رأي
نقاش حيال مشروع تفتيت المنطقة وسبل المواجهة(خالد حدادة)
د. خالد حدادة* – الحوارنيوز
بعد عرض المعايير، وتحديد بعض القضايا، ربما حان الوقت لتحديد الموقف من كل قضية.
واؤكد بداية اني سأعرض الموقف، انطلاقا من سمتين، لأوفر على البعض عقدة:
السمة الأولى، اني لا أستفز، باتهام الخشبية، فهذا الاتهام سيق من قبل الاعلام الاميركي الغربي، وبعض من انتهز فرصة هزيمة المجموعة الاشتراكية، ليس ضد غورباتشوف ويلتسين ومن سبقهما ممن جمد الفكر الاشتراكي، أو حرفه، بل استخدم ضد كل من لم يستسلم للهزيمة، واستمر حاملا ولو بامكانيات ضعيفة،لواء المقاومة الفكرية للانحراف وللجمود، وأساسا مقاومة الفكر البرجوازي، بكل تفرعاته، ولذلك لا أشعر بالاهانة، عندما أتهم بالخشبية.
السمة الثانية، ان ما أعرضه ليس ثوابت محققة، بل أفكار واقتراحات، تدخل في باب المعرفة النسبية، وليس الحقائق المطلقة، فاتحا بابا واسعا للنقاش، بكل أشكاله.
لذلك لا تخيفني الاراء المخالفة، بل سأحاول الاستفادة مما هو نقد ابجابي وموضوعي منها بعيدا عن بعض الأسفاف الشخصي،الذي برز في بعض التعليقات.
وأعود للقضية الأولى،
في مشروع تفتيت المنطقة، المتقدم كجزء من المخطط الأميركي-الصهيوني، هل سنتمسك بسايكس-بيكو، أو بشعارات رفض التجزئة والتقسيم.
المؤسف، ان البعض خضع سريعا للقبول بنتائج الهزيمة،تحت هاجس السئ الموجود خير من الأسوء القادم.
هذا البعض، نسي ربما عن حسن نية، أن السئ الموجود، قدم للأسوأ القادم. نسي أن الموجود جاء لتكريس موازين قوى خلقتها نتائج الحرب العالمية الأولى، وتعدلت مرات كثيرة لصالح موازين القوى، وتحديدا في سان ريمو، ومن ثم تعدلت لصالح سيطرة انكلترا على منابع النفط، في الموصل والخليج، والأهم هو تكريس وعد بلفور، بمقايضة فرنسا على الالزاس واللورين.وبعد الحرب الثانية، أصبح الأميركي، بديلا عن التحالف الغربي.
لا نعتب كثيرا على هذا الذي لا يعرف من التاريخ الا سرديته السطحية. ونقول له أن السيطرة على فلسطين بدأت بعد وعد بلفور، كجزء من هذه المقايضة، فهل تعني دعوتنا اليوم للتمسك بسايكس- بيكو، اعترافا بكل ما استتبعه بما في ذلك، خلق الكيان الصهيوني ؟
من جهة أخرى، يتجاهل هؤلاء، ان المشروع الراهن للتفتيت، ما هو الا استمرار النهج سايكس-بيكو وليس نفيا له. وكذلك مشروع “اسرائيل الكبرى”، هو استمرار لمرحلة الفوري وبعدها ال٤٧، حين أعلن بن غوريون، قبوله قرار الأمم المتحدة على طريق “اسرائيل التوراتية” وليس بديلا عنها. و “اسرائيل الكبرى”، هذه ليست اختراع نتنياهو المجرم،بل هي جوهر المشروع الصهيوني ،بتمرحله، ويساره و يمينه.
في الأستنتاج، لن يكون التمسك بسايكس-بيكو، الا قبولا بكل ما استتبعه،بما في ذلك مشروع الدولة اليهودية الكبرى.
هل يعني هذا القفز فوق الواقع،والغرق بالرومنسية القومية،التي سادت بدايات القرن الماضي، أو قبولا بالتجارب “البسماركية”، الفاشلة في توحيد بعض البلدان العربية، حتما لا.
انها دعوة لصياغة برنامج متدرج ،لوحدة تأخذ بعين الاعتبار ما استجد من وقائع خلال القرن الماضي، وكذلك احترام التنوع بكل أشكاله، وضرورات التكامل السياسي والاقتصادي، واعتبار فلسطين عاملا حاسما في أي مشروع تكاملي ووحدوي،كما كان كيان العدو وما زال شرطا حاسما من واقع التجزئة الحالي أو ما يحضر له.
أما الجانب الثاني من نقاش هذه الدعوة للحفاظ، على سايكس-بيكو،تحت وهم “بناء الدول الديمقراطية،في كيانات سايكس بيكو”، فله نقاش لاحق.
*الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني