اليمن… الذي صار أمّة !(نسيب حطيط)
د.نسيب حطيط – الحوارنيوز
يتقدّم اليمن الشجّاع صفوف الأمه العربية والإسلامية وحيداً لإسناد فلسطين ،بعد المقاومة اللبنانية التي قاتلت كربلائياً حتى الإستشهاد ولم تستسلم، وبعد المقاومة العراقية التي قيّدها الإحتلال الأمريكي.
ليس في اليمن الكثير من الجنرالات الذين يكثرون التصريحات والتهديدات،ففي اليمن قائد يقرّر وجنرال واحد “يُسرع” بإعلان البيانات، وملايين تتظاهر كل جمعة لنصرة غزة بوجه الظالمين من الغزاة، و لا يذيع اليمنيون ماذا سيفعلون، بل يعلنون ما فعلوا، ولا فاصل زمنياً بين التهديد والتنفيذ ،إلا شمسا ونهارا او قمر ليل واحدا.
إنهم اليمنيون الشجعان الذين يعطون المثل الملموس ،بأن القلّة المؤمنة تستطيع الصمود والقتال وإيلام العدو كما يؤلمها. واستطاع اليمنيون الشجعان الذين يعيشون تحت الحرب العالمية ضدهم والحصار منذ 10 سنوات، ولم يبق عندهم بنيان او منشأة او مطار، أن يبادروا لنصره غزة التي لم يستنكر أهلها “سلطة ومقاومة” العدوان على اليمن، ولا شكر اليمن إلا بخجل وهمس، وقد حقق اليمنيون ما عجزت عنه الأمة في تاريخ صراعها مع إسرائيل وفق ما يلي:
– إغلاق “باب المندب” والبحر الاحمر على السفن التي تتجه نحو العدو الاسرائيلي لحصاره واجباره على فك الحصار عن غزة، وباب المندب يتحكم في تجارة النفط العالمي وأكبر شريان تجاري للعالم، أقفله اليمنيون منذ عدة أشهر، بينما بقي مضيق “هرمز والبوسفور” مفتوحين ولم يقفلا!
– إغلاق ميناء “إيلات” الإسرائيلي منذ أشهر ولأول مرة في تاريخ الصراع العربي- الإسرائيلي.
– قصف “تل أبيب” بشكل يومي ومؤثر وفعّال من مسافة 2000 كلم ،بينما الدول العربية والإسلامية القريبة والمجاورة لفلسطين، صامتة وتمد العدو الاسرائيلي بالنفط والغاز والطعام وما يحتاجه.
– تجرّأ اليمنيون ولأول مرة ان يُسقطوا طائرة أميركية ويقصفوا مدمّرة أمريكية ولم يُسجّل في تاريخ العرب ذلك!
– أحرج اليمنيون وكشفوا عورات العرب والمسلمين، وخاصة مذاهب “أهل السّنة”، أنظمة وشعوباً وأحزاباً ورجال دين والذين يملكون السلاح لقلب الأنظمة وقتل المذاهب الأخرى، ويملكون المال و العديد البشري الذي يتجاوز المليار، لكنهم تركوا “سُنّة فلسطين” للقتل والاغتصاب والتدمير الإسرائيلي، ولم يغلقوا سفاراتهم ،بل ولم يعلنوا ان إسرائيل هي العدو بل قالوا ان إيران هي العدو!
يُقاتل اليمن الشجاع وحيداً ،بعدما قاتلت المقاومة في لبنان 14 شهرا وتصدّت لحرب متوحشة ،فقتل قائدها “السيد الشهيد” واغلب قياداتها وقدّمت مع اهلها 25,000 شهيد وجريح و400,000 وحدة سكنية ومليون نازح، ولم يساندها أحد، والآن يقف اليمن المقاتل وحيداً وهو يرى تساقط وتحييد وتقييد ساحات محور المقاومة الواحدة بعد الأخرى، وما زالت ايران تقف في موقف المتردّد وتنادي بالتفاوض وإرسال رسالة “شالوم”، وإيران لا تريد حرباً مع إسرائيل” في الوقت الذي كنا فيه في ذروة الحرب في لبنان ،مما طمأن العدو اننا وحدنا ولن يُنجدنا أحد!
نحن المقاومون الصادقون ،الذين قاتلنا مع إيران ،الخائفون عليها أن تسقط ،كما سقطت الساحات الاخرى وفي مقدمتها سوريا التي قصمت ظهر المحور !
ما زالت إيران ،تمتلك القوة التي تستطيع حماية الثورة وحماية ما تبقى من محور المقاومة،إن استعملت صواريخها في الوقت المناسب من دون تأخير او انتظار وعود التحالف الأميركي الإسرائيلي حتى لا تخسر موقع القوة وتذهب للتفاوض الضعيف ونخسر حلمنا بالدولة التي عشنا معها 40 عاماً، ونحن نرى بعض المؤشرات الإيرانية المقلقة سواء بالتردد بدخول الحرب او الرد على الإعتداءات الإسرائيلية بالشكل المناسب والقوي، وليس كرفع للعتب او في الداخل على مستوى السلطة وقراراتها من تأجيل قانون الحجاب (مع اننا ضد التلهي به الآن)، وكذلك تحرير وسائل التواصل التي يمكن ان تسهل التواصل بين المعارضة في الداخل ومع الخارج، في الفتنة التي بدأت اميركا بالتحضير لها ،لإسقاط إيران من الداخل مع الضربات الخارجية !
بادروا للمواجهة قبل فوات الأوان. لم يعد هناك ساحات تستطيع ان تؤازركم او تقوم بالدفاع نيابة عنكم، فبعض الساحات تكاد لا تستطيع الدفاع عن نفسها، لمواجهة هذا الهجوم الأميركي العالمي الشامل الذي يريد تغيير معالم الشرق الأوسط وإستبدال الإسلام والمسيحية بالديانة الإبراهيمية!
بادروا للشراكة بالقتال مع اليمن ،لحماية الثورة قبل فوات الأوان ،فما يزال الأمر ممكنا وما زلنا نحتفظ ببعض القوة التي نستطيع على الأقل ان نفاوض بها بشرف وتقليل الخسارة.
بعد لبنان واليمن لا عذر لأحد بعدم المواجهة…وكلفة الحرب الآن اقل من كلفة التفاوض الضعيف او الاستسلام…!