تربية وتعليمثقافة

إقتراح مشروع وطني لتعليم الطلاب النازحين في لبنان(ميلاد السبعلي)

 

الحوارنيوز – خاص

تلقت “الحوارنيوز” مقترحا مقدما من رئيس مجلس إدارة “غلوبال إديوكايشن” الخبير التربوي الدكتور ميلاد السبعلي ويتعلق بحل لتعليم التلامذة النازحين.

وفيما يلي النص الكامل للإقتراح:

 

مقدمة:

 

في ظل الواقع الحالي للتعليم في لبنان، وبعد قرار وزارة التربية بالسماح للمدارس الخاصة في المناطق الآمنة بالتدريس الحضوري، بينما تعتمد باقي المدارس على التعليم عن بعد، نجد أن هناك عددًا كبيرًا من الطلاب، هم فعلياً مهجرون من مناطقهم، مع أهاليهم ومعلميهم، وموزعين في مناطق ومراكز إيواء أو مساكن غير مناسبة للتعلم الالكتروني. وتشير إحصاءات المركز التربوي أن عدد الطلاب في محافظة الجنوب يقارب 127 الف طالب، وفي محافظة النبطية يقارب 83 الف طالب. وعدد المدارس الرسمية والخاصة في محافظة الجنوب هو 301 مدرسة، وفي محافظة النبطية هو 251 مدرسة، من أصل 2850 مدرسة في كل لبنان. معظم طلاب ومعلمو هذه المدارس اضطرتهم الحرب الحالية للانتقال الى مناطق أخرى، ومعظم هذه المدارس مقفلة. يضاف اليهم عدداً من المدارس في الضاحية الجنوبية ومناطق القصف في البقاع، مما يزيد عدد الطلاب المتضررين.

 

ويعيش هؤلاء الطلاب (والمعلمين) مع عائلاتهم في أكثر من ألف مركز إيواء، (من بينها مئات المدارس الرسمية والخاصة في المناطق الأخرى)، أو في مساكن مكتظة. وتعاني هذه المراكز والمساكن من نقص في الأجهزة الإلكترونية، خدمات الإنترنت والكهرباء المستدامة، بالإضافة إلى الضغوط النفسية والاجتماعية التي تؤثر على تركيز الطلاب وقدرتهم على التعلم.

 

إذا استمر الوضع الحالي بناءً على توجيهات الوزارة، فإن عدداً كبيراً من الطلاب سيبقى دون تعليم، بينما يتمكن أقرانهم في المناطق الآمنة من متابعة دراستهم. هذا الأمر من شأنه أن يزيد من الاحتقان والشعور بالتمييز، وقد يؤدي إلى تصاعد الأحقاد الطائفية والمناطقية. بالإضافة إلى ذلك، فإن فتح المدارس الرسمية في موعد محدد (4 تشرين الثاني) لا يأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الأمنية المتفاقمة، إضافة أن عدداً كبيراً من هذه المدارس يُستخدم حالياً كمراكز إيواء، ومدارس أخرى أقفلت بسبب وجودها في مناطق غير آمنة أو تهجر سكانها، مما قد يزيد من تعقيدات المشكلة التعليمية.

 

الحل المقترح:

 

استناداً إلى الخبرات السابقة لمجموعة غلوبال إديوكايشن في مقترحات مشابهة، تقترح المجموعة حلاً متكاملاً يعتمد على إنشاء منظومة تعليم افتراضية توفر طريقة مبتكرة لتقديم التعليم للطلاب المهجرين، وتمكن المدارس المقفلة والطلاب والمعملين المهجرين من التواصل والتعلم، من خلال:

 

‌أ- منصة تعليمية رقمية متكاملة: تقدمها غلوبال اديوكايشن مجانا، وتتضمن موارد رقمية للمواد التعليمية الرئيسية، وتتيح التفاعل المباشر بين الطلاب والمعلمين من خلال صفوف افتراضية متزامنة وتواصل غير متزامن عبر التفاعل مع المحتوى الرقمي أو إعطاء فروض وواجبات ومشاريع الكترونية.

 

‌ب- مراكز تعليمية محلية: يتم تجهيزها بأجهزة كمبيوتر، وإنترنت، وكهرباء، ومنسقين محليين يساعدون الطلاب في متابعة دروسهم عبر المنصة. ويتم إنشاء هذه المراكز في المناطق التي تستقبل النازحين. وهي مراكز مرنة من حيث الحجم والقدرة الاستيعابية. ويمكن أن تنشأ هذه المراكز في صالات أو مبانٍ مستقلة، أو تستخدم مختبرات الكمبيوتر في فترة بعد الظهر، في عدد من المدارس الرسمية أو الخاصة التي تودّ أن تشارك في هذا المشروع الوطني. يفضل أن تكون المراكز صغيرة (بين 10 و 30 كمبيوتر بحسب عدد الطلاب المهجرين القريبين من المركز) وقريبة جداً من مراكز النزوح والايواء، لتفادي كلف عالية للانتقال، مع ما في ذلك من مخاطر محتملة. وتستطيع هذه المراكز من استقبال الطلاب من صفوف متعددة بنفس الوقت، وهذه طريقة مبتكرة تختلف جذرياً عما تطرحه الوزارة حالياً والمانحين، من انشاء مدارس او مراكز للتعليم الحضوري التقليدي، مما يحتم وجود عدد كاف من الطلاب في كل صف، مما يستلزم مبانٍ كبيرة ويحد من القدرة الاستيعابية، ويؤثر على نوعية التعليم. ولكن هذا لا يلغي أن تقوم الوزارة والمانحين، بخططهم، كون حجم الأزمة أكبر من أن يستوعبه نموذج واحد. والحديث عن التعليم الالكتروني من قبل الوزارة، حيث على الطالب أن يؤمن جهاز للتواصل وانترنت وكهرباء ومكان هادئ للدراسة، هو حديث غير قابل للتطبيق في ظل الظروف المعيشية للطلاب والمعلمين. ولا نتفاجأ من محدودية الخبرات عند الوزارة والمانحين، الذين صرفوا مليارات الدولارات على تعليم النازحين بالطرق التقليدية، دون نتيجة تذكر، كون الطلاب كانوا يتسربون بمعظمهم من التعليم النظامي في الصفوف المتوسطة وقبل الوصول الى الصف التاسع.

 

‌ج- دوام مرن: يقوم الطلاب بالحضور لمدة 4 ساعات يومياً على مدار ثلاثة أيام في الأسبوع (لمتابعة تعلّم المواد الأساسية بحسب معايير التعليم في الأزمات)، مع تشغيل المراكز من الساعة الثامنة صباحاً حتى الثامنة مساءً، ما يتيح 3 دوريات يومياً لمرتين في الأسبوع، أي يستطيع كل جهاز كمبيوتر استيعاب 6 طلاب. وبالتالي تكون القدرة الاستيعابية للمركز الذي يحتوي على 20 جهازاً مثلاً هي 120 طالباً.

 

‌د- كلفة تأسيس وتشغيل منخفضة: بناء عليه، تكون كلفة تأسيس المركز الذي يحتوي على 20 جهاز هي حوالي 5000 دولار، ويتم تشغيله بتكلفة تقديرية هي 3000 دولار شهرياً، مما يجعل التكلفة السنوية للمركز (تشغيل 10 أشهر) هي 35 ألف دولار، يتم تغطيتها من المتبرعين أو المانحين بشكل أساسي، الذين يمكن أن يتبنوا مركزاً أو أكثر في كافة مناطق النزوح. إضافة للوزارة (لطلاب المدارس الرسمية) والمدارس الخاصة والأهل الذين يستطيعون المساهمة بذلك.

 

الفريق المركزي الأكاديمي:

 

أ‌- في حال كان الطالب المهجر مسجلاً في مدرسته المقفلة، فيقوم معلمو هذه المدرسة بمتابعة تعلّم الطلاب وتدريسهم، من خلال أي مركز قريب على مكان إقامة المعلّم، ومن خلال المنصة التعليمية المركزية والموارد الرقمية المتوفرة. ويتم تدريب المعلمين على كيفية تقديم التدريس بهذه الطريقة من خلال جلسات افتراضية او فيديوهات مسجلة. ويمكن أن يكون هناك فريق اكاديمي مركزي يتابع جودة التدريس. ويقوم المنسقون المحليون في كل مركز بمتابعة الطلاب والمعلمين في المركز وتقديم الدعم التقني او الاكاديمي لهم. ويمكن أن يحضر الى المركز بنفس الوقت طلاب من صفوف متعددة، وكل منهم يتابع دراسته اونلاين مع معلميه وصفوفه، بصورة متزامنة او غير متزامنة، بغض النظر عن عدد الطلاب في نفس الصف في المركز. وهذا يعطي مرونة كبيرة مقارنة بالتعليم الحضوري الذي يفترض وجود عدد محدد من الطلاب في كل صف.

 

ب‌- إذا لم يكن الطالب مسجلاً في مدرسة أو كانت مدرسته غير مشتركة في هذا البرنامج لأي سبب، فإن الفريق المركزي الأكاديمي الذي توفره منظومة التعليم الافتراضي، المكون من معلمي مدارس أخرى يتم اختيارهم بحسب المادة، يقوم بمتابعة الطلاب وتدريسهم وتقديم الدعم الأكاديمي لهم. في هذه الحالة، يتم تسجيل الطالب في أي من المدارس المشاركة في البرنامج.

 

وتغطى كلفة الفريق المركزي من خلال المتبرعين والمانحين والوزارة (لطلاب المدارس الرسمية) والمدارس الخاصة والأهل الذين يستطيعون المساهمة بذلك.

 

أنواع الخدمات المقدمة: وبالتالي تكون الخدمات التي تقدمها منظومة التعليم الافتراضي كما يلي:

 

  1. للمدارس:

 

تقدم هذه الخدمة للمدارس التي تحتاج إلى ربط طلابها بمعلميهم عبر المنصة الافتراضية، وتتضمن:

 

– توفير منصة رقمية تفاعلية.

 

– مراكز تعليمية محلية منتشرة في أماكن النزوح يستخدمها الطلاب والمعلمين.

 

– دعم تقني مركزي وتنسيق محلي في المراكز التعليمية في المناطق.

–  تفاعل مباشر بين الطلاب والمعلمين.

 

  1. للطلاب:

 

تقدم هذه الخدمة للطلاب الذين لم يتسجّلوا في مدارس توفر التعليم عن بعد، وتتضمن:

 

– التسجيل في احدى المدارس المشاركة في برنامج منظومة التعليم الافتراضي.

– تعليم ومتابعة أكاديمية مركزية وتنسيق ومتابعة محلية.

– توفير منصة رقمية متكاملة ودعم تقني مركزي.

– مراكز تعليمية محلية منتشرة في أماكن النزوح يستخدمها الطلاب والمعلمين.

 

الخاتمة:

 

يوفر هذا المشروع حلاً وطنياً متكاملاً يهدف إلى إدخال أكبر عدد ممكن من الطلاب المهجرين إلى التعليم النظامي في العام الدراسي الحالي بغض النظر عن ظروفهم المعيشية. يتميز المشروع بتقديم خدمات تعليمية مرنة بجودة عالية وتكلفة منخفضة مقارنة بالتعليم التقليدي. كما أنه يسهّل على الطلاب الانتقال بين المناطق المختلفة، إذ يمكنهم الانضمام إلى أي مركز تعليمي في المنطقة الجديدة التي قد ينتقلون إليها.

 

تتيح هذه الحلول للمؤسسات التعليمية المقفلة أو التي تفتقر إلى القدرة على توفير التعليم الإلكتروني الانضمام بسرعة إلى هذا المشروع، حيث يمكن تسجيل طلابها وتدريب معلميها على المنصة الرقمية في فترة وجيزة. أما بالنسبة للطلاب الذين لا تتوفر لهم فرصة التعليم الإلكتروني، يمكنهم التسجيل في إحدى مدارس منظومة التعليم الافتراضي. وتكمن أهمية تصميم المشروع أنه يمكن تنفيذه على مراحل، ويمكنه الانتشار بسرعة وبكلفة معقولة الى أية منطقة جديدة على مساحة المناطق الآمنة، أو في المناطق المتضررة لاحقاً بعد نهاية الحرب الحالية وعودة النازحين حيث يلزم.

 

غلوبال إديوكايشن، بما تمتلكه من خبرات أكاديمية وتكنولوجية واسعة، ومن خلال وجود مدارسها في مختلف المناطق اللبنانية، خاصة مدرستها في الجنوب (ثانوية أجيال المستقبل – البازورية) جاهزة للمساعدة على تنفيذ هذا المشروع خلال فترة زمنية قصيرة، بالتعاون مع مجموعة مدارس الجنوب (شبكات مدارس صور والنبطية، مدارس امل والمهدي والمبرات والمصطفى، والمدارس الرسمية، الخ)، مما يتيح للطلاب مواصلة تعليمهم حتى في ظل استمرار الأزمة. بهذا، يساهم المشروع في تفادي أزمة تربوية واجتماعية قد تكون لها آثار سلبية طويلة الأمد.

 

ونقوم حالياً بمناقشة المشروع مع عدد من المتبرعين المهتمين، وشبكات المدارس والمنظمات التي تعنى بالتربية والتعليم، والمكاتب التربوية للأحزاب المعنية، ولاحقاً مع الوزارة والجهات المانحة، لمحاولة إضاءة شمعة في هذا الظلام الدامس، خاصة إذا امتدت الأزمة لأشهر قادمة مما يهدد بتطيير العام الدراسي لآلاف الطلاب ومئات المدارس المتضررة.

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى