![](https://al-hiwarnews.com/wp-content/uploads/2025/02/67a2c22a4c59b75242243fd2-780x470.jpg)
كتب واصف عواضة – خاص الحوارنيوز
يكاد لا يصدق أحد ،غير الإسرائيليين بيمينهم ويسارهم ووسطهم ،ما سمعه من الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن “تهجير أهالي غزة وتحويل القطاع إلى منتجع سياحي تملكه أميركا”.
أول مرة سمع العالم كلام ترامب في هذا الصدد قبل فترة ، إعتبره الكثيرون “نكتة سمجة” أو “زلّة لسان” من ترّهات أقوى رجل في العالم ،لكن بعد أن كرره ترامب بجدية مطلقة أمام نتنياهو وعلى مسمع العالم كله ،فقد أخذ الذهول مأخذه في ضمير الرأي العام العالمي وعقله، بشعوبه وحكامه،إلا الإسرائيليين الذين نشروا استطلاعا يُظهر أن 72 بالمائة منهم يؤيدون مقترح ترامب.ولا غرو في ذلك ،حيث كان تهجير غزة وإالغاؤها من الوجود، الهدف المستتر الذي كمنت عليه إسرائيل منذ بداية حرب طوفان الأقصى، ولم يجرؤ على الإجهار به سوى بن غفير وسموتريتش،وهما أوضح الحالمين ب”إسرائيل يهودية نقية”.
في كل حال، وأيا يكن مآل هذه “التحشيشة الأميركية الجديدة”، فإنه من حق مصر والأردن ،بل من واجبهما ،أن تتملك الهواجس موقفيهما ،باعتبار أن وجهة “الترحيل القسري” للفلسطينيين هي أراضي بلديهما ،إذ على كل منهما أن يستقبل مليون فلسطيني،لدرجة أن مصادر أردنية ألمحت إلى” أن الأردن مستعد للحرب في حال تم إجبار الفلسطينيين بالقوة على الهجرة إلى أراضيه”. وقالت هذه المصادر” إن آخر ما تريده الأردن هو الحرب، وهي حريصة على التوصل إلى حل سلمي، لكنهم يصرون على أن الأردنيين سيغلقون الحدود إذا بدأ اللاجئون في العبور إلى البلاد”. ولا يقل الموقف المصري حدة عن الموقف الأردني ،حيث صمدت القاهرة في وجه الخطة الإسرائيلية لتهجير سكان غزة إلى سيناء طوال حرب الأشهر الخمسة عشر.إلا أن الرئيس الأميركي ،ونظرا ل”خبرته” بالمواقف العربية ،ما زال يعتقد بأن مصر والأردن قد يرضخان للضغوط، وسوف يجتمع ترامب قريبا بالرئيس المصري والملك الأردني ،وعندها سوف يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود.
إلا أن الموقف العربي الأكثر وضوحا في هذا المجال،جاء هذه المرة من المملكة العربية السعودية ،وهو موقف غير مسبوق في حدته ،حيث أعلنت الخارجية السعودية “رفضها القاطع المساس بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، سواء من خلال سياسات الاستيطان الإسرائيلي، أو ضم الأراضي الفلسطينية، أو السعي لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه.
وذكّرت الخارجية السعودية بمواقف ولي العهد لجهة إقامة الدولة الفلسطينية كشرط للسلام، وأكدت “أن هذا الموقف الثابت ليس محل تفاوض أو مزايدات، وأن السلام الدائم والعادل لا يمكن تحقيقه دون حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة وفقًا لقرارات الشرعية الدولية، وهذا ما سبق إيضاحه للإدارة الأمريكية السابقة والإدارة الحالية”.
ويبقى الموقف الفلسطيني هو الأساس حيال هذه الخطة الأميركية – الإسرائيلية الجهنمية ،وليس أدعى إلى الوحدة الفلسطينية في هذه المرحلة من أي مرحلة أخرى،لدعم غزة وأهلها ،وتعزيز صمودهم في أرضهم بشتى السبل،وقد أثبتوا خلال الحرب الأخيرة أنهم أهل لمثل هذا الصمود، على الرغم من المآسي التي حلت بهم. وأحرى بالسلطة الفلسطينية أن تغادر مواقفها السابقة ،لأن الكأس المرة الذي إذا ما تجرعته غزة ،لن يفوت الضفة الغربية،وعندها لن تبقى سلطة فلسطينية ولا من يحزنون ،حتى بالشكل.
إن الفلسطينيين في غزة اليوم أمام خيارين أحلاهما مر: إما “الرحيل عن غزة” ،أو “الرحيل فيها” إلى الآخرة.وحري بالعالم العربي والإسلامي أن يتداركهم قبل فوات الأوان .