى صوت الحق هو الميزان الأهم في مواجهة الاحتلال والاستبداد. وموقف الرئيس نبيه بري يعكس هذه الحقيقة بوضوح، إذ أنه يمثل موقفًا وطنيًا ثابتًا لا يقبلُ المساومةَ على السيادة، وعلى حق مكونٍ من اهم المكونات للكيان اللبناني، هذاةفي الاجتماع السياسي، ومن جهة أخرى طالما أن هناك أرضًا مُحتلة، ستبقى المقاومة حقًا، وطالما أن الاحتلال يواصل اعتداءاته، سيبقى لبنان في موقع الدفاع عن سيادته، مستندًا إلى قوة الحق، وإلى إرادة شعب لا يقبل الخضوع لأي شكل من أشكال الهيمنة، (وليتذكّر من يجب أن يتذكّر صعودَ المقاومةِ بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان لغاية انسحابه منه عام ٢٠٠٠ تحت وطأة ضربات المقاومة، وليس تطبيقا للقرار الدولي ٤٢٥، الذي لم تهتم إسرائيل بتطبيقه يوما. وللتذكير أيضًا بتاريخ ٦ شباط حيث كانت الانتفاضة ضد نظام الهيمنة. هذه الانتفاضة التي كانت إيذانا بالتفكير بقيام الاصلاح الضروري في لبنان، وبتأسيس جديد لدستور جديد.
التحية لصاحب المسيرة الأول القائد سماحة الإمام السيد موسى الصدر،
التحية لدولة الرئيس المُقاوم الأخ الاستاذ نبيه بري رئيس حركة؛ أمل افواجُ المقاومة اللبنانية،
التحية للشهداء لاسيما لسيد المقاومة وشهدائها، شهيدها الأكبر السيد حسن نصر الله امين عام المقاومة الاسلامية في لبنان،
التحية للمقاومين أينما كانوا في جبهاتهم.
التحية لأهل الجنوبِ أبطال الزحف الكبير لتحرير قراهم على الحدود.
التحية لعشائر البقاع وأهلهِ الأبطالِ الشُّجعانِ الأشاوسِ، الذين لا ينامون على ضَيم.
التحية لشعب لبنان المتآزر، المتعاون، في محبة *”لبنان الرسالة”* وكل أهله.
التّحية لكل العاملين من أجل عِزة لبنان وازدهاره ونمائه، ليكون الارضَ الطيبةَ الخضراءَ الأميزَ في هذا الشرق الكبير، وليبقى *”مِنبرًا حضاريا”* يشعُّ إلى العالم كله، بأفضل القدرات البشرية، في مجالات العلم والإبداع في الفكر والثقافة، ومثالًا إنسانيًا راقيًا في العيش المشترك الواحدِ والسِّلْمِ الأهلي.