سياسةمحليات لبنانية

كلمة الرئيس بري: خارطة طريق نحو الاستقرار والتنمية(غازي قانصو)

 

بقلم د.غازي قانصو – الحوارنيوز

شهد لبنان حربًا مدمّرة مع إسرائيل خلّفت دمارًا هائلًا في البنية التحتية، وأودت بحياة آلاف المدنيين، وكثيرا من الجرحى، وتسبّبت في تهجير قسري لأكثر من مليون وثلاثمائة ألف شخص.

في ظل هذه الأزمة الكبيرة برز الدور الإيجابي لدولة الرئيس الأستاذ نبيه بري، الذي ساهم بفاعلية في المفاوضات التي أدّت إلى وقف إطلاق النار، مجسّدًا حكمة القيادة في أشدّ الأوقات صعوبة.

 

لقد أدّى الرئيس بري دورًا متميّزًا خلال الأزمة الناتجة عن الحرب بين لبنان والعدو الإسرائيلي، حيث تصدّر المشهد السياسي بمسؤولية وحكمة. قاد مفاوضات حاسمة مع المجتمع الدولي وممثلي الدول المؤثرة، مؤكدًا حقوق لبنان وسيادته، وساعيًا إلى وقف العدوان وحماية المواطنين من تبعات الحرب. كما استطاع بناء قنوات تواصل فعّالة مع الأطراف الدولية، مما ساهم في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وفتح المجال لمعالجة التداعيات الإنسانية والاقتصادية الكارثية.

وتميّز دوره بالحزم والدبلوماسية، مجسّدًا القيادة الوطنية الرشيدة؛ الفعّالة، والحكيمة، التي تجمع بين حماية المصالح الوطنية وتحقيق الاستقرار الإقليمي في لحظة مفصلية من تاريخ لبنان.

 

في التحليل واستخراج الاستنتاجات من كلمة الرئيس بري:

 

أولًا: الدعوة إلى عودة النازحين اللبنانيين

إنّ دعوة رئيس مجلس النواب اللبناني للنازحين إلى العودة تعكس إلحاحًا لإعادة بناء الوطن رغم الدمار. استخدام كلمة “ركام” يبرز حجم الخسائر التي لحقت بالبلاد، لكنه يتضمّن رسالة أمل وتصميم على مواجهة التحديات.

هذا التصريح ينطلق من إدراك أهمية الحضور البشري في إنعاش الاقتصاد والمجتمع المحلي. كما تحمل الدعوة رسالة واضحة تؤكد ضرورة التكاتف الشعبي في مواجهة الأزمات، مما يبرز رؤية الرئيس بري لعودة النازحين كخطوة أولى نحو إعادة البناء.

 

ثانيًا: الإشارة إلى خطورة الحرب

وصف الرئيس بري الحرب بأنها “أخطر لحظة تاريخية” يبرز عمق الأزمة التي تعرض لها لبنان على الصعد الأمنية والسياسية والاقتصادية.

الدعوة إلى انتخاب رئيس جديد تأتي كخطوة أساسية لتحصين البلاد من الفراغ الدستوري والسياسي، ولتثبيت استقرار النظام السياسي وتعزيز عمل المؤسسات.

 

ثالثًا: إحباط مفاعيل العدوان الإسرائيلي

الإشارة إلى إحباط العدوان الإسرائيلي تعكس روح المقاومة والصمود اللبناني أمام التهديدات الخارجية. هذه النقطة تسلّط الضوء على أهمية الحماية الأمنية والوطنية كمحور أساسي للدولة.

وقد شدّد الرئيس بري على ضرورة تحقيق إجماع داخلي بين الطوائف والقوى السياسية لتعزيز المناعة الوطنية. هذا التعاون الداخلي يُعدّ شرطًا أساسيًا لتحقيق الاستقرار الأمني والسياسي لمواجهة التحديات والاستحقاقات على أنواعها.

 

رابعًا: الوحدة الوطنية

تأكيد الرئيس بري على “الوحدة الوطنية” يعكس وعيًا عميقًا بخطورة الانقسامات الداخلية على استقرار البلاد. الحاجة إلى الوحدة تظهر كعامل حاسم لتعزيز الانسجام الاجتماعي والسياسي، خصوصًا في ظل التهديدات المتعددة الأبعاد.

 

خامسًا: حماية المؤسسات الدستورية

الحديث عن “حماية المؤسسات الدستورية” يعكس قلقًا مشروعًا من مخاطر الشلل السياسي وتآكل الشرعية الدستورية. هذا التوجيه يدعو للحفاظ على التوازن بين مختلف الأطراف السياسية والطائفية لضمان استمرارية الدولة، وتأمين قدرة المؤسسات على أداء وظائفها في خدمة المواطنين.

 

الخاتمة

جاءت كلمة الرئيس بري في سياق تاريخي حساس لتحفيز روح التضامن الوطني والتعاون الداخلي في مواجهة الأزمات المتراكمة. أكّدت الكلمة على أهمية الوحدة الوطنية كركيزة لاستقرار لبنان، وشدّدت على الحاجة الملحّة لإعادة بناء النظام السياسي والمؤسسات الدستورية. كما رَكّزَ على الحفاظ على الهوية الوطنية بوصفها حجر الزاوية لاستقرار الدولة.

حملت الكلمة رسالة مباشرة للشعب اللبناني بجميع مكوناته لتجاوز الخلافات والعمل معًا لبناء وطن أكثر قوة ووحدة في مواجهة التحديات.

 

ختامًا، تعكس كلمة الرئيس بري إصرارًا على حماية السيادة الوطنية بالتعاون مع القوى الدولية النافذة، وتشدّد على ضرورة تعزيز التضامن اللبناني والعمل فورًا لإعادة البناء، مع التخطيط بعناية للمرحلة المقبلة لضمان الاستقرار والتنمية المستدامة.

 

 

*أستاذ جامعي، عميد كلية جامعية،

عضو اللجنة الوطنية للحوار الإسلامي المسيحي

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى