رأيمن هنا نبدأ

قمة الرياض ومسؤولية السعودية عربياً ولبنانياً(حسن علوش)

 

حسن علوش – الحوارنيوز 

رغم ضعف الحال العربي، وهو ليس بحال واحد إنما أحوال وأهواء وعربات مختلفة، وتباينات الى حدّ التناقض في مقاربة العديد من الملفات المشتركة، إلا أن إنعقاد القمة العربية – الاسلامية المشتركة في الرياض، يشكل بحد ذاته أمراً إيجابياً يمكن البناء عليه إذا تمت متابعته ووجدت آليات الضغط والرغبة في “تجاوز الكلام الى الفعل”، كما عبر الرئيس السوري بشار الأسد في كلمته.

ولا شك أن للمملكة العربية السعودية، دوراً محورياً في انعقاد القمة وخروجها بمقرارات ختامية مؤلفة من 38 بندا أعادت التأكيد في مجملها على الحقوق العربية ووضعت المجتمع الدولي أمام مسؤولياته.  وهذا الدور السعودي يأتي إمتداداً طبيعياً لموقف قيادة المملكة التاريخي، غير أن المملكة معنية مباشرة بمتابعة تنفيذ قرارات القمة.

أولا: لكونها دولة إقليمية ولديها العديد من أوراق الضغط لتنفيذ هذه القرارات، أو غالبيتها.

ثانياً: لأنها دولة مؤثرة في صناعة الاستقرار في أكثر من بلد عربي، ومنها لبنان البلد الذي يحفظ لها دورها في استضافة إجتماع النواب اللبنانيين في مدينة الطائف في العام 1989 وخروجهم ب”وثيقة الوفاق الوطني” المعروفة ب”إتفاق الطائف” والتي أنهت الحرب الأهلية. فالمملكة معنية بالحفاظ على هذا الدور الأخوي في لبنان من خلال التشجيع على تطبيق الطائف، لاسيما منه البنود الاصلاحية (الاصلاحات) التي تحدثت عنها مقرارات القمة كسبيل لمساعدة الأشقاء العربي للبنان. ومعنية بالتشجيع على الحوار الوطني اللبناني بالدرجة الأولى من خلال المؤسسات الدستورية.

ثالثاً: لأنها وفقاً للبند 34 من مقرارات القمة تترأس اللجنة الوزارية العربية الإسلامية المشتركة المعنية “بالعمل وتكثيف الجهود لتنفيذ المقرارات”، وقد أضيف الى مهام اللجنة توسعة عملها لتشمل “وقف العدوان على لبنان”،  على أن تقدم اللجنة تقارير دورية تقوم الأمانتان (الأمانة العامة لجامعة الدول العربية والأمانة العامة لمنظمة التعاون الاسلامي) بتعميمها على الدول الأعضاء.

ثمانية وثلاثون بندا هي خلاصة النقاشات التي جرت قبيل وأثناء انعقاد القمة، جلها عالجت جوانب متعددة تتصل بالقضية المركزية للعرب وهي قضية فلسطين، فيما حظي لبنان ببندين هما 8 و 32.

وجاء في البند الثامن “الإدانة الشديدة للعدوان الاسرائيلي المتمادي والمتواصل على لبنان وانتهاك سيادته وحرمة أراضيه، والدعوة الى وقف فوري لإطلاق النار، والتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 (2006) بكامل مندرجاته، والتأكيد على التضامن مع الجمهورية اللبنانية في مواجهة العدوان والادانة الشديدة للإستهداف المتعمد للجيش اللبناني ومراكزه الذي أدى الى سقوط عدد من الشهداء والجرحى في صفوفه، وكذلك قتل المدنيين والتدمير الممنهج  للمناطق السكنية والتهجير القسري للأشخاص وكذلك استهداف قوة الأمم المتحدة المؤقتة العاملة في لبنان “اليونيفل”، والتأكيد على دعم المؤسسات الدستورية اللبنانية في ممارسة سلطتها وبسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها، والتأكيد في هذا الصدد على دعم القوات المسلحة اللبنانية باعتبارها الضامنة لوحدة لبنان واستقراره، والتشديد على أهمية الإسراع بإنتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة استنادا لأحكام الدستور اللبناني وتنفيذ الطائف”.

إن هذا النص يؤكد على التالي:

  • أن العدوان الإسرائيلي على لبنان هو في جوهره جزء من الصراع العربي مع دولة الاحتلال وأطماعها وليس صراعاً اسرائيليا – ايرانيا كما يوصفه بعض اللبنانيين المرتطبين بالمحور الأميركي، أو ممن لديهم قصور في قراءاة المشهد بخلفياته التاريخية.
  • إن هذا النص يعيد للصراع أسبابه الوطنية واللبنانية، ويسقط محاولات استعادة مقولات اليمين اللبناني التي ساقها في ثمانينات القرن الماضي من أن الصراع في لبنان هو صراع اسرائيلي – فلسطسني ولا دخل للبنان فيه!
  • إن هذا النص يضع بعض اللبنانيين أمام واحد من خيارين:1- أن يعتبروا النص تدخلا بالشأن اللبناني. 2- أو أن يعتذروا من كيل اتهامات عشوائية بحق دول صديقة للبنان وشريكة رئيسية في القمة ومقراراتها.

وعلى امل ألا يعتبر هذا النص تدخلا في الشأن الداخلي اللبناني وتشجيعا على مواصلة مواجهة العدوان، فإن المملكة السعودية معنية بلجم عدد من الحلفاء الذين يرفضون مثل هذا الخطاب!

وجاء في البند 32: “الدعوة إلى مواصلة تقديم الدعم والمساعدات الإنسانية والاغاثية العاجلة للحكومة اللبنانية لمواجهة تداعيات العدوان الاسرائيلي، بما في ذلك مواجهة أزمة النازحين إلى أن يتمكنوا من العودة الى مناطقهم وتأمين العيش الكريم لهم، مع وجوب تطبيق إصلاحات تسمح للدول الشقيقة والصديقة للبنان بالمشاركة في دعم اقتصادها لمساعدة الشعب اللبناني على الخروج من أزمته المعيشية التي يواجهها”.

وحتى لا يفهم بأنه “دعم مشروط” للبنان فإن ما جاء في هذا البند هو مطلب لبناني بإمتياز والاصلاحات المطلوبة تبدأ من التزام اللبنانيين بكامل مندرجات وثيقة الوفاق الوطني لجهة تنفيذ البنود الاصلاحية التي تدخلنا مدار دولة المواطنة ودولة القانون لا دولة المحاصصة ودولة الغنائم..وأول هذه الاصلاحات: تشكيل لجنة لدراسة الغاء الطائفية السياسية واقرار قانون انتخاب خارج القيد الطائفي واقرار قانون السلطة المستقلة للقضاء.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى