قراءة في نصوص وتفاهمات “إتفاق تشرين “(نسيب حطيط)
د.نسيب حطيط – الحوارنيوز
بعد التأكيد على إنجازات المقاومة الكربلائية في الميدان واستثمار هذا الصمود في المفاوضات السياسية للوصول الى “إتفاق” الحد الأدنى من الخسائر والتنازلات داخلياً وميدانياً ،لتعطيل الهدف الرئيس للحرب، وهو القضاء على المقاومة وإجتثاثها عسكرياً وسياسياً واجتماعياً واجتثاث الفكر المقاوم والانتهاء من فكرة المقاومة المسلحة على مستوى الصراع الإسلامي- الإسرائيلي (بعد انتهاء الصراع العربي -الاسرائيلي) وحصره ،والمفاوضات السياسية التي ستكون نتائجها كما هي نتائج معاهدات “كامب ديفيد” و “وادي عربا” و “اوسلو “لصالح العدو الإسرائيلي.
وبعد توقيع “الاتفاق” بين لبنان واسرائيل والمقاومة ضمناً ،لا بد من تسليط الضوء على مضمون هذه الورقة المعلنة وبعض ما تم التفاهم عليه بشكل غير مباشر ،حيث ان هذا القرار يتضمن إشكالات متعددة والتباسات في فهم مضامينه ،بمصطلحات مطاطة، يمكن تفسيرها وفق معادلات توازن او إختلال القوى بين المقاومة والتحالف الأميركي – الإسرائيلي، ولذا فإن تنفيذ “إتفاق تشرين” سيكون موضع جدال يومي ،لإبقاء حالة التوتر والقلق داخل الشارع “الشيعي” لعدم اعطاء المقاومة فرصة التقاط الانفاس وجعلها في حالة استنفار دائم، لمواجهة أي مداهمة او اعتقال او فعل قضائي يمس أمنها وقياداتها وانصارها، وذلك لتأمين الوقت اللازم للطرف الأميركي ،للإطباق والسيطرة على مقاليد السلطة ومفاصل الإدارة والتعيينات وإسقاط النظام السياسي والأمني في قبضته، ومن ثم تحريك هذه المراكز لمواجهة المقاومة، سواء بالمعطى الصدامي المباشر او الحصار والتضييق والمراقبة الدائمة ،يمكن تسليط الضوء على بعض النصوص الاساسية:
– ان قرار وقف النار يرتكز على مرجعية القرار 1701، مضافاً اليه، كل القرارات الدولية السابقة، حيث ورد في أكثر من فقرة ( قرار مجلس الأمن رقم 1701 والقرارات السابقة له) خاصة القرارين 1559 المتعلّق بحل الميليشيات المسلحة ونزع سلاحها في كل الاراضي اللبنانية والقرار 1680 المتعلّق بالحدود اللبنانية السورية.
– تتكرر في بنود هذا الاتفاق عباره (إبتداء من جنوب الليطاني) حول مسالة مصادرة السلاح والادوات المساعدة وتفكيك وتدمير والمنشآت والمصانع، وهذا يعني ضمناً شمولية هذا القرار والقرارات الدولية السابقة له لكل الاراضي اللبنانية وعدم حصره في جنوب الليطاني ليصبح كل لبنان منطقة خالية من السلاح والمسلحين وبالتالي نزع سلاح المقاومة !
– نقل مرجعيه تنفيذ “إتفاق تشرين” الى اللجنة المشرفة على تنفيذه، برئاسة ضابط أميركي، ما يلغي دور الأمم المتحدة ،كمرجعية مباشرة ويجعل القوات الدولية والجيش اللبناني أداة تنفيذيه للجنة التي ستكون في أغلبيتها لصالح العدو الاسرائيلي ثلاثة اصوات امريكا وفرنسا واسرائيل ،مقابل لبنان .
ح- تكرار عبارة(غير المصرّح بها ..) ( تفتيش وتفكيك المواقع والبنية التحتية غير المصرح بها ومصادرة الأسلحة غير المصرّح بها ومنع وجود الجماعات المسلحة غير المصرّح بها) ما يجعل المقاومة امام خيارين :إما التصريح عن اسلحتها ومواقعها ومنشآتها الى الجيش اللبناني، وبالتالي ستكون بشكل مباشر او غير مباشر امام اللجنة المشرفة وبعدها بيد العدو الاسرائيلي ،ما يفقد المقاومة أحد اهم أوراقها السرية او الصدام مع الجيش والقوات الدولية.
– تعديل نهر الليطاني في منطقه (يحمر الشقيف) وضم قلعه الشقيف وجزء من”أرنون ويحمر” الى منطقة جنوب الليطاني وبدل ان تكون المنطقة العازلة بعمق 10 كيلو متر وفق الطلب الاسرائيلي فإن مصطلح “جنوب الليطاني” سيضع مدينه صور ضمنا بعمق 25 كلم، وهذا ما يزيد من جغرافيا الأمان للعدو الإسرائيلي، وكان لابد من تعديل مصطلح جنوب الليطاني الى عمق محدد بالكيلومترات.
مع التأكيد على ان القبول بوقف نار كان واجباً وهدفاً مطلوباً،(إتفاق الضرورة) لحفظ وانقاذ المقاومة وأهلها أمام الإجتياح الاميركي -الاسرائيلي، لكن علينا التعاطي مع الواقع على ان الحرب لم تنته وعلينا حتى في اجواء وقف النار ان نعيش سلوكيات الحرب من ناحية الحذر الامني او التنقل او الاقوال والافعال والصور والاجتماعات وكذلك المصروف والإقتصاد وعمليات إعادة البناء (الإبتعاد عن الزخرفة والجماليات) حتى لا ننكشف مرة ثانية، كما في المرة الاولى وتم دفع الثمن غاليا ،لأن العدو يريد الاستفزاز والابتزاز،لإستكمال مشروعه. وقد ساعدت ظروف متعددة لوقف النار ،منها الركيزة الاساس صمود المقاومين وحصول الطرف الاميركي على جزء كبير من حصته(في لبنان) بالإضافة للحاجة لتهدئة جبهة لبنان، للتفرغ لجبهة سوريا التي ستكون الساحة الثالثة بعد غزة ولبنان.