رأي

ماذا تخطط أميركا للشيعة ودور الطائفة في المرحلة المقبلة؟(نسيب حطيط)

 

د.نسيب حطيط – الحوارنيوز

تقول الأنباء أن حركة “فتح” (السلطة الرسمية)  وحركة “حماس” (المقاومة المسلحة”) اتفقتا على وثيقة تأسيس “لجنة الإسناد المجتمعي” لإدارة قطاع غزة في اليوم التالي للحرب ،إستجابة للضغوط الأميركية ،بعد رفض إسرائيل تسليم السلطة  في غزة لكلا الطرفين (فتح وحماس) ، وفق الشعار الذي رفعه “نتنياهو”( لا فتحستان ولا حماسستان) ووجوب إسناد هذه السلطة الى لجنة أهلية تتشكل من الشخصيات الاجتماعية والعائلية والعشائرية وبعض المستشارين من خارج التنظيمين، وحتى من خارج الاراضي المحتلة او غزة ومندوب أميركي.

 وبموجب هذا الاتفاق ستكون هذه اللجنة تابعة للسلطة الفلسطينية(شكلاً) وتتولى إعادة الإعمار ومعبر “رفح”. والملفت في هذا الإتفاق ،أن مدة عمل هذه اللجنة غير محدد بوقت معين،و إنما تم تحديد توقيت مطاط يمكن ان يستمر لسنوات حيث ورد في البند السادس من الاتفاق (استمرار عمل اللجنة حتى زوال الأســبــاب الـتـي أدت إلــى إنـشـائـهـا، أو إجــراء الانتخابات الـعـامـة، أو اعتماد صيغة أخرى متفق عليها) حيث ان صياغة البند السادس يؤشر الى عدم إمكان انهاء عمل اللجنة، سواء بقرار إسرائيلي-اميركي (زوال الأسباب) او بقرار فلسطيني (اجراء الانتخابات العامة او اعتماد صيغة أخرى متفق عليها) !

بعد تكرار نموذج غزة العسكري بنسبة كبيرة في لبنان على مدى شهرين، والذي استطاعت المقاومة تقصير مدته الزمنية لشهرين فقط، بدل الوقت المفتوح نتيجة صمودها والخسائر المعنوية والمادية التي الحقتها بالعدو ،يبدو ان نموذج غزة السياسي سيتم تنفيذه في لبنان بنسخة معدّلة،لاعتبارات موضوعية وواقعية، سيكون وفق خطة “تحجيم الدور الشيعي” في لبنان الذي تمثّله الثنائية وتقليم اظافرها على المستوى السياسي او الإداري او الاجتماعي، من دون الوصول الى التصادم الداخلي معها الآن، وربما في وقت يكون مناسبا للمشروع الأميركي بإنتظار مرحلة الشيعة بدون قيادات تاريخية، بعد خطف و إغتيال ووفاة اغلبية قياداتها الأساسية وعدم وجود قيادات بديلة شبيهة او ذات كفاءة.

 ستعمل اميركا ،بالتعاون مع العدو الإسرائيلي لإطباق الحصار على “الثنائية الشيعية” كما أطبقت الحصار على الثنائية الفلسطينية(فتح حماس).  وبداية هذا الحصار او التدجين والتهجين، سيكون في إلغاء الدور الرئيسي للثنائية في اختيار رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والحفاظ على دورها ،كمشارك غير مؤثر،لأن اميركا وحلفاءها العرب ،قادرون على تأمين أغلبية “الثلثين” في المجلس النيابي التي يحتاجها انتخاب رئيس للجمهورية تختاره اميركا مباشرة او مواربة، وكذلك الأمر بالنسبة لتسمية رئيس الحكومة وتشكيل الحكومة واختيار الوزراء والتعيينات الإدارية والعسكرية فيما بعد، وربما لن يكون هناك تمثيل تنظيمي حزبي للثنائية الشيعية في الحكومة بل مداراة لهم،وسيكون الشعار حكومة “مستقلين وتكنوقراط”، لكنهم في الحقيقة ينفذون المشروع او الاملاءات الأمريكية مع تعهد أميركي_عربي بدعم لبنان اقتصاديا ورفع الحصار عنه والحماية السياسية واسترجاعه للحضن العربي.

تنتظر اميركا والعرب إعادة الإعمار، وفي حال تقصير إيران بدفع التعويضات الشاملة(اكثر من 50 الف وحدة سكنية ومحل تجاري وصناعي)  ستواجه العتاب الشيعي، خاصة انها لم تشارك ميدانياً ولا تتولى اعادة الإعمار الشامل،فيبادر العرب للإعمار مع موجباته السياسية القادمة.

لا بد للشيعة ولتنظيماتهم وقياداتهم ان يحسنوا وبدون مكابرة ، إدارة اللحظة السياسية التي يعيشها الشيعة ومراجعة إدارتهم السابقة ووجوب الإعتراف ان اللحظة السياسية والميدانية التي يعيشها الشيعة، ليست كالسابق، خاصة الفترة التي امتدت منذ 2006 حتى حرب اسرائيل الرابعة عام 2024 .

صحيح اننا لم ننهزم، لكننا تعرّضنا لصفعات قاسية، كادت ان تقتلعنا من الجذور(ولم تنته بعد) ونحتاج لفترة زمنية، لاستعادة ما خسرناه ، او الحفاظ على ما تبقى، وهي الفترة المرتبطة بإعادة الإعمار، والتي يمكن ان تطول لثلاث او اربع سنوات، وتجري خلالها الانتخابات النيابية القريبة، وسيعاد تشكيل النظام السياسي اللبناني بما يشبه النظام السياسي بعد اجتياح عام 1982 ، والذي يمكن ان يعمل لتشكيل (لجنة إسناد مجتمعي شيعية) كما  تم في غزة، مع تعديل في القرار ان يكون هناك شراكة بين “الثنائية” و “لجنة الإسناد المجتمعي، خلافا ًلما سيكون في غزة، حيث قبلت (فتح وحماس)بالإكراه ان تتنازلا عن نفوذهما وسلطتهما وتوقّعان على لجنه الإسناد المجتمعي!

هل سنحسن قراءة الأوضاع بموضوعية من دون مكابرة او مغالاة بالقدرات والقوة، للتمكن من إفشال المشروع الأميركي؟

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى