بقلم د. نسيب حطيط
يعيش أهل المقاومة في لبنان ،صدمة كبرى نتيجة الطريقة التي سقطت فيها سوريا ،بأيام معدودات دون مقاومة او دفاع ولا إعلان عن اتفاق سري او علني، لتسليم سوريا ،فالمقاومة التي لم تخرج بعد من صدمة اغتيال قائدها ومن جمع اشلاء مجاهديها الإستشهاديين الذين تصدّوا للإجتياح البري الإسرائيلي،فإذا بها تتفاجأ، بسقوط سوريا دون طلقة رصاص !
لا يزال الغموض يغطي احداث ماجرى في سوريا ..ويفجّر اسئلة كثيرة.
لماذا لم يقاتل الجيش السوري وأنسحب من مدينه تلو أخرى ؟
لماذا لم يتحدث الرئيس الأسد، بشكل رسمي ويعلن اعتزاله او تنازله عن السلطة ؟
لماذا لم يبادر شركاء سوريا( إيران وروسيا) للتدخل الميداني او الحماية السياسية النظام ؟
لماذا تفاجأت الدولة السورية والروس والايرانيون، بهجوم للمعارضة وهم الذين يقيمون في سوريا مع اجهزة مخابراتهم وحضورهم الميداني؟
لماذا هذه النهاية غير المشرّفة للرئيس الأسد.. إذا كان حيا وهارباً في طائره مجهولة ؟
لماذا تُرك الشعب السوري المؤيد للنظام والجيش الذي قاتل معه 10 سنوات دون ابلاغه عمّا يجري؟
لماذا تأخرت إيران وروسيا ،لنجدة سوريا وصدقتا الوعود التركية التي يمكن ان يعود المسؤولون الايرانيون ويقولون، لقد خدعتنا تركيا ، كما صرّح الرئيس الإيراني ان امريكا قد خدعت إيران ولم تُوقف إطلاق النار في غزه مقابل عدم الرد الايراني !
هل تم معاقبة الرئيس الأسد لدعمه المقاومة في لبنان والعراق وفلسطين وعدم التطبيع؟
الغضب والقلق ،يملأ صدور أهل المقاومة في لبنان وهم الذين سالت دماء ابنائهم في سوريا وفي ساحات حلب والقصير دفاعا عن خطوط الإمداد للمقاومة من اجل الدفاع عن لبنان وفلسطين ، وهم يرون ان صمود وقتال وتضحيات 10 سنوات ذهبت هدراً خلال 10 أيام!
لقد صارت المقاومة بين فكي كماشة، إسرائيلية في الجنوب وتكفيرية في الشمال، لتصبح كحال غزة في الحصار.
ونسأل…ألم يكن الجيش السوري وحلفاؤه قادرين على الصمود، إما لردع العدوان او لتثبيت تسوية سياسية تقوم على الشراكة بين النظام الحالي والمعارضة السورية ؟
ان إدارة الحرب والمفاوضات السياسية لمحور المقاومة، اثبتت انها لم تكن مناسبه للتصدي للمشروع الأميركي_الاسرائيلي، وان الشعارات التي رُفعت من تطهير المنطقة من الوجود الامريكي او إزالة اسرائيل من الوجود ،لم تكن متناسبة مع القدرات والامكانيات او في التوقيت .
وبدلاً من ان يكون طوفان الاقصى حدثاً ميدانياً، يزعزع الكيان الاسرائيلي ، ارتدت مفاعيله عكسياً حتى الآن ،فتم إبادة غزة وحصار ساحة لبنان وسقوط سوريا والخوف ان تمتد ،لإسقاط إيران !
مَن سيوقف الهجوم الامريكي الهادف لتفكيك محور المقاومة واستباحة واستعمار ما تبقى من العالم العربي؟
يبدو ان المقاومة في لبنان كانت عمود الخيمة ،لمحور المقاومة وبعد 60 يوما من اغتيال قائدها “السيد الشهيد”… سقطت سوريا!
ان تحييد مقاومة لبنان وتقييد سلاحها وسقوط سوريا وخروجها من دائرة الصراع مع العدو الاسرائيلي او دعم المقاومة هو بداية انهاء القضية الفلسطينية او الدولة الفلسطينية وإقفال ملف الصراع العربي_الإسرائيلي، لأن من كان يحمل هذا اللواء ورأس الحربة،المتمثل بالمقاومة اللبنانية قد تم تحييده ،إلا اذا استغلّت حركة حماس الحليفة للمعارضة السورية والمسرورة بتوليها السلطة ،واشعلت جبهة الجولان لدعم نفسها في غزة ودرعا … كما طلبت سابقاً من المقاومة في لبنان بفتح الحدود وعاتبتها بان ما تقوم به غير كاف؟
من قصّر في نجدة سوريا وساهم بسقوطها بقصد أو غير قصد ، سيدفع الثمن عاجلاً ام اجلاً،وكان من الأشرف للرئيس الأسد إذا كان حيا،أان يُقاتل حتى الإستشهاد دفاعاً عن تاريخ أسرته التي حكمت اكثر من 50 عاما وألا يغادر سوريا لاجئاً يطلب السلامة والأمان!
الموت في ساحة الميدان، أشرف من العيش في الخارج، وكان الأفضل لسوريا وشعبها وحلفائها سلوك الطريق الوسط ،إما الشراكة مع المعارضة غير التكفيرية او التنازل السلمي عن السلطة لحماية الشعب والدولة والمؤسسات.
ان سقوط سوريا في كانون2024،يمثل النكسة الثانية في الصراع العربي_الإسرائيلي بعد نكسه حزيران 1967 .
لن نخاف ولن نتراجع عن ثوابتنا …ولن ننهزم ،لكننا سنكون أكثر واقعية وحكمة وعقلانية وحذراً ووعياً وفطنة وسوء ظن بالأصدقاء وعدم ثقة بالأعداء .