د.نسيب حطيط – الحوار نيوز
تحوّل العالم العربي الى طريدة ضعيفة، يفترسها مشروعان اقليميان ،بقيادة ورعاية أميركية:
– المشروع التركي ،بقيادة رجب طيب أردوغان لإحياء الخلافة العثمانية، او بالتعبير المعاصر “تركيا الكبرى” عبر الإسلام العلماني الجديد، الذي يستخدم “الإسلام التكفيري “المتعدّد الجنسيات، والذي يتنقل ما بين سوريا والعراق وليبيا وسيتمدّد الى بلدان اخرى .
– المشروع الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو لتأسيس “إسرائيل الكبرى” من النيل الى الفرات، والذي يتقدّم بخطوات سريعة لتحقيق المشروع التاريخي-التلمودي والذي يضم سوريا والعراق أيضاً.
لقد استطاعت اسرائيل بتحالف أميركي-عربي-غربي تحقيق بعض مشروعها جغرافيّاً (بصورة مؤقتة غير مستقرة ) بعد إبادة غزة وتحييد المقاومة في لبنان بعد العجز عن اجتثاثها، واحتلال سوريا والتقدم نحو العراق حيث تمتلك اسرائيل رأس جسر لها في إقليم كردستان .
الحصاد في كلا المشروعين ،سواء اسرائيل الكبرى وتركيا الكبرى، هو على البيدر الأميركي والغربي من جمهوريات وإمارات وممالك العالم العربي الضعيفة والغبية والمشتتة، التي تموّل كلا المشروعين من خلال تمويلها للجماعات التكفيرية لإسقاط الأنظمة ، كما حصل في ليبيا بعد اسقاط نظام القذافي، وبعد 13 عاماً لم يتم خلالها ترتيب نظام بديل، مع ان ليبيا لا تنوأ تحت صراع طائفي “سني- شيعي” او غيره. والآن سقطت سوريا والتي ستكون لها بالشكل سلطة مسلوبة القرار والقوة ، بما يعرف “بالماريونيت السياسية”، وستكون سوريا امام فوضى جديدة او دولة مقسّمة بين الاحتلال التركي والأميركي والإسرائيلي، ولن يكون هناك نظام مركزي مستقل في سوريا.
بسبب الشراكة في الجغرافيا بين مشروعي “سوريا الكبرى”و”إسرئيل الكبرى” في سوريا والعراق وثرواتهما من النفط والغاز والماء والزراعة، فإن التصادم بين المشروعين قائمٌ عاجلاً أم آجلاً، بسبب الفوقية والنخبوية الإسرائيلية التي تتعامل مع الغير وفق منظومة “شعب الله المختار”، ولا تحترم الإسلام ولا المسيحية، وبالتالي فإنها ستتعاطى مع تركيا بصفتها، خادماً وليست شريكاً. وعندما تنتهي من وظيفتها في تجويف الاسلام واسقاط الجغرافيا العربية او الإسلامية في جمهوريات آسيا الروسية ،سيتم الإنقلاب على أردوغان وتركيا ومصادرة ثروات في الجغرافيا والسياسة والإقتصاد.
لن يقبل التحالف الأميركي-الإسرائيلي شراكة تركيا في المشروع على مستوى القيادة والإدارة والأرباح، وسيحصر دورها في عمليه التنفيذ والحصاد ومنعها من الوصول الى البيدر النهائي، وستنتهي مرحلة التكامل والتنسيق بين المشروعين الاسرائيلي والتركي الى مرحلة التصادم وإبعاد تركيا عن اقراص العسل العربي!
ان الخاسر الوحيد هو العالم العربي، او ما كان يعرف بالأمه العربية التي سيتم تمزيقها وتقسيمها بالمقص الاميركي بذراعيه التركي والاسرائيلي، وبعدها سينتقل الى تدمير الإسلام،إما بتلقيحه بالجماعات التكفيرية او بالحروب الطائفية والمذهبية ، لتحضير الساحة العربية المشرقية “للديانة الإبراهيمية” الجديدة لتحل محل الرسالات السماوية، بعدما استطعت الماسونية والصهيونية العالمية من زعزعه المسيحية في الغرب وابعادها عن الساحة الاجتماعية والسياسية وتقويض مبادئها وأخلاقياتها ، بالمثلية والإنحرافات الأخلاقية.
الحرب التي يتعرّض لها العالم العربي والإسلامي، ليست حرب جغرافيا وثروات فقط، وإنما هي “حرب دينية” تشابه “الحروب الصليبية”، لكنها تدعو الى العقيدة “اللادينية ” وبإسم مخادع “الديانة الإبراهيمية”، لتعرية العالم العربي والاسلامي افراداً وجماعات من ثرواتهم ومن حريتهم ودينهم وأخلاقهم وتاريخهم، وتحويلهم الى عبيد يَفترضون أنفسهم احراراً ومستقلين!
الإستعمار الأميركي الجديد، يؤسس لعقود طويلة من الاستعباد والقهر والقتل ،إن لم تبادر بعض النخب الفكرية والوطنية من تأسيس مشروع عربي-اسلامي مقاوم ،يحفظ ما تبقى او يعرقل ويؤخر الإستعمار الأميركي، او على الأقل يسبب له الإقلاق والإزعاج حتى لا يهنأ بقتلنا واستعمارنا،وأولى الخطوات تعميم وتنمية “ثقافة المقاومة” وحصار “ثقافة الهزيمة” لإبقاء “جمرة” المقاومة، حتى لا تنطفئ في الأمة، بانتظار ريح تشعلها من جديد.