رأيصحف

أبواب الهاوية في الشرق الأوسط (نبيه البرجي)

 

الحوارنيوز – صحافة

تحت هذا العنوان كتب نبيه الرجي في صحيفة الديار يقول:

لا ضوابط تحكم الايقاع في الشرق الأوسط، كمنطقة تتأرجح بين خط الزلازل وخط الحرائق (برنارد لويس تحدث عن التقاطع القاتل بين الديانات والايديولوجيات). جامعة الدول العربية لم تكن ولن تكون، سوى نسخة عن ملهى الباريزيانا في بيروت، كمستودع للطرابيش وللأراكيل، براقصات الدرجة الثالثة، وهنا حكام الدرجة الثالثة.

تركيا وايران، كدولتين مركزيتين في المنطقة، كان يفترض أن تضطلعا بدور قيادي باتجاه اقامة منظومة استراتيجية، للتكامل السياسي والاقتصادي وحتى الأمني، تعملان حيناً تحت ضغط التاريخ، وحيناً تحت ضغط الايديولوجا، لتدورا جيوسياسياً في الحلقة المقفلة، ما دامت القوى العظمى بالأخص أميركا، قد أحاطتهما بالأسلاك الشائكة.

جون برينان، المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية والذي يتقن العربية، أعلن عن صدمته من تلاشي ادارة جو بايدن، وحتى ادارة دونالد ترامب، أمام بنيامين نتنياهو، لم يقل “المؤسسة اليهودية” أو “اللوبي اليهودي”، لتجعلنا آراؤه نسأل اذا كان هدف نتنياهو، ببحثه الدموي عن طريقة للخروج من مأزقه، قد ارتكب المجزرة الالكترونية، لكي يستهدف رؤوساً كبيرة وكبيرة جداً في حزب الله، لتكون كالضربة القاضية، وان كان مسؤولون أميركيون يعتبرون أنه يحاول، بقرع الطبول على ذلك النحو، ارغام الحزب على وقف النار والقبول بالمنطقة العازلة، كما لو أن هذه المنطقة تحمي الجليل من الصواريخ.

اللافت أن هناك معلقين أميركيين يسألون اذا كان رئيس نتنياهو “يريد اخراجنا من الشرق الأوسط؟” في هذه الحال، أي شرق أوسط من دون أميركا، التي هي من صنعت الفراغ منذ أيام جون فوستر دالاس، وهي التي تملأ الفراغ بتلك الأزمات وبتلك الصراعات في دول، عرف الانكليز وعلى درجة أقل بكثير الفرنسيون، كيف يجعلون منها حجارة الشطرنج.

مثلما أنشئت “اسرائيل” لتكون ذراع الغرب في المنطقة، نتنياهو ليس فقط سليل يوشع بن نون، هو أيضاً سليل تلك الثقافة الأوروبية التي حوّلت القارة العجوز، وعلى مر الأزمنة، الى مقبرة. هناك الحربان العالميتان الأولى والثانية، وهناك سلسلة الحروب التي احداها استمرت 116 عاماً (حرب المائة عام). أمبراطوريات قامت على النرجسية، والرغبة الجنونية في التوسع. هكذا تماماً يفكر نتنياهو. “إمبراطورية يهوه”، وبحدود “الوعد الالهي”!!

ولكن ألا يتوقع جيفري غولدبرغ (مجلة “آطلنطيك”) أن يؤدي الأداء الهيستيري (الأداء الدموي) لحكومة اليمين المتطرف في “اسرائيل”، الى يقظة الشعوب والجيوش النائمة، لتشهد بعض الدول العربية الحليفة للولايات المتحدة هزات أمنية وسياسية، وحتى انقلابات عسكرية، على غرار ما حدث غداة النكبة عام 1948، وان بدينامية أكثر فاعلية وأكثر وعياً بالحالة؟

هذا بعدما كان مايك بومبيو، وزير الخارجية في عهد دونالد ترامب، قد أبلغ “أصدقاء لبنانيين” بأن “صفقة القرن” تفضي تلقائياً، الى قيام ستاتيكو طويل المدى في الشرق الأوسط، بطبيعة الحال… بقيادة “ملك يهودي” يكون امتداداً لملوك التوراة.

 ما حدث في لبنان يومي الثلاثاء والأربعاء، وكان هائلاً ولا نظير له، يكشف في أي زمن يعيش “الاسرائيليون” وفي أي زمن يعيش العرب، كما الى مدى يمكن أن تصل البربرية “الاسرائيلية”. أي مسافة أخلاقية هنا بين القنبلة الالكترونية والقنبلة النووية، وبينهما القنبلة النيوترونية (القضاء على البشر دون الممتلكات)، والتي بعث الأميركي صمويل كوهين بتصميمها عام 1979 الى مناحيم بيغن، قبل أن تصل الى جيمي كارتر في البيت الأبيض.

لم يعد رجل ضد العالم، دولة ضد العالم، وبخلفيات لاهوتية تنطوي على كل اشكال الهمجية. أبعد من غزة وأبعد من لبنان، نستعيد ما فعلته شركة NSO عبر منظومة “بيغاسوس” بالآخرين، ودائماً برعاية من السلطات السياسية والأمنية.

ماذا عندما يتفلت الشرق الأوسط من الضوابط؟ وهل يمكن لأميركا ولإسرائيل” أن تبقيا بمنأى عن التداعيات الأبوكاليبتية لذلك؟

لندع التاريخ الذي طالما تقيأ الأمبراطوريات الكبرى بقول كلمته. أما المؤرخ “الاسرائيلي” الان بابيه فيقول “لقد فتحنا حتى على أنفسنا، على مصراعيها، كل أبواب الهاوية”!!

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى