رأي

قمة نتنياهو و ترامب: ماذا سيتّم فيها وما يُليها ؟ (عزيزة العلوي)

عزيزة العلوي – الحوارنيوز

كان مسار طائرة نتنياهو للوصول إلى امريكا اطول بكثير من المسار المُعتاد عليه قبل صدور امر القاء القبض عليه من محكمة الجنايات الدولية بتاريخ 2024/11/21.
هو و غيره متهمون بارتكاب جرائم حرب وابادة وجرائم ضّدَ الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني في غزّة ، وهذه اكبر وصمة عار تأريخية بحقه وحلفائه وداعميه من الدول الديمقراطية ،و المدافعة عن حقوق الإنسان ،و التي تفرض عقوبات على دول اخرى بحجة عدم احترامها لحقوق الانسان .
حريص جداً الرئيس ترامب ،و يتسابق مع الزمن من اجل التخلص من ملفات الشرق الأوسط و التفرغ إلى ماهو اهم ؛ التفرغ لذلك العملاق الذي يهدّد مصالح وهيمنة امريكا ،و اقصد الصين .

لماذا بدأ الرئيس ترامب مشواره بالشرق الأوسط ؟
لانه ( واقصد الشرق الأوسط ) هو الخاصرة الرخوة في العالم ،وفي متناول يديه، و المساحة المُستباحة والمفتوحة لاستخدام وتجربة كل أنواع الأسلحة ،دون مانع قانوني و دون وازع اخلاقي ، وهو أيضاً مسرح لعرض قوة واصرار ترامب . أوليس هو الذي بشّر بمبدأ ” السلام بالقوة ” ؟ و اي قوّة ؟ بتلك غير المشروعة ،والتي تصطدم بكل ماهو إنساني و اخلاقي .
والغريب في الأمر ، او الأكثر اثارة وعجب هو رغبة الرئيس ترامب في ان يكرمّه العالم بجائزة نوبل للسلام في نهاية هذا العام ،( حسب مانشرته جريدة هارتس الاسرائيلية ، بتاريخ 2025/2/1) ، لنجاحه في وقف اطلاق النار في غزّة و في لبنان ، ولربما يضاف إلى إنجازاته ،حتى نهاية هذا العام ، انجاز حلّه للقضية الفلسطينية،من خلال ،تصفيتها وتهجير سكان غزّة وإلحاق الضفة ،منطقة بعد اخرى ،إلى إسرائيل .

واثق الرئيس ترامب ،على مايبدو ، بنجاحه في خططه الموضوعة للشرق الأوسط ، و لملفات الشرق الأوسط ،وهي  القضية الفلسطينية وإيجاد مخرج لها بما يضمن مصلحة و رضا إسرائيل ،و رضا من هم خلف إسرائيل ، وثاني ملف هو الملف النووي الإيراني ،و أيضاً معالجته وفق ما تراه و تريده إسرائيل . نجاح ترامب في خططه لمنطقة الشرق الاوسط يمنحه ثقة و قوة و اقتدار لمواجهة الصين ، وخاصة إذا تزامنت نجاحاته لملفات الشرق الأوسط بإنهائه للحرب في اوكرانيا .
ماذا سيتناول الرجلان ( ترامب ونتنياهو ) في قمتهما ؟
لن تكْ قمّة عادية بل استثنائية بمواضيعها ، ولن تقتصر على غزّة و الضفة و انما ابعد من ذلك جغرافياً ،وستشمل حدود ومصالح دول أخرى ، لذلك سيستضيف الرئيس ترامب بعد لقائه نتنياهو كلا من الرئيس السيسي و الملك عبد الله الثاني ، في الأسبوع القادم .
صرح الرئيس ترامب اليوم ،وقبل لقائه نتنياهو ، بأنه سيناقش مع الأخير ضم اجزاء من الضفة الغربية إلى إسرائيل. كما عبّرَ أفيغدور ليبرمان عن شكره للرئيس على مبادرته لنقل سكان غزة إلى سيناء، ونقل مسؤولية القطاع إلى مصر، وقال ” من المهم أن نفهم أن مصر انسحبت من غزة قبل 68 عامًا، بعد أن كانت هناك لما يقارب 700 عام.  مدينة رفح تشبه برلين المقسّمة، حيث يوجد نفس العائلات ونفس اللغة على جانبي الحدود – المصري والغزّي، مساحة سيناء أكبر بـ 170 مرة من مساحة قطاع غزة، وعدد سكانها لا يتجاوز ثلث سكان غزة، لذا، فإن الحل للمشكلة يكمن في مصر. المصريون لديهم الخيار: إما حل المشكلة، أو الإبقاء عليها دون تغيير ” .
و حسبَ القناة 12 الاسرائيلية ، سيقترح نتنياهو على ترامب التركيز على النووي الإيراني والتطبيع مع السعودية وبعد ذلك المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار.
كذلك ،وحسب وول ستريت جورنال،ستبيع امريكا اسلحة جديدة وقنابل متطورة وثقيلة .

هل ينجح نتنياهو بموافقة ترامب على ضرب المنشآت النووية لايران ؟
لا اعتقد .
ليس لترامب رغبة في حرب جديدة في المنطقة و مع ايران ، وأمريكا و إيران قد سبقتا إسرائيل في ترتيب الأمور بينهما ،منذ اللقاء بين آيلون ماسك والسفير الإيراني في نيويورك في 2024/11/15 ، و بعد فوز ترامب في الانتخابات .

الرئيس ترامب سبقَ و ان توجهه بالحديث نحو إيران ليس بالتهديد و الوعيد ،و انما بالأمل للتوصل إلى اتفاق نووي جديد ،هكذا صرّح قبل يوميّن ، وقال ايضاً ” آمل حل القضية مع إيران بدون عمل عسكري ” ،ولكنه لم يتردد في القول ” ان إيران حكومة دينية خطيرة جداً والتعامل معها اصعب من التعامل مع الصين . آلت الأمور بارادة ايران او رغماً عنها الى تقليص نقاط الخلاف بينها وبين امريكا و الغرب لتقتصر اليوم على ملفيّن مهميّن هما ؛ الملف النووي الايراني ، وملف الحوثيين او اليمن و تداعياته المستعصية على الحل .
والرئيس ترامب سيكون بحاجة إلى إيران لابرام اتفاق نووي جديد ، وللضغط على الحوثيين لانهاء عملياتهم في البحر الأحمر ،ضد المصالح الأمريكية و الغربية والاسرائيلية . الرئيس ترامب يرى بأن الحروب والتوترات في منطقة الشرق الأوسط تشكّل عائقا كبيرا امام تحقيق طموحاته في تعزيز قدرات امريكا ومنافستها لتطور ونهوض الصين وقرب هيمنتها الاقتصادية على العالم، لذا يحاول الحيلولة دون وقوعها ،او اطفائها .
لن يتجاوب الرئيس ترامب مع نتنياهو بخصوص ضربة عسكرية يريدها الأخير ضّد المنشآت الإيرانية النوويّة .

*باحثة في المعهد العربي الأوروبي للسياسات
و تعزيز القدرات /بروكسل .
في 2025/2/4.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى