إيران..بين الخطأ الإستراتيجي والخديعة !(نسيب حطيط)
د.نسيب حطيط – الحوارنيوز
بعد سقوط سوريا بيد التحالف الأميركي-الإسرائيلي- التركي ،أصيبت إيران ومحور المقاومة بضربة قاتلة على مستوى الدور والتأثير في منطقه الشرق الاوسط و القضية الفلسطينية ،كمرحلة اولى ثم في الداخل الايراني كمرحلة ثانية،حيث يعمل التحالف الأميركي-الإسرائيلي منذ أكثر من عقدين، لقصف المفاعلات النووية الإيرانية .
بعد شهر من اجتياح عام 1982 وصلت قوات الحرس الثوري الى لبنان من البوابة السورية وبموافقة الرئيس حافظ الأسد، لمساعدة المقاومة اللبنانية على مواجهة الإحتلال الإسرائيلي، وكانت المرة الأولى التي تشارك فيها إيران في قضية القتال ضد اسرائيل وتوسعته من صراع عربي -إسرائيلي الى صراع إسلامي-إسرائيلي ومشاركة ميدانية انتجت ولادة “المقاومة الإسلامية” في لبنان.
بعد 42 عاما من الوجود الإيراني المسلّح والثقافي والسياسي في لبنان وسوريا ، تخرج إيران من البوابة السورية ايضاً، كلاعب اساسي في استمرار المقاومة الفلسطينية المسلحة بعدما وقّعت منظمة التحرير الفلسطينية على “اتفاقيات أوسلو” بالتخلي عن السلاح والتحوّل الى المقاومة السلمية والإدارة الذاتية للضفة الغربية.
والسؤال المطروح ، هل أرتكبت إيران خطأً استراتيجياً، بالتخلي عن دعم النظام في سوريا ؟
هل وقعت إيران، ضحية خداع تركي- روسي ؟
هل استطاع الإصلاحيون في إيران تنفيذ استراتيجيتهم، بعدم تصدير الثورة وشعار “إيران أولاً” و”شالوم” لليهود؟
للإجابة ،لابد من تقييم نتائج الانسحاب الإيراني من سوريا ومنع سقوطها ،بعد 14 عاماً من القتال مع النظام ،بهدف حفظ طريق “إمداد” المقاومة في لبنان وحماية “المقامات” المقدسة، فما الذي تغيّر بعدما خسرت إيران سوريا؟
– خسرت ايران الدولة العربية الوحيدة التي وقفت معها عند انتصار الثورة ودعمتها وساندتها في الحرب العراقية-الإيرانية وكانت النافذة العربية الوحيدة التي تثقب جدار الصراع العربي- الفارسي، وبخروج ايران من سوريا تكون إيران، قد خرجت من العالم العربي!
– خسرت ايران موقعها في قضيه الصراع الإسلامي-الفلسطيني،لأن سوريا كانت محطة التواصل والإمداد بين ايران وحركات المقاومة في لبنان وفلسطين، وعاد الصراع العسكري إلى صراع عربي-إسرائيلي، وفي السنوات المقبلة سيكون صراعاً فلسطينياً-اسرائيلياً او صراعاً بين بعض الفلسطينيين وإسرائيل!
– خسرت إيران أحد خطوط الدفاع الاساسي عن الثورة ،بعدما تمت إبادة غزة وتحييد المقاومة في لبنان وتقييدها والضغط على العراق من الساحة السورية ووضعه بين خيارين، الحياد او الفوضى.
ستضطر ايران ،للقتال في الداخل الإيراني وسيكون النظام بين مطرقة الإنتفاضات الشعبية الداخلية التي تتراوح بين المشروعية بالمطالبة بالحقوق، وبين الانتفاضات المموّلة والتي يقودها الخارج من انتفاضه “الحجاب” الى انتفاضة “المايوه” الى انتفاضات الكهرباء والماء وغيرها من العناوين التي تحترفها اميركا !
لابد من استعادة تجربة الإتحاد السوفياتي وانسحابه من افغانستان بعد الضغط الاميركي عبر الجماعات التكفيرية من “الأفغان العرب” الى” القاعدة وبن لادن” و”طالبان”، حيث انسحب السوفيات عام 1988 وتفكك الاتحاد السوفييتي عام 1991 عبر الإصلاحي “ميخائيل غورباتشوف” صاحب نظرية” البيريسترويكا _-إعادة البناء”، فكان الإنسحاب من أفغانستان المعول الأول في هيكل الإتحاد السوفييتي، ويمكن ان تكرّرها أميركا مع الروس ثانية وتكون “أوكرانيا” بداية تفكك الاتحاد الروسي ،خاصة ،بعد الخطأ الروسي بإسقاط النظام في سوريا وخروجهم من المياه الدافئة التي سعوا اليها مئات السنين.
ما زال الوقت متاحاً أمام إيران، لترميم ما تم تدميره من محور المقاومة ،عبر المبادرة للهجوم الإستباقي قبل ان يبادر التحالف الأميركي-الإسرائيلي،بتوجيه ضربة قاتلة لإيران، بالتلازم مع اشعال الشارع الإيراني واستغلال لحظة الارتباك والتفكك والهزيمة النفسية لمحور المقاومة.
الذكرى السادسة والأربعون لانتصار الثورة الإسلامية “شباط 2025” ،محطة مفصلية وحساسة ،فإما ان يستطيع النظام حماية الثورة واستمرارها او تكون منعطفا اساسياً ،لإسقاط الثورة !
حمى الله إيران وثورتها ،مع الدعاء ان يغادر قادتها دائرة التردّد القاتل والتهديد الهوائي، الى دائرة الفعل المقاوم قبل فوات الأوان، فلم تكن المقاومة في لبنان اقوى منهم، وقاتلت حتى الإستشهاد الكربلائي، وليس اليمن المحاصر والجائع اقوى منهم، وهو الذي اغلق باب المندب وهدّد التجارة العالمية وما يزال يقصف إسرائيل، وليست المقاومة العراقية اقوى منهم ايضاً!
إن سقطت الثورة ،سقطنا جميعا وعادت المنطقة للإستعمار “الإسرائيلي-الأميركي لعقود طويلة، وستحل “الديانة الإبراهيمية” محل الإسلام…
معركة إيران اليوم هي معركة الإمام الحسين (ع) في كربلاء لحفظ الدين ، وليس لحفظ الثورة ورفاهية شعبها ..فهل تبادر؟