أيران تستعد للتجاوب مع مطالب ترامب(عزيزة العلوي)
عزيزة العلوي- الحوارنيوز خاص
يتسابق الرئيس ترامب مع الزمن لتنفيذ ما وعدَ به، خلال حملته الانتخابية، ولتحقيق ما يصبو اليه، وفق شعارهِ “امريكا أولاً”، ووفق شعاره في السياسة الخارجية و العلاقات الدولية ” السلام بالقوة “.
فهو، في غضون أربعة ايام ،بعد تنصيبه ، انجزَّ كما يصرّح “اكثر مما أنجزته ادارة بايدن في اربع سنوات”.
طالبَ المملكة العربية السعودية بزيادة حجم استثماراتها في امريكا إلى تريليون دولار ؛ وطالب دول حلف الناتو بزيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي؛
و اعلن انسحاب امريكا من بعض اتفاقية الصحة والمناخ ؛ اصدر مراسيم بشأن الهجرة ؛ و ألغى حقوق المثليين في امريكا ،و اعلن تمسك امريكا بسياسة ذكر و أنثى فقط ،ورفضها للتحويل الجنسي .
لم يترك الرئيس ترامب دولة او موقع جغرافي لأمريكا مصلحة استراتيجية فيهما الاّ وتناولهما برغبة الاحتلال او الضّم ؛ مِنْ كندا إلى بناما إلى جزيرة غرينلاند.
قاسياً ترامب مع أصدقائه و حلفائه ،ولكنه دبلوماسي مع خصومه ، واول و اقوى الخصوم هي الصين .. تحدّثَ بكل وديّة مع نظيره الصيني ، و صرّحَ قائلاً بأنه لا يفضّل فرض تعريفات جمركية على الصين .
في احدث تصريح للرئيس ترامب ،اليوم ، عن روسيا وعن الحرب في اوكرانيا ،لم يخفْ رغبته في اللقاء فوراً مع الرئيس بوتين من اجل انهاء الحرب في اوكرانيا ،و يأتي هذا التصريح بعد تصريحات ،قبل يوميّن ،وُصِفتْ بانها غير متوقعة وغير وديّة تجاه روسيا وتجاه الرئيس بوتين ، وفُسِرت كرسائل ضغط من اجل ايقاف الحرب في اوكرانيا .
أعودُ الآن لموضوع العنوان ، للقول بأنَّ الرئيس ترامب يتوجّه بالحديث نحو إيران ليس بالتهديد و الوعيد ،وانما بالأمل للتوصل إلى اتفاق نووي جديد ،هكذا صرّح قبل ساعات ، وقال ايضاً ” آمل حل القضية مع إيران بدون عمل عسكري ” ،ولكنه لم يتردد في القول ” ان إيران حكومة دينية خطيرة جداً والتعامل معها اصعب من التعامل مع الصين و كوريا الجنوبية ” .
بماذا يفسّر سلوك الرئيس ترامب في تعامله مع إيران ،او بالأحرى ، تصريحاته عن إيران ؟
الجميع عَلِمَ بزيارة آيلون ماسك لسفير إيران في واشنطن بتاريخ 2024/11/15 ، حسبما نقلته صحيفة نيويورك تايمز ، اي بعيد فوز الرئيس ترامب ، والعنوان العريض للزيارة كان ” خفض التوتر في الشرق الأوسط” ، ولم يخفْ ترامب اهتمامه في تجفيف منابع التوتر وانهاء الحروب في المنطقة ،حتى قبل تنصيبه في البيت الأبيض ،وهذا ما حصل .
نريد القول بأنَّ أسسا لتفاهم واسع ربما وضعت بين إيران و الرئيس ترامب بخصوص المنطقة ،وبخصوص الملف النووي . و الطريق امام امريكا و امام ايران ممُهد الآن ،اكثر من ايَّ وقت مضى ، لابرام تفاهم واسع ، بفضل انتهاء اهم ملف شائك بينهما ، وهو ملف ” النفوذ الإيراني في المنطقة ” ، وكذلك تحجيم حلفاء ايران او ” اذرع ايران في المنطقة ” حسب السرديات الأمريكية او الغربية .
آلت الأمور بأرادة ايران او رغماً عنها الى تقليص نقاط آلخلاف بينها وبين امريكا و الغرب? ، لتقتصر اليوم على ملفيّن مهميّن هما ؛ الملف النووي الايراني ، وملف الحوثيين او اليمن و تداعياته المستعصية على الحل .
والرئيس ترامب سيكون بحاجة إلى إيران لابرام اتفاق نووي جديد ، وللضغط على الحوثيين لانهاء عملياتهم في البحر الأحمر ،ضد المصالح الأمريكية و الغربية و الاسرائيلية .
الرئيس ترامب يرى بأن الحروب و التوترات في منطقة الشرق الأوسط تشكّل عائق كبير امام تحقيق طموحاته في تعزيز قدرات امريكا و منافستها لتطور ونهوض الصين وقرب هيمنتها الاقتصادية على العالم، لذا يحاول الحيلولة دون وقوعها ،او اطفائها .
ليس فقط اللقاء الذي حصلَ بين آلون ماسك وسفير ايران في واشنطن مؤشّر على رغبة ايران ،وكذلك رغبة الرئيس ترامب او فريق مستشاريه على تجنّب الحرب ، وتبني حلول دبلوماسية للملف النووي و ملف الحوثيين ، رسائل ناعمة من إيران نحو العهد الجديد في امريكا ،ففي 17/1/2025 , وفي مقابلة تلفزيونية لنائب الرئيس الايراني محمد جواد ظريف ،صرّح وقال ” يجب ان لاتعد ترامب غولاً وعملاقاً ” ،في إشارة إلى تبديد المخاوف من تسلّم الرئيس الأميركي ترامب السلطة .
وصرّح ايضاً ،خلال حديثه في مؤتمر دافوس، وبتاريخ 2025/1/22، بأنَّ إيران لم تكْ تعلم بهجوم حماس على إسرائيل في 7 اكتوبر ،وا ضاف انَّ بسبب الهجوم أُلغي اجتماع بين امريكا و إيران كان مقرراً في يوم 9 اكتوبر .
*باحثة في المركز العربي الأوربي للسياسات وتعزيز القدرات ،بروكسل