رأي

ماذا تريد أميركا من المقاومة ؟ (نسيب حطيط)

 

د.نسيب حطيط – الحوارنيوز

 

على الرغم من إدعاءات الأميركيين والإسرائيليين ،بهزيمة المقاومة والإنتصار عليها، فإنهم يعترفون ضمناً انها لا زالت قادرة على تعطيل مشروعهم، وفي الحد الادنى إبقائهم في حالة القلق وعدم الإطمئنان، لا في لبنان ولا في المنطقة (عدم عودة المستوطنين مثالاً). ولذا يتابعون هجومهم بشكل مكثّف، لإستغلال المرحلة الصعبة التي تعيشها المقاومة وأهلها ،لإعادة تنظيم أوضاعهم وإستيعاب الضربات القاسية التي أُصيبوا بها وإعادة التموضع وهيكلة البنى التنظيمية والعسكرية والإجتماعية.

يجب ان يعرف أهل المقاومة مكانتهم وقوتهم وأنهم يوازنون قيمة وقوة الدول العربية والإسلامية التي اذا أشار لها “ترامب” بإصبعه لجأت مهرولة طائعة تحمل أموالها ودولها وتضعها على مائدة “السيد الأميركي”، بينما يحتفل الثنائي المتوحش ترامب- نتنياهو “بالبايجر الذهبي”  وربح الجائزة الكبرى بإغتيال” السيد الشهيد”!

أن تحتفل أميركا التي تحكم العالم وانها استطاعت مع شريكتها اسرئيل إغتيال قائد يؤيده مليون شيعي فقط  وبعض الوطنيين في لبنان ، يعني أن قيمة هؤلاء الشيعة وحلفائهم  وقوتهم وتأثيرهم يوازي قوة وقيمة مليار مسلم…  فهل هذا يعني هزيمة او قلّة قوة  للمقاومة وأهلها؟ واذا كانت المقاومة قد إنهزمت وغير موجودة فلماذا ترفضون مشاركتها في الحكومة؟

تعرف أميركا وجرّبت ذلك عام 83 (مقر المارينز)، وقبله السفارة الأمريكية في عين المريسة، واختبرت اسرائيل الشيعة في جنوب لبنان أكثر من مرة ، ولذا فإنهم يعرفون انه طالما أن المقاومة في لبنان قائمة، فإن المقاومة الفلسطينية في الداخل قائمة ومستمرة  وان سوريا لن تستقر وان إيران تمتلك عناصر قوة في الخارج  !

تضغط أميركا على المقاومة لاستدراجها للتفاوض، ولمعرفتها انها لا تستطيع القضاء عليها، وأقصى ما يمكن ان تصل اليه أميركا هو الحد من نفوذ المقاومة وتقييد حركتها على المستوى القتالي، لذا فهي تضغط للتفاوض وجاهزة للتنازل وإعطاء الحكم للمقاومة وحلفائها او ما تبقى منهم ،مقابل ان تلتزم المقاومة، بالشروط الآتية:

–  التعهد والإلتزام بعدم تهديد الأمن الإسرائيلي عبر تدمير الصواريخ البعيدة المدى التي تهدّد العمق الإسرائيلي  والاحتفاظ بأسلحتها الفردية والمتوسطة.

–  التعهد بعدم إسناد المقاومة الفلسطينية ميدانياً، كما حصل في حرب الإسناد او بالإمداد اللوجستي الذي كان الأساس في تسليح المقاومة في غزة،لأن إسرائيل ستكمل حربها على الضفة الغربية وغزة، لإنهاء المقاومة المسلحة في فلسطين.

– التعهد،بعدم التدخل في سوريا وعدم دعم أي مجموعات مسلّحة ضد سلطة” جبهة النصرة”، مقابل ضمان أميركا عدم مهاجمة جبهة النصرة للبنان.

 -تعهد المقاومة بعدم التدخل الإقليمي وحصر حراكها ونشاطها في لبنان .

ان أميركا وفي حال قبول المقاومة بهذه الشروط والتي عُرض بعضها أثناء حرب الإسناد (والتي تم الموافقة على بعضها ) فهي مستعدة لإعطاء قوى المقاومة ، ورفع الحصار والسماح للدول العربية بتحمّل نفقات إعادة الإعمار.

ستزيد أميركا ضغوطها على قوى المقاومة دون الوصول الى لحظة الصدام الميداني معها، لأنه ليس في مصلحه أميركا اشعال النار في لبنان ( حتى لا تخسر الساحة التي تدّعي انها تملكها الآن). والمقاومة ليس عندها ما تخسره أكثر مما خسرت، وهي في مرحلة القدرة على “إيذاء” التحالف الأميركي-الإسرائيلي وأدواته وعدم تركهم يهنأون بانتصارهم المزعوم …فإذا كانت المقاومة قد خسرت الساحة فهي قادرة على إلحاق الخسارة بالآخرين .

 نحن الآن في مرحلة عرض وإظهار أوراق القوة التي يملكها الطرفان، ومن يصرخ اولاً او من يتنازل اولاً… لكن الأكيد ان أميركا هي التي ستتراجع وتتنازل حتى تربح جزءا مما تريد..!

تعمل المقاومة ضمن قاعدة الأولويات ومصلحة أهلها ووطنها، ومن أهم أولوياتها الآن، حفظ أهلها ووجودها قبل اي عمل آخر على المستوى الاقليمي دون إعلان اي تنازل او التزام بتعهد…وكما يقول السيد المسيح (ع) (ماذا يجني الإنسان لو ربح العالم وخسر نفسه)…والأسوأ اذا خسر نفسه ولم يربح العالم!

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى