قالت الصحف: كورونا بين المسؤولية الوطنية والإستغلال السياسي
الحوارنيوز – خاص
مع تزايد حالات انتشار مرض الكورونا، وتقديرات الخبراء لحجم الأزمة المتوقعة وهي كبيرة، وبين إمكانات الدولة والقطاع الخاص معا وهي ضئيلة نسبيا وغير قادرة على المواكبة الطبية للمصابين اذا ما تجاوزوا الخمسماية مصاب، برزت أمس عدة مواقف من قبل قيادات سياسية بعضها أظهر حسا عاليا من المسؤولية وبعضها أظهر رغبة واضحة للإستغلال السياسي.
• صحيفة "النهار" عنونت لإفتتاحيتها:" طوارئ كورونا تتصاعد مع المئة الأولى للإصابات" وكتبت تقول:" سواء اتخذت الحكومة الخطوة الحاسمة كلياً أو جزئياً أم تمادت في تأخيرها، فان التزام حال الطوارئ بات أشبه بأمر واقع واسع النطاق وربما على نحو غير مسبوق وإن ظلت مناطق تلتزمه بنسب أكبر من سواها بتفاوت الدرجات . ومع اقتراب عدد الاصابات بفيروس كورونا في لبنان من المئة أمس ومنها الضحايا الثلاث للفيروس حتى الآن بدأت تتصاعد للمرة الاولى معالم اقتراب الحكومة من الاقرار ولو متأخرة بحتمية اتخاذ القرار بإعلان حال الطوارئ وربما عبر تصعيد الاجراءات المتدرجة التي تبدأ بالزام المؤسسات الرسمية والخاصة الاقفال وضبط كل حركة المؤسسات السياحية والملاهي والمطاعم بلوغاً الى اقفال المعابر البرية مع سوريا، على ان تواكب كل الاجراءات دعوات متشددة الى المواطنين لالتزام المنازل. ومع ان المطلعين على الخطوات الجارية يستبعدون الوصول الى منع رسمي وعلني للتجول، فان الوقائع المتصلة باشتداد حال الذعر التي تسود البلاد في ظل ارتفاع عدد الاصابات كما في ظل الوقائع العالمية التي تشهدها معظم الدول جراء استفحال انتشار الفيروس واعداد الاصابات تشير الى ان لبنان مقبل تباعاً على شلل لم يعرف مثيلاً له حتى في حقب الحروب الشرسة وجولات التقاصف والمعارك القتالية والحربية.
لكن قتامة الواقع واشتداد الاخطار باتا يؤسسان في رأي الاطباء والخبراء المختصين للمسار الوحيد المجدي لبدء كبح انتشار الفيروس من خلال التزام جماعي شامل للمنازل، الامر الذي سيخفف الى حدود كبيرة الاصابات ولو استلزم بدء ظهور انحسار الاصابات بعض الوقت بادئ الامر، خصوصاً ان هناك اصابات محتملة قد لا تكون قليلة ستظهر تباعاً في المرحلة الطالعة. وبرزت في هذا السياق دعوات لاختصاصيين واطباء الى جميع المستشفيات الخاصة للتأهب والاستعداد لاستقبال المصابين بالوباء كما بتوسيع عمليات التحري والبحث عن مصابين محتملين عبر اقارب المصابين المثبتين.
وبرزت الخطوة الاولى في التزام الاجراءات المتشددة من خلال ما اعلنته المديرية العامة لقوى الامن الداخلي مساء أمس من أنّه "بناءً على توصيات لجنة متابعة التدابير والإجراءات الوقائية لفيروس كورونا، صدر قرار عن رئاسة الحكومة في شأن منع التجمعات في الأماكن العامة والخاصة، كذلك صدر قرار عن وزير السياحة بشأن الإقفال التام لجميع المطاعم والسناك بار والحلويات والمقاهي والنوادي الليّلية والمراقص والحانات، وذلك ضمن التدابير والإجراءات للحد من انتشار فيروس كورونا. وباشرت دوريات قسم الشرطة السياحية في وحدة الشرطة القضائية والقطعات الإقليمية كل ضمن نطاقها تنفيذ مضمون هذه القرارات، كما تم تنظيم محاضر ضبط إدارية عدة بحق المخالفين". ودعت المديرية المواطنين الى التقيد بقرارات منع التجمعات والإقفال التام.
• صحيفة "الأخبار" تناولت في افتتاحيتها كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وعنونت": دعوة لمواجهة وطنية شاملة ل "تهديد كورونا" .. نصرالله للمصارف: بادروا الى المساعدة" وكتبت تقول:" اطلق الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله موقفاً بشأن مواجهة وباء كورونا، داعياً إلى التكاتف الشعبي والحكومي، ومطالباً المصارف بتقديم مساعدات مالية للحكومة. كذلك شدّد على رفض أي ضرائب على الفقراء ومحدودي الدخل للحصول على قروض من صندوق النقد الدولي
قدّم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أمس، مطالعةً سياسيّة – اجتماعية بشأن الخطر الذي يعانيه لبنان والعالم جرّاء فيروس كورونا المستجدّ، مشبّهاً الوضع الحالي بأنه حالة حرب. وتميّزت خطبة نصرالله أمس، بالدعوة إلى أوسع تكاتف وطني واجتماعي وسياسي للنجاة من تهديد الوباء. وفيما قدّم كامل الدعم للحكومة على المستوى السياسي والمعنوي وحتى المادي عبر وضع قدرات حزب الله بتصرفّها في مساعيها لمنع تفشّي المرض، دعا نصرالله المصارف، كما في الكثير من دول العالم، إلى مدّ يد العون للدولة والشعب اللبناني في هذه المحنة.
وقال: "نحن في خضم معركة عالمية تخوضها دول العالم وشعوبه، علينا أن نواجه لا أن نستسلم، لأن الخطر في هذا التهديد ليس فقط على الاقتصاد والمدارس، وإنما على حياة الناس وبقائهم". وشدّ على أن هذه المواجهة "لا تحتمل الانقسام، كما حصل في تهديدات إسرائيلية سابقة". ولفت إلى أن "المسؤولية في لبنان ليست فقط على وزارة الصحة، بل على الجميع وكل قطاعات الدولة، وعلى الشعب اللبناني، وعلى كل الموجودين على الأرض اللبنانية من مواطنين فلسطينيين وسوريين".
وحدد هدف المعركة بانتظار أن يتم اكتشاف دواء للوباء: "علينا الحد من الخسائر البشرية في الدرجة الأولى، منع الانتشار قدر الإمكان ومعالجة الحالات المصابة". ودعا اللبنانيين في القرى والمدن والأحياء إلى التكاتف في ما بينهم، لمنع انتقال خطر الوباء إلى خطر الجوع، مع الإقفال العام في البلاد، كما إلى أن "تسود الإيجابية الروحية لهذا التعاون، لأن الظرف ليس مناسباً للتنافس والمزايدة والسجال السياسي، نحن أمام معركة إنسانية بالكامل، وعلينا أن نخوضها بروح إنسانية بالكامل". ودعا اللبنانيين إلى الاستجابة لقرارات الحكومة الرامية إلى الحد من الانتشار، معتبراً هذا الأمر واجباً وطنياً وإنسانياً وأخلاقياً ودينياً. وطالب نصرالله بالابتعاد عن التجمعات، "ولو لتشييع شهداء".
ونوّه بشفافية وزارة الصحة، داحضاً الشائعات عن تستر وزارة الصحة وحزب الله عن وجود حالات ولم يعلن عنها.
نفى نصرالله الشائعات شأن تستر وزارة الصحة وحزب الله على إصابات كورونا
وتحدّث في المقابل عن "عدم صدقية بريطانيا التي تسترت على أعداد المصابين، الى أن بدأت تعلن أن العدد يصل إلى عشرة آلاف إصابة". وانتقد أيضاً الرئيس الأميركي دونالد ترامب على هذه المسألة، واصفاً إياه بأنه "الكذاب الكبير"، وكذلك بالنسبة إلى وزير الخارجية الأميركي مايك بوبميو. وقال: "هذا الكذاب الأكبر ترامب، يعرض المساعدة على إيران"، طالباً منه "مساعدة نفسه، وأن يرفع العقوبات عن إيران وبخاصة لجهة التجهيزات الطبية".
وخصّ نصرالله المصارف اللبنانية بتذكيرها بواجباتها، وهي التي استفادت طوال العقود الماضية من الأرباح الخيالية والفوائد على الدين العام والآن تحتجز ودائع اللبنانيين، مذكّراً أصحاب المصارف بالمساعدات العاجلة التي قدّمها أمثالهم في دولٍ أخرى لدعم حكوماتهم وشعوبهم، داعياً "المصارف اللبنانية إلى أن تقدم على هكذا خطوة، بخاصة وأن هذه المصارف حققت أرباحاً عالية في المرحلة السابقة". وجّه نصرالله الشكر إلى حكومة الرئيس حسان دياب والإجراءات التي تتخذها، و"هذه الحكومة ما زالت تحتاج الى وقت كي تستكمل إجراءاتها".
وعن الاستعانة بصندوق النقد الدولي قال إن "موقفنا واضح وبعيد عن أي التباس، وهو أننا لا نمانع لجوء الحكومة الى استشارة أي جهة، أو أن تقدم أي مؤسسة مساعدة ضمن ضوابط"، نافياً أن يكون حزب الله يرفض مساعدة خارجية للبنان. لكنّه أكّد أنه "إذا كانت مسألة قرض ولكن ضمن شروط لبنانية فلا مانع لدينا، ولكن إذا كان قرضاً مقابل توطين الفلسطينيين مثلاً فمن يقبل به؟".
لكنّه رفض بشكل قاطع "أي شرط لفرض رفع القيمة المضافة الى 15 في المئة، مقابل الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي"، مكرّراً مطالبته المصارف اللبنانية بـ"المساعدة بكل كرم وأخلاق بسبب ما حققته من مليارات من الأرباح، قياساً بمن قدم أولاده شهداء حماية لهذا البلد"، متمنيّاً عليهم أن "يبادروا لا أن يجادلوا".
وختم نصرالله كلمته بإدانة العدوان الأميركي على منشآت وهيئات رسمية في العراق ليل أول من أمس، واصفاً إياه بـ"اجتياح للعراق لأنه تجاوز الحكومة العراقية"، مؤكداً أن "الجريمة التي ارتكبتها أميركا أمس ستلاقي الرد العراقي المناسب".
• صحيفة "نداء الوطن" عنونت:" الهلع يتصاعد والمصابون على اعتاب "المئوية الأولى" نصرالله يعطي "الضوء الأخضر" ل الطوارئ والصندوق" وكتبت تقول:" بأسلوب طغى عليه طابع "التشخيص الحربي" لوباء الكورونا… نزل السيّد حسن نصرالله بكامل ثقله إلى ميدان "المعركة" مع "العدو" معلناً قرار "المواجهة" حتى تحقيق "النصر أو الشهادة"… وإذا كان أوفى خطورة الموضوع حقها من خلال مضامين خطابه المحذّر من مغبة التساهل والميوعة في التعاطي الجدي والمسؤول مع سبل مكافحة الوباء و"الحد من خسائره"، وصولاً إلى إعلانه "التكليف الشرعي" لجمهور "حزب الله" بوقف الاحتفالات والاجتماعات واللقاءات وتجنب ارتياد الحسينيات وتحجيم مراسيم التشييع والمسيرات، فإنه في المقابل ساهم على المستوى الرسمي في تلقيم حكومة حسان دياب جرعة جرأة، على المبادرة واتخاذ القرارات مانحاً إياها "الضوء الأخضر" لفرض "حالة الطوارئ" في البلاد إذا لزم الأمر لمحاصرة انتشار الكورونا، وسط تصاعد وتيرة المخاوف من فقدان السيطرة على الوباء وتضاؤل القدرة الاستشفائية على استيعاب المصابين به، لا سيما وأنهم باتوا على أعتاب بلوغ "المئوية الأولى".
وكما في "الكورونا"، كذلك في ملف "صندوق النقد" الذي نال حيزاً من خطاب نصرالله وحمل في طياته "ضوءاً أخضر" آخر للحكومة، يحررها ويطلق يدها في الشروع نحو الاستعانة المالية بالصندوق الدولي، تحت سقف اشتراط شروط بديهية تفرض عليها "عدم مخالفة الدستور وعدم المسّ بالطبقات الفقيرة وذوي الدخل المحدود"، وأي شرط آخر يضمن احترام هذه المعايير "أهلاً وسهلاً به".