د.نسيب حطيط – الحوارنيوز
يواصل التحالف الأميركي-الإسرائيلي مشروعه لنزع سلاح محور المقاومة او تحييده وحصاره. فبعدما انتهى من الساحات الثلاث( غزة ولبنان”مؤقتا” وسوريا) ،أتجه نحو العراق عبر الأمم المتحدة التي وضعت العراق بين خيارين،إما نزع سلاح “الحشد الشعبي” وتفكيكه او انتظارجحافل داعش وأخواتها، بالتعاون مع تركيا،لإعادة غزوه.
أبلغ الاميركيون الحكومة العراقية والمرجعية في النجف ، بضرورة تنفيذ هذا القرار والإعلان عنه ،عراقياً على المستوى الديني والسياسي ، حتى لا يصيب العراق ، كما أصاب سوريا من تفكيك للجيش السوري ونزع السلاح وساحة مستباحة لإسرائيل وأميركا وتركيا والجماعات التكفيرية والعصابات.
يريد التحالف الأميركي-الإسرائيلي السيطرة على الشرق الاوسط ،من دون قتال ولا خسائر من باب التهديد والترهيب والوعيد، مع استغلال حالة الإنهزام والخوف عند أكثر الشعوب والحكومات ،بالتلازم مع نشوة النصر والقوة لملك اسرائيل “نتنياهو” الذي توعّد بتغيير معالم الشرق الاوسط وقيام اسرائيل الكبرى، وقد استطاع تحقيق بعض مشروعه ويريد ضم العراق ليصبح مجاوراً لإيران، ويصل الى حدود إسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات التي تكاد تصبح واقعية !
والسؤال المطروح، لماذا تريد أميركا تفكيك “الحشد الشعبي” ونزعه سلاحه مع ان قيادته ورواتبه وسلاحه من ميزانيه الدولة العراقية، وهو احد القوى العراقية الرسمية المسلّحة الى جانب الجيش العراقي والشرطة العراقية ،بينما تسكت اميركا عن”البيشمركة” الكردية التي تشبه الحشد الشعبي، مع فارق كبير ،أنها لا تأتمر بأمر الحكومة العراقية، بل تنفذ قرارات القيادة الكردية المنفصلة في اقليم كردستان، والتي تأخذ تمويلها من الحكومة العراقية المركزية، وتأخذ منصب رئيس الجمهورية العراقية الموحدة، وبالتالي ربح الأكراد في العراق “لقب” رئيس اقليم كردستان ورئيس العراق مع جيش مسلّح مستقل ،ولا تطالب أميركا بنزع سلاحه أو بتفكيكه، لأن سلاحه لا يهدّد اسرائيل ولا أميركا،بل يمكن ان يكون معهما!
يريد التحالف الأميركي-الإسرائيلي، نزع كل سلاح يهدّد أمن ومصالح اميركا وإسرائيل، وتحويل الجيوش العربية الى أجهزة شرطة كما شرطة السلطة الفلسطينية، واستكمال القضاء على محور المقاومة المسلّح،وصولا للقضاء على المقاومة كفكر ومنهج وأشخاص او إعلام .
ان تجربة الأخوة في العراق في غزوة “داعش” الأولى والتي استولدت الحشد الشعبي، تؤكد على وجوب بقاء “الحشد” وتقويته ، ضماناً لأمن واستقلال العراق، وان التنازل عن السلاح ،سيعيد العراق الى الذبح والسبي والتدمير، وستتكرر مذبحة “سبايكر” وسيدمّر التكفيريون “النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء” وكل المقامات.
ان تفكيك الحشد الشعبي ونزع سلاحه، لا يهدّد أمن العراق فقط، بل يهدّد وجود “المذهب الشيعي” في العالم على مستوى العقيدة والأتباع، وسيعود الشيعة الى زمن الأمويين والعباسيين والعثمانيين والمماليك، والى فئة يطاردها التكفيريون والاميركيون والإسرائيليون، وسيتم محو تاريخ “شيعي” كتبته أقلام ودماء الائمة(ع) والعلماء والشهداء طوال 1400 عام.
يتحمّل الشيعة العراقيون مسؤولية حماية المذهب الشيعي والنهج الحسيني، فإن سقطت كربلاء والنجف ،سقط “الفقه السياسي الشيعي المقاوم” ولذا فإن الحشد الشعبي له مهمتان :
- مهمة حماية العراق وأهله وثرواته واستقلاله وحفظ المنهج المقاوم في الأمة.
- مهمة حراسة العقيدة والمذهب الشيعي، وهو ليس شأناً عراقياً صرفاً، بل هو شأن شيعي عالمي،بعدما تم تدمير المذاهب السنيّة لصالح المذهب التكفيري.
نناشد المرجعية الرشيدة، وهي التي تعرف وتتابع وحريصة على هذا المذهب، عدم التنازل او المساكنة، وهي التي اصدرت فتوى “الجهاد الدفاعي” والتي لم يتم الغاؤها، بل يمكن تعميمها على مستوى الشيعة في العالم ، لحفظ المذهب واتباعه الذي يتعرّض لحرب كبرى.
نناشد قادة الأحزاب الشيعية في العراق الوحدة في الصف وعدم الإختلاف، فإن سقط الحشد الشعبي ،سقط العراق والاحزاب والمقامات، ثم عدتم أيها القادة الى النفي والتشتت في دول العالم.
على الأخوة في إيران ألا يعيدوا تكرار خطيئة سقوط سوريا، فإن سقط العراق صارت اسرائيل على حدودكم، وعندها يكون قد فات الأوان لأي مشروع مقاومة .
لقد صمدت المقاومة في لبنان وقدّمت أكثر من 25 ألف شهيد وجريح، وقاتلت 60 يوما وأغلقت البوابة اللبنانية أمام إسرائيل ، للدخول الى الشرق الاوسط وتغيير معالمه، فتراجعت إسرائيل ودخلت من البوابة السورية وبدأت تطرق أبواب العراق …
ما يزال الوقت متاحاً ،للإنتصار او عدم الإنهزام والإستسلام…