الشارقة –ريميال نعمة- الحوارنيوز
ليس الاهتمام بالثقافة في إمارة الشارقة ثالث الإمارات العربية المتحدة السبع مساحة، جديدا” او مستجدا”. فللإمارة تاريخ عريق والتزام فعلي بجدوى الثقافة وبأهمية الكتاب، وهي المصرة دوما” ورغم عصف الحداثة الذي استجد على الامارات السبع على ان تتدثر بغلالة المعرفة والثقافة حاضنة” الفكر والمفكرين، الشعر والشعراء الأدب والأدباء الكتاب والنقاد وكل الشغوفين بالمعرفة من كل انحاء العالم العربي والعالم بحدث سنوي هو بمثابة احتفالية ضخمة احتفت بكل صنوف الإبداع والفنون والمعرفة والعلوم ووسائل التواصل المعرفي.
من شاطئ ساحر يطل على الخليج العربي ويغفو بين كم المحميات الطبيعية يغزل الشعر كما يغزل النول خيوطا من حريرالأثواب في بيوتاتها الطينية، الإمارة المفتوحة نوافذها على الضوء والمعرفة تحتفي بالكتاب للمرة الثالثة والاربعين
..وحكاية حكام هذه الامارة بدأت مع الوالد الحاكم الشيخ سلطان بن محمد القاسمي عاشق اللغة والابداعات الفكرية الذي أراد لإمارته ان تكون منارة وموئلا” للثقافة والفنون الفكرية على انواعها
وها هي تستكمل مع الأبنة الشيخة بدورالقاسمي صاحبة دار”كلمات للنشر” في حكاية شغف بالعلم وبالمعرفة ومعها أضحت الثقافة هي القوة الناعمة التي تسيج البلاد وتحصنها من الجهل وعواقبه، وتجنح بها عن الفراغ والتسطيح.
من هنا بدأت حكاية 43 سنة من الأبحاث والنشر والإصدارات والحلقات الفكرية والعلمية 43، سنة من احتفالية هي اشبه بمهرجان للثقافة لا بل تتخطاها بأشواط احتفالية تدعى “معرض الشارقة الدولي للكتاب” .
قد يبدو الحدث من البعيد مجرد معرض للكتاب على غرار ما يحصل في العالم العربي والغربي، ولكنه اكثر بذلك بكثير انه عرس للمعرفة والثقافة احتفى وطوال ايامه الإثني عشرة بكل ما يدعو للدهشة وكأنه بوابة ضوء مفتوحة على المدى المعرفي اللامتناهي.
..وفي حين تنهمر الصواريخ في عدوان غير مسبوق على عواصم البلاد العربية يصدح صوت مدينة بوشاحها المزخرف العتيق ليؤكد بأن الكتاب فعل حياة والحرب فعل موت وبأن البحث الفكري نافذة ضوء والعنف عتمة مطبقة , وبأن الرواية مساحة حرية وخيال والاستبداد والظلم قيود تكبل العقل وتقوده نحو مصير مجهول -محتم
انه الاقتصاد المعرفي بلا منازع اقتصاد ربحه ذو فوائد عالية للانسانية واستثماراته على المدى الطويل في العقل فيوسع للأفق الارحب كل الاماكن
من هنا جاءت تسمية الشارقة من قبل اليونسكو بالعاصمة الثقافية للعالم العربي في عام 1998، تقديراً للتوجه الثقافي الذي أولاه حاكم الامارة لإمارته ولزوارها هو الذي أعلن هذا العام وخلال افتتاح الدورة 43 للمعرض عن اكتمال المعجم التاريخي للغة العربية بمجلدات بلغ عددها 127 مجلدا في انجاز فريد للعالم العربي والعالم يضاف الى سلسلة انجازات هذا الحاكم المستنير.
حوالي 2522 ناشراً للكتاب من كل انحاء العالم استضافتهم امارة الشارقة.
و 1357 فعالية متنوعة تم تنظيمها واقامتها، شارك فيها 250 ضيفاً من 63 دولة
وفي بادرة كريمة تم إعفاء جميع دور النشر الإتية من بلاد فيها حروب ونزاعات من رسم المشاركة في المعرض كما خفضت بعض الرسوم الجمركية لدور النشر اللبنانية والسودانية والفلسطينية تحسسا” وتضامنا” مع تلك البلاد الشقيقة .
وعلى جري عادته كل سنة اذ يحتفي ببلد معين احتفى معرض الكتاب في الشارقة هذه السنة بالمغرب مخصصا” له جناحا” كبيرا ضم الكثير من تراث المغرب وهويته الفكرية والثقافية وقد كانت الكاتبة احلام مستغانمي احدى ابرز ضيوف المعرض لهذا العام حيث شاركت في حفل الافتتاح وكانت لها كلمة مؤثرةانهتها بعبارة “لسنا بخير ..لسنا على ما يرام “التي كررتها مرات عدة
وقد كان لصاحبة ذاكرة الجسدة (الرواية التي ظلت اهم وابرز رواياتها واكثرها مبيعا” رغم توالي الروايات بحسب اعترافها ضمن احدى جلسات الحوار) عدد من الاستضافات وحلقات الحوار والنقاشات الفكرية ابرزها تلك التي تناولت علاقتها بعالم السوشيل ميديا ووسائل التواصل الاجتماعي و التي ادارتها المذيعة بروين حبيب عبرت خلالها مستغانمي عن انزعاجها من العبء الذي يلقيه هذا العالم عليها ما يعيقها من الكتابة والابداع مبدية انزعاجها من متطلباته الملحة واصفة ايضا علاقتها بالمرتبكة بعالم الترويج التجاري نظرا لتنافر العملية الابداعية مع تلك التجارية-الترويجية التي تدر اموالا طائلة على الذين يلجون هذا العالم
شمل المعرض العديد من العروض الموسيقية والشعرية والعروض المسرحية كما العروض الجوالة التي اضفت اجواء من البهجة والحبور على المعرض وزواره اضافة لأكثر من 500 فعالية ثقافية، تضمنت جلسات وورش عمل وامسيات شعر وندوات على مدار 12 يوماً، ناقش فيها عدد من الأدباء والمفكرين والشخصيات البارزة مسيرتهم والتحديات التي واجهوها،
ولم ينس القائمين على الفعاليات مواكبة التطور الحاصل في عالم التواصل الاجتماعي من خلال استضافة عدد من المؤثرين الذين رووا تجاربهم المختلفة بحضور جمهورهم وبتفاعل كبير كل بحسب العرض الذي قدمه فيما يختص بتطوير المحتوى الرقمي وإتقان فنون البودكاست.
ورغم كل مساحات الضوء الذي ولدها هذا المعرض بتنوع فعالياته ومع تمادي الظلم واستشراس عدوهذه الأمة في ممارسة ظلمه وغيه ووسط صمت مطبق للمثقفين وكأنه تواطئ ضمني غير معلن يبقى السؤال الأبرز عن جدوى الكتاب والقراءة والمعرفة والعلم في زمن الحروب وفي محاربة الظلم الواقع على فلسطين ولبنان وغيرهم ؟؟؟؟سيظل جواب هذا السؤال معلقا كغيره من الأسئلة رهن المستفبل القادم وما يحكى عن تغيير في الخرائط والهويات!!!!!