رأي

الحرب الإسرائيلية والفهم الخاطئ لعقيدة المقاومين!(نسيب

 

د.نسيب حطيط – الحوارنيوز

يُخطىء العدو الاسرائيلي مرة ثانية في حربه مع الشيعة في لبنان، ويبني خططه العسكرية على أسس مادية ودراسات علمية وتجارب عسكرية سابقة ضد الفلسطينيين والعرب والمسلمين ،فيعتمد استراتيجية إرتكاب المجازر ضد المدنيين ،كما فعل ضد الفلسطينيين عند تأسيس كيانه، لطردهم خارج فلسطين، وقد نجح في ذلك بالتعاون مع البريطانيين وتآمر بعض العرب كما الآن.

لقد جرّب العدو الاسرائيلي المواجهة مع المقاومين الشيعة والوطنيين في الجنوب طوال 20 عاما، ولم يترك وسيلة ترهيب وترغيب،إلا واستعملها، بدءا من معتقلات أنصار و الخيام و عتليت الى تفجير بيوت المقاومين او اغتيالهم وحصار المعابر ومحاولات “تهويد” الجنوب او “أسرَلَته”، وكانت النتيجة فرار الجيش الاسرائيلي عام 2000 وتركه لعملائه “جيش لحد” على “بوابة فاطمة”.

 يُقاتل الجيش الاسرائيلي ،بناءً على مفاهيم دينية “تلمودية” متوحشة، ويلبس الجندي الاسرائيلي “قلنسوته” للدلالة  على حربه الدينية وحرزاً للنجاة من الموت، ،بينما يقاتل “المقاوم الشيعي” حتى يموت ويستشهد او ينتصر ويعتقد أن كلا الأمرين( النصر او الاستشهاد) هو إنتصار على المستوى الشخصي والجماعي، وفي المعركة  جندي اسرائيلي يفرّ من الموت ومقاومٌ يُسرع نحو الموت وهذه اول الفوارق بين الجيشين!

يعتقد الجيش الإسرائيلي ان إرتكاب المجازر والتدمير ،سينشر الرعب والضعف في قلوب المقاومين ،لكنه لا يعرف تاريخ  الشيعة الذين عاشوا حياتهم ينتقلون من مجزرة الى مجزرة، وأن من يقاتله الآن ،هم من تبقى من المجازر والمطاردة طوال 1400 عام ،لأنهم كانوا مع الحق وأكثر السلطات الحاكمة تعمل بالباطل ،فتبادر لإستئصالهم ،إما لإعتبارات دينية وعقائدية أو لإعتبارات سياسية ، حتى صارت المجازر جزءا من هويتهم وذاكرتهم ويومياتهم وأعتادوا عليها واستطاعوا تحويلها وتدويرها ،لتكون حافزاً للمقاومة وللبقاء على قيد الكرامة والشرف، ولهذا سمّاهم الآخرون  ب”الرافضة”!

اعتاد المسلمون الشيعة على فقد وغياب قادتهم من الأئمة(ع) والعلماء ،فكل ائمتهم  أُستشهدوا ، إغتيالأ بالسيف او بالسجن او بالسم، وأكثر علمائهم أُستشهدوا إغتيالاً او شنقاً او حرقاً او صلباً او خطفاً،من الشهيد الاول العاملي الى الشهيد الثاني العاملي الى الامام الصدر الى العلماء المقاومين وآخرهم “السيد الشهيد”، وبالتالي فإن الخطة الإسرائيلية بقتل القادة والرموز ،لإنهاك المقاومين وفرض شروط الاستسلام على الشيعة،خطة فاشلة ولن تُحقّق ما يتمناه العدو، بل سيكون مردودها عكسياً .

يقدّس الشيعة السيدة “زينب بنت علي” (ع) رمز “السبي” في الإسلام، ويعتقدون أن مسيرة السبايا من العراق الى الشام ثم الى المدينة قد رسمت سقفاً عالياً ،لتضحية النساء والأطفال. فإذا كان الامام الحسين(ع) رمزا للتضحية والشهادة والمقاومة للرجال مع انصاره في كربلاء، فإن السيدة زينب ونساء أهل البيت رمز التضحية والمقاومة للنساء، ولهذا لا يُعتبر النزوح والتهجير عند  الشيعة، إهانة وذلّاً ،إنما جزءٌ من حركة المقاومة الكربلائية الحسينية، وعندما تَغضب او تحزن أي أمرأة شيعية، تبادر لمقارنة نفسها مع السيدة زينب التي أنهكها الحزن والسياط والتهجير ،لكنها صمدت وقاومت ولم تخسر ، ولهذا فإن نساءنا واطفالنا لا ينهزمون ولا يستسلمون!

وللبيان أكثر ولتنبيه من يريد “إجتثاث الشيعة” من لبنان والقضاء على المقاومة، نُذكره انه عندما قتل الأمويون الإمام الحسين وكل آل البيت ولم يبق منهم إلا واحد “الامام زين العابدين” وظنّوا انهم نجحوا بإجتثاث السلالة النبوية والإسلام الأصيل، قام من تبقى من الشيعة بعشرات الثورات حتى سقطت الدولة الأموية . ويقول الإمام الصدر (سينتهي عهد إسرائيل كما أنتهى عهد بني أمية).

بناءً على مرتكزات العقيدة الإسلامية الشيعية، فإن مشروع اقتلاع وإجتثاث الشيعة والمقاومة من لبنان ،أمر مستحيل مع كل الأثمان الكبيرة من الشهداء والبيوت والقرى والمدن، وعلى العدو أن يستذكر تجربته الأولى التي يحاول أن يداوي جرحها ويمحوها من الذاكرة الإسرائيلية،بعدما استطاعت المقاومة في لبنان ،إنزال أوّل هزيمة في تاريخه العسكري وقادرة على ان تنزل الهزيمة به مرة ثانية في “الحرب الرابعة” على لبنان، فيقول “أبا ايبان” رئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست الإسرائيلي حينها: “علينا أن نتخلّص من حرب لبنان وُنزيلها من أذهاننا ونطردها من وعينا، إنها المشروع الأقل نجاحا  في التاريخ اليهودي الحديث، لذا يجب تصفية كل ما يذكرنا بها بأسرع وقت ممكن… ولذا يجب تصفية الشيعة” !

إن المعركة بين جنود “التلمود” وجنود “القرآن ” واضحة النتائج، وستكون الغلبة فيها لجنود الله المخلصين الصادقين، وسيعود جنود التلمود الى “التيه والضياع” مره ثانية، وننصحهم بوقف الحرب والإنسحاب قبل فوات الأوان…

من يقاتلكم الآن في جبل عامل هم “العلويّون” في معركة خيبر الثانية تحت راية رسول الله الأكرم (ص) ..وسيخلّعون أبواب دولتكم كما خلع الإمام علي (ع) باب خيبر، وستقتل المقاومة “نتنياهو” كما قُتل”مرحب”،وكلما توغّلتم أكثر كانت هزيمتكم أكثر قُربا…

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى