رأي

أميركا لتدجين المقاومة… واسرائيل لإجتثاثها!(نسيب حطيط)

 

د.نسيب حطيط – الحوارنيوز

 

يتمايز الموقف الأميركي عن الإسرائيلي بإتجاه المقاومة في لبنان ومشروع وقف النار، خلافاً لما عليه الموقف الموّحد السلبي، في غزة، حيث تعمل أميركا على مشروع “تدجين” المقاومة بعد إنهاكها وحصارها ،لمنع دورها الإقليمي والعمل على كسر إحتكار “الثنائية” للتمثيل الشيعي .

أما المشروع الإسرائيلي ،فيهدف لإجتثاث المقاومة ،كما فعلت بعد إجتياح عام 82 ضد المقاومة الفلسطينية في لبنان وعمودها الفقري “فتح” وتحويلها من حركة  مسلحة معادية لإسرائيل الى سلطة وهمية متعاونة أمنياً معها ضد الكفاح المسلح الفلسطيني، وإعتماد المفاوضات السلمية لإستعادة الحقوق الفلسطينية، او كما تفعل مع “حماس” ومشروع الإجتثاث الكلّي في غزة ،سواء بالإحتلال المباشر او الإحتلال بقفازات.

إن تمايز الموقف الأميركي عن الإسرائيلي ،يعود الى تمايز الأهداف المباشرة المرحلية بين الطرفين  مع الوحدة في الاهداف الاستراتيجية، حيث تسعى اميركا لتطبيق نظرية ” زبغنيو بريجنسكي “المستشار الأمني للرئيس “جيمي كارتر” الذي دعا في العام 2016 ،لإعتماد استراتيجية  بعنوان  “الخيار بين قيادة العالم او السيطرة” ،  أكد فيها (أنَ الهيمنة الأميركية باتت في أيامها الأخيرة، وأن السياسة الأميركية يجب انّ تتجه لخلق تحالفات جديدة حتى مع القوى التي كانت تُعدّ منافسا ومتحدياً تاريخيّاً للهيمنة الأميركية) وفق التالي :

– تسعى اميركا لتكرار تجربة “التفاهم مع حركة “طالبان” في أفغانستان  بعد سنوات من القتال والمواجهات والتي لم تستطع اميركا القضاء عليهاعسكرياً ،فاعتمدت  المفاوضات السياسية التي توّجتها “إتفاقية قطر” لتسليم الحكم في افغانستان الى “طالبان” ، وربما التحالف معها ضد إيران” الشيعية “وروسيا ذات الجذور الشيوعية او الأرثوذكسية المسيحية !

– تأمين الوصاية الأميركية على لبنان، بما يشابه الوصاية الأميركية على العراق مع وجود “الحشد الشعبي” ،بالتلازم مع امساك اميركا بالوصاية العسكرية والسياسية والمالية  والمساكنة السياسية في الحكم مع حزب “الدعوة ” الشيعي العراقي المشابه للحزب في لبنان .

– تامين قاعدة لقيادة للعالم العربي في لبنان، تمثّل الذراع السياسية والناعمة المتكاملة مع الذراع العسكرية الإسرائيلية، لحكم المنطقة والإطباق الكامل على سوريا من الجهات الأربعة( لبنان_ العراق_ الأردن_ إسرائيل) واسقاطها وتدجينها بشكل ناعم بعد فشل مشروعها الناري ب”الربيع العربي”طوال 12 عاماً!

أما الهدف الاسرائيلي الاستراتيجي،فيتمثل بإجتثاث المقاومة نهائياً، للإطمئنان بعدم قيام أي حركة مقاومة في لبنان تهدّد الأمن الاسرائيلي او تمنع تنفيذ مشاريعه المائية في داخل لبنان. فبعد الإجتثاث الإسرائيلي  للمقاومة الفلسطينية و في حال نجاح إجتثاث  المقاومة اللبنانية، فلن يكون هناك مستقبلا أي حركة مقاومة ضد إسرائيل،إنطلاقا من لبنان وفقا “للإعتقاد الإسرائيلي”!

 ان تمايز الأهداف مع وحدتها الاستراتيجية ،يستوجب تنوّع الأدوار ،فبادرت أميركا ،للعب دور الوسيط المثابر والضاغط  دون ابطاء، لتأمين وقف النار بين لبنان وإسرائيل، خلاف دورها في حرب غزة، حيث ما زالت تعارض وقف النار في مجلس الأمن او في المفاوضات بين حماس وإسرائيل.

إن حرب لبنان يعتبرها الطرف الاميركي ،حربه الخاصة وهو الذي يديرها ويفرض حدودها، وبالتالي يتجه لتحقيق وقف للنار ويمكن ان تكون المماطلة الإسرائيلية بالموافقة ، نتيجة توافق أميركي_إسرائيلي لإنهاك المقاومة أكثر وهدم هيكلياتها التنظيمية والعسكرية والإعلامية ،لإطالة  الوقت اللازم الذي تحتاجه لترميم نفسها والشفاء من الضربات المؤلمة، وذلك لإفساح المجال أمام اميركا بفرض سيطرتها ووصايتها على لبنان وتعيين القيادات السياسية والأمنية المتحالفة معها او التي تقبل بالتعاون في تكرار لتجربة العراق، وللإستفادة من التجربة السورية في لبنان ،ما يؤشر لإمكان تأخير الموافقة الإسرائيلية  على وقف النار، لتحقيق نصر برّي لحصاد مزيد  من المكتسبات الإسرائيلية_الأميركية.

ويبقى رهان المقاومة وأهلها على الميدان ومجاهديه لتغيير الوقائع، وكلما تأخر النصر الإسرائيلي ميدانياً، كلما أسرعت أميركا لإعلان وقف النار، حتى لا تخسر فرصة السيطرة والوصاية على لبنان ثانية!

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى