رسالة “للسيد الشهيد” في أربعينه..لا تعتب علينا !(نسيب حطيط)
بقلم د.نسيب حطيط – الحوارنيوز
بعد 32 عاما من المطاردة ومحاولات الإغتيال والحرب المعلنة والسرية ،إرتقى “السيد الشهيد “بثمانين طناً من المتفجرات وقنابل الغاز السامة.
عاش “السيد الشهيد 32 عاما” اضافيا ،فهو على لائحة الإغتيال منذ اللحظة الاولى التي تم تعيينه اميناً عاماً بعد اغتيال اسرائيل الشهيد السيد عباس الموسوي.
الأمناء العامّون للحزب والقادة العسكريون، يتم تعيينهم وفق نظام الاستشهاد، وليس وفق النظام الداخلي للحزب ،فالإستشهاد الطوعي او الإكراهي بالقصف او الإغتيال، يعتبر قرارا للتعيين او انتهاء المهمة، لكن الإشكالية التي يقع فيها العدو أنه يبني انتصاره او غلبته في المعركة، بناءً لمعايير مادية، حيث يعتبر القتل والإغتيال خسارة للشخص المستهدف وللتنظيم الذي يعمل فيه، لكن وفق المعايير الدينية الحسينية الاستثنائية، فإن الإغتيال يصبح استشهاداً ونصراً وجائزة كبرى.
السؤال الذي يطرحه المحبّون وكذلك الأعداء…هل خسر “السيد الشهيد “؟
وفق المفهوم الذي يعتقد به “السيد الشهيد” فإنه ربح الجائزة الكبرى ووصل سريعا ولم تطل المسافة بين الحلم والهدف… والجواب لقد ربح فعلاً!
ماذا خسر “السيد الشهيد”؟
لقد خسر القدرة على حصاد نقاط الربح للآخرة أكثر فأكثر جهادا وقتالا وتبليغاً ، لزيادة رصيده وحصاده،لرفع رتبته ومرتبته بجنان الخلد.
لكن السؤال ..هل الشهادة هي الهدف ام الإنتصار ؟
وفق المفهوم الديني ،الانتصار أولى من الشهادة، والجهاد في سبيل الله عبادة. ولأن الله سبحانه يقول( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون.) أي يجاهدون، وكلما جاهد الانسان في سبيل الله، عبَد الله أكثر، فإذا تُوّج الجهاد بالشهادة ،صارت العبادة أكثر اخلاصاً وصدقاً.
في ذكرى الأربعين أيها “السيد الشهيد” الغائب جسداً، الحاضر وجداناً وروحاً وفكراً،أبعث اليك برسالة موجزة عن الميدان وعن الانصار والمحبين وعن أهل الغدر وقلة الوفاء ،عن المُرجفين والهاربين، عن المحايدين عن” “أولاد القصعة” وعن رجال الله في الميدان.
أنبيك ..ايها “السيد الشهيد” ان اهلك ذرفوا دمعهم وكتموا حزنهم، لأنهم مشتتون ومهجّرون وبعضهم لا يستطيع البكاء عليك ، كما لم تستطع السيدة زينب(ع) البكاء تحت سياط الجلادين.
أنبيك.. ان اخوتك وابناءك في الميدان ،يقاتلون بشكل إعجازي، فيهم روح كربلاء وبدر والخندق وسيف ذو الفقار، وما زالوا يقاتلون حتى الاستشهاد.. لا جرحى يعودون ولا جثامين.. انهم “أيقونة القتال” في هذا العصر!
أنبيك ..ان أهلك المهجّرين الصابرين الشرفاء ، لم يطعنوا المقاومة رغم كل العذابات والاستفزاز ومحاولات الاذلال..
أنبيك …اننا نقاتل وحدنا وأن العدو يفجر القرى ويجرف المقابر حقداً ويهدم المدن .. لكننا صامدون.
أنبيك ..أن بعض “أولاد القصعة” السياسية والمالية والإعلامية، بدأوا يفرّون ويقفزون من سفينة المقاومة، لأنهم صدّقوا احلام امريكا واسرائيل وأذنابهما،بأن المقاومة قد انهزمت وان الشيعة سَيُهجّرون الى العراقّ .
أنبيك.. أيها “السيد الشهيد” إعتذار اهلك واحبائك عن عدم تشييع جثمانك الطاهر والمشاركة في الجنازة، فهم مشغولون بتنفيذ قرارك بقتل الاعداء والدفاع عن الارض والعرض والاهل، ويطلبون السماح بان تكون وديعة في قلوبهم وفي دموع عيونهم ومخازن بنادقهم حتى طلوع الفجر..
لا تعاتبهم ايها “السيد الشهيد”، فمئات الشهداء الآن ينامون في حقول القرى وتحت شجر الزيتون، ينتظرون عودة جثمانك حتى يكون التشييع جماعياً، ونحن ننتظر على قارعة أرواحنا وحزننا،إعلان هزيمة العدو وفشله لنحملكم على الاكتاف… ألف شهيد مع قائدهم “الرمز” نشيعهم وانت إمام جماعة الجنازات ، ليصلي جثمانك الطاهر إمام جماعة صلاة النصر والعزة بجثامين الشهداء !
لا تعتب علينا ..أيها “السيد الشهيد”، فقبل استشهادك بأربعين عاماً، فقدنا قائداً وإماماً عزيزاً الامام السيد موسى الصدر، ولم نستطع حتى الآن احتضانه ومصافحته او تشييع جثمانه!
نحن طائفة أعتادت ان يكون القادة والأئمه شهداء مجهولي القبور في أغلبهم، او متروكين على جسر بغداد او في صحراء كربلاء، وانت من مواليهم وكرامتك ان تكون على سيرتهم بلا قبر وبلا تشييع.
لا تعتب علينا …أيها “السيد الشهيد”. إنتظر قليلاً…ونعود برايات النصر لنزّين فيها نعشك و لتشييعك بما يليق بك وبحبنا وشوقنا…
سلاما..الفاتحة لروحك وأرواح الشهداء…