الجيش ال “بلا أخلاق”..والتوحش التاريخي !(نسيب حطيط)
كتب د. نسيب حطيط – الحوارنيوز
يقول الرئيس الإسرائيلي المؤسس “بن غوريون” في مذكراته انه في العام 1948 أمر بشراء مواد بيولوجية بمبلغ 2000 دولار، للإستفادة من تطوّر العلم وأهمية استخدامه في المعركة وتسهيل محاولة الجيش الإسرائيلي تسميم آبار في عكا وفي غزة بواسطة حقن جراثيم في مياه الشرب ، والتي تؤدي الى الإصابة بمرض “التيفوس والديزنطاريا”(الإسهال).
وكان الإسم السري للعملية “ارسل لأخيك” وقد شارك فيها “موشيه دايان” وتم تسميم الآبار في القرى الفلسطينية وتقرّر تسميم بعض الآبار في لبنان ضد القوات العربية التي تحاول إسناد الفلسطينيين ، بالتزامن مع قيام عصابات “الهاغانا”و “الشتيرن” بإرتكاب المجازر ضد المدنيين وإحراق البيوت وترهيب الفلسطينيين ودفعهم الى الهروب خارج فلسطين. وقد نجحت الخطة الإسرائيلية وتمت السيطرة على القرى الفلسطينية بواسطة الخوف والقتل.
بعد 70 عاماً تكرّر عصابات “الهاغانا” التي تحوّلت الى جيش نظامي، مخطط التهجير لسكان جنوب لبنان ،فيرتكب المجازر ضد المدنيين ويردم آبار المياه ويحرق الأحراج ويقتلع الشجر ويدمّر بيوت المدنيين و المساجد والكنائس، وكل العناصر التي يحتاجها السكان في القرى التي دمّرها بالقصف الجوي او المتفجرات، وصولاً الى هدمها بالجرافات، وما يزال ينشر أفعاله “اللا أخلاقية” والمتوحشة ،ضمن الحرب النفسية ضد السكان لتخويفهم وإرهابهم، وتوجيه الإنذار والتحذير الى القرى التي ما زالت صامدة ،بأن مصيرها سيكون مثل القرى الحدودية في حال آوت المقاومين او أحتضنتهم او وافقت على بناء قواعد لهم، وصولاً لتحريض أهل المقاومة على ابنائهم ومنعهم من إستعمال القرى ولو بالمرور فيها نحو العدو، ليتحوّل الأهالي الى حرّاس حدود للعدو .
تجاوز الجيش الإسرائيلي كل القوانين الدولية والأخلاقية، فلم يحصر قصفه بالمواقع العسكرية، بل يعتبر كل شيء في الجنوب موقعا عسكريا حتى قبور الموتى، فقد جرفها وحرث القرى وغيّر معالمها التي ستحتاج الى إعادة مسح للأراضي وتحديد الملكيات عند إعادة الإعمار، مع اشكالية لوجستية وفنية هي أن أكثر القرى غير ممسوحة وعقاراتها غير مفرزة وليس لها مستندات رسميه تحدّد حدودها!
أطلق الجيش الاسرائيلي على نفسه” الجيش الذي لا يقهر” فقهرته المقاومة في العام 2000 والعام 2006، فثأر لنفسه في العام 2024 ليكون “الجيش…الذي ليس له اخلاق”، يتصرف بحرية وغطاء دولي بهدف القضاء على المقاومة وأهلها دون إلتزام بقوانين الحرب او الإنسانية، بل أخذ شرعية لتوحّشه عبر القوات الدولية والولايات المتحدة الأمريكية والمنظومة الغربية والصمت العربي!
ما يقوم به العدو ،هو محاولة إذلال للمقاومة وأهلها وهزيمتهم نفسياً ومعنوياً،لتحقيق الأهداف الآتية :
- تثبيت معادلة ،أن الجيش الإسرائيلي لا يقهر وأن إسرائيل لا يمكن ان يهزمها أحد .
- تحريض الناس ضد المقاومة.
- تحميل مسؤولية ما يحدث للمقاومة ، نتيجة إسنادها لغزة.
- تأخير عملية إعادة الإعمار، لفترة زمنية تتراوح بين 5 و10 سنوات.
- الترهيب النفسي والضغط على الأهالي ،للتردد بالبناء ، نتيجة تكرار تدمير بيوتهم عند كل إجتياح ،بالإضافة الى منعهم من تأسيس الصناعات او المؤسسات التجارية او المنازل الفخمة، والإكتفاء ببناء منازل للعطلة الأسبوعية او الصيفية، بسبب الخوف والخطر الدائم من العدو الاسرائيلي الذي يعتدي على الجنوب بسبب او دون سبب ،وعنده سبب دائم يدّعيه – وهو غير موجود- هو حفظه أمن اسرائيل التي لا يهدّدها أحد، بل تهدّد وتعتدي على الجميع!
على المجتمع المقاوم ،عدم الخوف من التهديد وان يستمر في صموده ومقاومته العاقلة والشجاعة، مع اليقين بأن الأيام العجاف التي نعيشها لن تستمر وستزول بإذن الله، وسيعود للمقاومة وأهلها الكلمة الفصل .وكما أجبرت العدو على الانسحاب عام 2000 ستجبره على الإنسحاب مجدّداً، وما النصر الا صبر ساعة وفعلٌ عاقلٌ وشجاعة حكيمة.
أتمنى على “المقاومة” ان تبادر قبل عودة الأهالي الى قراهم، البدء ببناء المساجد وترميم المقابر،قبل البدء بإعمار البيوت .