إسرائيل بين “فيلادلفيا غزة” ..و”ليطاني لبنان” !(نسيب حطيط)
بقلم د.نسيب حطيط – الحوارنيوز
تُكرّر اسرائيل تنفيذ خططها الحربية وشروطها ومنهج التفاوض الذي انتهجته في حرب غزة، بالتعاون مع اميركا بغياب الطرف العربي كما كانت ثنائية ” مصر وقطر ” في مفاوضات غزة.
اعتاد العدو الاسرائيلي في مفاوضات غزة ،طرح مطالب جديدة في كل جولة مفاوضات، وشكّلت مدينة “رفح” عقدة المفاوضات ثم سقطت، فطرح العدو بعدها موضوع السيطرة على محور ” فيلادلفيا” بحجّة منع تهريب السلاح من مصر (التي لا تقصّر) بفرض الحصار على غزة .
ويبقى الهدف الأساس في اي تفاوض او حرب عسكرية إسرائيلية هو تأمين الأمن الاسرائيلي داخل حدود العدو، سواء داخل غزة او داخل لبنان ، والإستعاضة عن الإحتلال المباشر بالاحتلال الطوعي غير المُكلف وعلى حساب أعداء اسرائيل!
ما زالت اسرائيل تصر على إقامة المنطقة الأمنية العازلة في لبنان حتى حدود الليطاني، او بعمق 10 كلم على طول الحدود اللبنانية_الفلسطينية. وهذا ما قامت به بإجتياح عام 78 واقامت الشريط الأمني حتى عام 2000 ،والذي عزّزته ووسعت جغرافيته باجتياح عام 1982 ووصلت الى العاصمة بيروت.
تعود اسرائيل لإقامة الغلاف الأمني مجدّداً والذي بدأت ترسم حدوده ميدانياً مع تغيير طريقة تثبيته ،من دون احتلال مباشر كما كان سابقا، للنجاة من الخسائر والعمليات المقاومة وفق الآتي:
– تدمير القرى وجرف كل المنشآت ومنع الحياة فيها ،لتكون منطقة عازلة خالية من السكان والمسلحين وكل مظاهر الحياة!
– تحصين المنطقة العازلة ،بإتفاق سياسي-أمني يمنع أي مقاومة لتحرير هذا الحزام الأمني، مع إقرار حق التدخل الاسرائيلي .
لتحقيق هذا المشروع وكما في غزه يعود العدو الإسرائيلي، لتنفيذ استراتيجيته ، وفق ثنائية المفاوضات والعمل العسكري وشراء الوقت، لتنفيذ المخطط تحت غطاء قنابل مفاوضات “دخانية ” وحرب نفسية قاتلة ضد النازحين الذين يحزمون حقائبهم عند كل نشرة اخبار وجولة ل”هوكشتاين”، ويجهزون أنفسهم للعودة ثم يُصابون بالخيبة !
دمّرت اسرائيل حتى الان أكثر من 12 قرية حدودية،بشكل كامل، وما زالت مستمرة بالتدمير عند وصولها الى كل قرية قبل الليطاني، بالإضافة الى تدمير أحياء بكاملها في القرى التي ما زالت المعارك بين المقاومة وقوات العدو قائمة فيها ، فإذا إستطاع العدو السيطرة عليها ،يبادر لتفجيرها . والملفت في تدمير القرى ،مبادرة العدو، لتدمير مسجدها ومقاماتها الدينية(محيبيب -شمع-بليدا..) كخطوة أولى قبل تفجيرها بالكامل ضمن حربه على الحضارة والدين!
بين التحذير من دخول رفح والسيطرة على محور “فيلادلفيا”.. سقطت غزة بالهمجية والتوحش الاسرائيلي للقضاء على المقاومة واجتثاثها، وتُعيد اسرائيل خطتها التنفيذية التي اسقطت غزة، لإسقاط المقاومة في لبنان!
لا بد من السير في المفاوضات بوقف النار إعتماداً على صمود الميدان في لبنان، والذي يشهد مقاومة اسطورية كربلائية بعد 60 يوما من الحرب البرية، لكن بقاء المواجهة ضد المشروع الأميركي-الإسرائيلي على ثنائية المفاوضات والميدان اللبناني حصراً، سيكون لصالح العدو،إذا لم تبادر “إيران” بشكل جدي، للتدخل، سواء بالمعطى الميداني او عبر المفاوضات الثنائية مع اميركا كما مفاوضات “الملف النووي”، لأن حفظ المقاومة في لبنان أكثر فائدة لأمن ايران ومحور المقاومة من الملف النووي، وأي تأخير في دعم المقاومة التي تقاتل منذ 14 شهراً مع تزايد الضغط والتوحش والتوغل الإسرائيلي ، سيعرّضها وأهلها للخطر الوجودي كمرحلة أولى، ثم لمحور المقاومة .
بعد 60 يوما من القتال الاستشهادي والمفاوضات الشجاعة التي تخوضها قوى المقاومة في لبنان ،لا بد من تغيير إيران لإستراتيجيتها وتجاوز الدعم السياسي والمالي واللوجستي للمقاومة، فإذا استعملت إيران أسلحتها المهمة ستغيّر المعادلة، كما بشّرنا مستشار المرشد الإيراني علي لاريجاني حين قال (اذا إستعملت المقاومة أسلحتها المهمة فانها ستغيّر المعادلة …) ولم يبق عند المقاومة شيء لم تستعمله او تقدمه حتى ارواحها ..!
إن التدخل الإيراني الأكثر جدية وحضوراً، يمكن أن ينقذ محور المقاومة وإيران من الحرب الإسرائيلية التي تهدف “لتغيير معالم الشرق الاوسط “وبالتالي تغيير معالم إيران..!
لذلك فإن المطلوب المبادرة قبل فوات الآوان، حتى لا تتكرّر فاجعة غزة في لبنان، ثم سوريا والعراق فإيران..!
المقاومة اللبنانية هي”نووي إيران”الديني والعسكري…فاحفظوها!