جرائم الحرب الإسرائيلية ..وخيارات المقاومة!(نسيب حطيط)
د.نسيب حطيط – الحوارنيوز
يشن العدو الاسرائيلي حربه “الرابعة” على لبنان منذ السابع عشر من أيلول ،بما عُرف بمجزرة “البايجر” التي اعترف “نتنياهو” يوم أمس بمسؤوليته عنها، والتي أصابت آلاف الشباب اللبنانيين “الشيعة” وأفقدتهم ابصارهم وبَترت أيديهم وجعلتهم من المعوّقين المشوّهين بجريمة حرب لم يسبق لها مثيل في تاريخ الحروب، والتي تؤسس للحروب الإلكترونية النائمة الخطيرة، طالما ان كل صناعات التكنولوجيا والالكترونيات ،ليست بأيدي حركات المقاومة ومحورها!
ارتكبت إسرائيل جرائم الحرب والإبادة الجماعية في لبنان ضد المدنيين ومطاردة النازحين في لبنان وصولاً الى سوريا، واعتبرت ان كل مدني شيعي مقيماً او نازحاً، لم يرفع صوته او سلاحه بوجه المقاومة ،فهو هدف عسكري حتى لو كان طفلاً رضيعاً او عجوزاً مقعداً، وبيته ومدرسته وقبور اهله ومستشفاه ومصنعه مواقع عسكرية !
فجّر العدو الإسرائيلي أكثر من 10قرى حدودية يتجاوز عدد المنازل والمنشآت فيها ال 10,000 بيت ومسجد ومحل تجاري، حيث ان أكثر من 60 ألف لبناني لن يكون لهم منازل عندما سيعودون إليها بعد انتهاء الحرب، وربما سيكون العدد أكبر من ذلك طالما ان الحرب مستمرة .
ان تفجير القرى وتجريفها مع مقابرها ،سابقة في الحروب اللبنانية-الإسرائيلية منذ عام 1948 ،ولم يمارسها العدو الإسرائيلي حتى مع احتلاله الجنوب لأكثر من 20 عاما، إلا بتدمير بيوت المقاومين ، ما يؤشر إلى ان هذه الحرب ليست كسابقاتها وتجاوزت كل الإجتياحات من ناحيه الخطر والاهداف(إعتبار كل الشيعة مقاومين مسلحين) مع تكرار نموذج المفاوضات في غزة ، لإلهاء الراي العام عن الابادة الجماعية والتي ما زالت تحت الحصار والإعدام البطيء.
السؤال الذي ينتظر اهل المقاومة جواباً عليه ويدعون الله ان يكون ايجابياً…هل ستنتهي الحرب ومتى ؟
بعد 55 يوما من القتل والقصف والتهجير والتدمير وانعدام أي إسناد ميداني حقيقي ومؤثر، ما عدا الإسناد التذكيري الرمزي والمعنوي للأخوة في العراق واليمن (بعد تصريحات وزير الخارجية الإيرانية بأن ايران لا تريد الحرب مع إسرائيل ولن تُستدرَج اليها ) فإن المقاومة تقاتل وحيدة و تحت الحصار الدولي والعربي والداخلي وما زالت تقاتل بشجاعة ومنهج استشهادي، واستطاعت منع 50 ألف جندي اسرائيلي من الوصول الى الليطاني او حتى بنت جبيل التي تبعد 4 كيلو مترات فقط عن الحدود !
ان وقف النار الذي لا تريده اسرائيل وحلفاؤها وحتى بعض العرب،إلا بشروط قاسية ، يمكن وصفها بالاستسلام مع تلطيف مصطلحاته ،لمصادرة كل الانجازات منذ عام 1982 وهدر التضحيات ومصادرة حتى الأحلام وتثبيت عودة عصر الهزائم وانتهاء عصر الانتصارات ،وضع المقاومة وأهلها ومفاوضيها أمام ثلاثة خيارات :
– الخيار الأول: مواصلة القتال وحيدة ،دون نصير مع خسائر بشرية ومادية هائلة والتهديد الوجودي للطائفة.
– الخيار الثاني: الموافقة على شروط الإستسلام ومحو انتصارات وإنجازات الماضي وخسارة وبيع المستقبل وتقييد الأجيال القادمة .
– الخيار الثالث: الصمود في الميدان لتحسين شروط التفاوض واستيعاب الحرب ،لالتقاط الانفاس في هدنة طويلة مع بعض التنازلات الثانوية ،غير الجوهرية التي يمكن تعويضها فيما بعد، وذلك لحفظ الوجود وحفظ الأساسيات من إنجازات وانتصارات الماضي وتأمين الصمود والبقاء في المستقبل(واستطاعت المقاومة حتى الآن تجميع رصيد مهم في الميدان).
لا بد لأهل المقاومة ان يساعدوا المقاومة ويحتضنوها كما احتضنوها منذ انطلاقتها وولادتها ولا يُشعروها بمسؤوليتها عما تعرّضوا له ومساعدتها على قبول بعض التنازلات، بل ويناشدونها لحفظ نفسها ومقاوميها الشجعان الذين لم يقصّروا في الميدان بل يقوموا بمقاومة استشهادية عظمى.
الوقت الآن …وقت العقل والحكمة وليس وقت الإنفعال والعاطفة، وقت الواقعية والموضوعية ،وقت حفظ الهوية والمستقبل ،طالما ان المقاومة وأهلها لم يقصّروا، وقاتلوا وما زالوا ببسالة وشجاعة ،لكن يجب ان يعودوا الى نهج رسولهم الكريم(ص) وأئمتهم(ع) ، بعنوان “تعدد الأدوار والمواقف ووحدة الهدف” وهو حفظ الدين، فنحن أنصار الإمامين الحسن والحسين(ع) وهما إمامان إن قاما او قعدا ، وعلى المقاومة واهلها ان يكونوا “حسنيين وحسينيين” وفق الظروف والوقائع لحفظ الدين وأهله، وربما احتاج حفظ الدين ان نكون ضمن المنهج السجّادي، لو اقتضى الأمر الذي اتّبعه الامام زين العابدين بعد كربلاء و كما فعل الامام الخميني عندما تجرّع كأس السم والقبول بالقرار الدولي 598 لحفظ الثورة …