رأي

المقاومة تربح الهدنة رغم الخسائر !(نسيب حطيط)

 

بقلم د.نسيب حطيط – الحوارنيوز

 

بعد ثمانية أيام، تنتهي هدنة “الستين يوماً” التي واصل فيها العدو الإسرائيلي حربه على لبنان من طرف واحد، واستباح جنوبي الليطاني،وقام بتمشيطه وتدمير كل مواقع المقاومة وتحصيناتها التي اكتشفها ومصادرة سلاحها ،بالتعاون مع القوات الدولية والطائرات الأميركية دون إعتراض من الجيش اللبناني او المقاومة التي التزمت باتفاق تشرين والقرار 1701 .

ربحت المقاومة “الهدنة” رغم الخسائر المادية والبشرية من تفجير للبيوت وقتل للمدنيين، والتي سيكمل العدو نهجه المتوحش حتى آخر دقيقة، ومع ذلك ستبقى المقاومة صابرة ملتزمة بوقف النار رغم كل الخروقات والاستفزازات، ليس لضعفها بل لحكمتها ولربح المستقبل.

كيف ربحت المقاومة وأهلها معركة الرأي العام ومعركة تشريع المقاومة محلياً ودولياً؟

– أظهرت المقاومة وأهلها الإستعداد، للإلتزام ،بالقرارات الدولية وإتفاق وقف النار، بشكل كامل ودون خرق واحد، بينما لم يلتزم العدو طوال ستين يوماً، وأعلنت المقاومة إستعدادها لعدم استخدام السلاح الذي تملكه، اذا استطاعت القرارات الدولية  او وجود البديللحماية لبنان!

– أكّدت المقاومة ، استرجاعها لمنظومة القيادة والسيطرة والهيكلية التنظيمية العسكرية، خصوصاً، والإنضباط العاقل والشجاع لعناصرها ،بمواجهة الاستفزازات الإسرائيلية وربحوا معركة الإنضباط وتنفيذ أوامر القيادة ولم تستطع اسرائيل استدراجهم لإطلاق النار وهم يبعدون عنها عشرات الأمتار، ولهم القدرة على إبادة بعض القوى المؤللة التي دخلت الى مناطق لم يستطع الإحتلال الوصول اليها في الحرب .

– أظهرت المقاومة ،بالدليل والبرهان وساعدها الاحتلال -بدون قصد- على صدقيّة قولها، بأن المقاومة حاجة وضرورة، لحماية لبنان والجنوب خاصة، فقد استطاع العدو الوصول الى “وادي الحجير” خلال ساعة وبقوة لا تتجاوز العشرين جندياً، بينما لم يستطع في العام 2006 طوال 33 يوما الوصول اليه ولم يستطع في العام 2024 بعد 60 يوما من القتال الإسطوري ان يصل اليه أيضاً، مما يثبت ان المقاومة قادرة على ردعه وقتاله ومنعه من الإجتياح البري المريح والسهل والسريع، كما حدث في إجتياح عام 1982.

– أكدت المقاومة بالدليل ،أن هذا العدو لا يلتزم بالقرارات الدولية والإتفاقات والتعهدات. فالقرار 425 الذي أصدره مجلس الأمن عام 1978 لم تنفذه اسرائيل بل اجتاحت لبنان عام 82 ووصلت الى بيروت، ولم يجبرها على الإنسحاب من لبنان عام 2000 إلا المقاومة بتنظيماتها المتنوعة والمتعدّدة، واي طرح لنزع سلاح المقاومة ،دون تأمين البديل الرادع والقوي، فسيكون الجنوب عرضة لإجتياحات جديدة ولابد من التفتيش عن بديل غير القرارات الدولية.

يمكن الا يلتزم العدو الاسرائيلي بالإنسحاب الكامل بعد ثمانية أيام، وان يبقى في بعض المواقع على الحدود ،فيكون قد ارتكب خطأ غبياً لصالح المقاومة،حيث أعطاها -بدون قصد-  بديلاً عن مزارع شبعا التي شكّك البعض بلبنانيّتها  (دون مبرّر) وأعلنها ارضاً سورية ،لسلب المقاومة أحد أوراق شرعيّتها ،  وعلى الدولة والراعي الأميركي والقوات الدولية، تحمّل مسؤولياتهم، للضغط عليه، وبما ان “إتفاق تشرين ينص على حق الدفاع عن النفس للطرفين “لبنان وإسرائيل”  ، واذا عجزت الدولة والقوات الدولية عن طرد الاحتلال ، يمكن للمقاومة استعمال هذا الحق ،بالتنسيق مع الجيش اللبناني والدولة اللبنانية  بالوقت المناسب وبالطريقة التي تراها، وليست مضطرة تحت ضغط المطالبات الشعبية،أن تبادر للعمل العسكري في اليوم التالي لانتهاء الهدنة!

ان “إتفاق تشرين” يؤكد شرعية المقاومة ،بإعتراف العدو الإسرائيلي، وسواء تضمّن البيان الوزاري للحكومة القادمة شرعية المقاومة او المعادلة الثلاثية من” الجيش والشعب والمقاومة” أو لم يرد ذكره ،نتيجة لضغوط داخلية او خارجية، فهذا لا يسلب المقاومة شرعيّتها،لأنها حق إنساني بالدفاع عن النفس ولا يحتاج الى قرار رسمي او دولي .

لقد ربحت المقاومة هدنة “الستين يوماً” رغم الخسائر، لأنها اظهرت للرأي العام ان الدبلوماسية غير المسلّحة والقرارات الدولية لم تستطع حماية لبنان سابقاً ولا حاضراً ولا مستقبلاً وتجربة القرارات الدولية في فلسطين و سوريا ومصر ،أثبتت ان القوة هي السبيل الوحيد لإجبار العدو للتنازل والإنسحاب، وان الدبلوماسية “مسكّن سياسي” لتسهيل إحتلال العدو للأرض ونهب الثروات.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى