رأيمن هنا نبدأ

“صلاة الجمعة الأميركية” في دمشق :ها قد عدنا يا صلاح الدين!(واصف عواضة)

 

كتب واصف عواضة – خاص الحوارنيوز

 

“وفد أميركي برئاسة كبيرة الدبلوماسيين بربرا ليف في دمشق اليوم الجمعة في 20 كانون الأول 2024 ، للإجتماع ب”هيئة تحرير الشام” وزعيمها أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) الذي ما يزال موضوعا على لائحة الإرهاب الأميركية”..

.. لو أن محللا سياسيا طرح هذا الكلام في أول الشهر الجاري، لقلنا إنه حالم وواهم ومنجم من طراز ميشال حايك وليلى عبد اللطيف. لكن الخبر صار حقيقة اليوم الجمعة في 20 كانون الأول عام 2024 .فيا سبحان الله ،وما أشبه اليوم بالأمس.

في الرابع والعشرين من يوليو/تموز سنة 1920، أي قبل مئة وأربعة أعوام بالضبط، تمكن الجيش الاستعماري الفرنسي
من هزيمة قوات الثورة العربية بقيادة يوسف العظمة في “معركة ميسلون”. وفي اليوم التالي دخل العسكر الفرنسي بقيادة الجنرال ماريانو غوابيه إلى دمشق للمرة الأولى. أما الجنرال “هنري غورو “فلم يدخل دمشق إلا في اليوم التالي، أي يوم 26 يوليو/تموز 1920.

وبينما فرّ الأمير فيصل إلى فلسطين ليكون تحت الحماية البريطانية، اتجه الجنرالان غورو وغوابيه إلى المسجد الأموي الكبير، حيث يوجد قبر صلاح الدين الأيوبي بالقرب منه. وداخل الضريح حدث شيء ما أغضب الحضور من المسلمين. وبعد الزيارة شاع القول بأن غورو لمس القبر بحذائه وقال: “ها قد عدنا يا صلاح الدين”.

اليوم يمكن أن تدخل بربرا ليف المسجد الأموي وتؤدي صلاة الجمعة “تحببا وتوددا” ،ثم تقترب من قبر صلاح الدين لتردد عبارة الجنرال غورو نفسها بشيء من الزهو والعنجهية والتجبر:”ها قد عدنا يا صلاح الدين”. وربما لن تجد من المسلمين اليوم من ينزعج من كلامها أو يجرؤ على ذلك.ذلك أن الطغيان الأميركي على المنطقة بلغ ذروته غير المسبوقة.

اليوم الجمعة في الرابع والعشرين من كانون الأول عام 2024 سيظل ماثلا في صفحات التاريخ ،ذلك أن “الفتح الأميركي” لدمشق ،ليس غايته البحث في مسائل هامشية جرى الحديث عنها كالإفراج عن مفقودين أميركيين في سوريا،بقدر ما هو مقدمة لرسم خرائط جديدة للمنطقة عبّر عنها مؤخرا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعبارة “تغيير وجه الشرق الأوسط” ،ولطالما ردد ذلك مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون ،ليس أبرزهم كوندوليزا رايس علم 2006 أمام السراي الحكومية اللبنانية في بيروت.

فليس حدثا عاديا أو طارئا هذا التحول الذي شهدته سوريا خلال الأسبوعين الماضيين ،والذي لم تكن الولايات المتحدة بعيدة عنه، والذي لن تنأى بنفسها عنه . وليس حدثا عاديا خروج روسيا وإيران وكل ما يمت إليهما بصلة من سوريا بهذه الطريقة ،ودخول أميركا بهذه العجلة إلى عاصمة الأمويين.

 إن مستقبل سوريا سيرسم مستقبل المنطقة بكاملها ،والخائفون على مواقعهم ومناصبهم وبلدانهم كثر،ولا ندّعي أننا من “الراسخين في علم المستقبل”،لكننا نردد مع كل هؤلاء : “ربنا لا نسألك رد القدر ..ولكن نسألك اللطف فيه”.  

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى