سياسةمحليات لبنانية

بيروت بين ساحتين: بسترس وساسين(حسن علوش)

 

حسن علوش – الحوارنيوز

شهدت بيروت أمس تجمعين شعبيين:

ألأول جرى صباحا بدعوة من الحزب الشيوعي اللبناني لمناسبة إطلاق جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية العام ١٩٨٢ على أثر اجتياح العدو الاسرائيلي للبنان.

والثاني بدعوة من حزب القوات اللبنانية بمناسبة ذكرى اغتيال الرئيس المنتخب بشير الجميل بدعم اسرائيلي.

ليس الانقسام اللبناني وليد عام ٨٢ من القرن الماضي، بطبيعة الحال، وليس صحيحاً أن سبب الاجتياح الاسرائيلي والتشجيع عليه من قبل اليمين المسيحي اللبناني وأحزابه، يعود حصرا لوجود فاعل لمنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان.

إنما الصحيح هو أن الاجتياح كان مصلحة اسرائيلية بالدرجة الأولى. ففضلا عن إنهاء النفوذ الفلسطيني كان الهدف تقويض نفوذ الحركة الوطنية اللبنانية وقوى التغيير الديمقراطي، وفي ذلك مصلحة مشتركة بين عدو طامع وشريك داخلي يسعى للدفاع عن امتيازات التاريخية التي بدأت من قرون سابقة. بدأت زمن الولاية العثمانية وما تخللها من ضغط دولي وأوروبي من أجل حماية الأقلية المسيحية وسط بحر من المسلمين في الشرق.. امتدادا للإنتداب الفرنسي.

لا بل أبعد من ذلك فقد كشفت الرسائل المتبادلة بين رأس السلطة الروحية المارونية وبين الوكالة اليهودية العالمية بدايات القرن الماضي خيوطاً لمصلحة مسيحية – يهودية مشتركة لقيام دولتين قوميتين: مسيحية في لبنان ويهودية في فلسطين، تحميان بعضهما، ويقولون المنطقة! ومنذ ذاك الزمان ولبنان يعيش بين ساحتين ومحورين.

ومن أجل ذلك يقيم البعض تعارضاً موضوعياً زائفاً بين المجتمع الشرقي والديمقراطية… فيتمسك اليمين المسيحي بالقيم الغربية شكلا ويرفضها مضموناً حيث يتمسك بامتيازات السيطرة والهيمنة على مقدرات ومفاصل القرار في البلاد.. في المقابل وبعد تراجع القوى الديمقراطية، نشأت قوى إسلامية/ طائفية تطالب بحصتها من السلطة والغنائم، وكل ذلك على حساب الوطن وقيم المواطنة، التي زرعتها وثيقة الوفاق الوطني المعروفة باتفاق الطائف، وتواطأ على مضمونها كل من تسلم زمام الحكم والسلطة منذ العام ١٩٨٩.

لبنان سيبقى أسير المحاور الإقليمية طالما استمر منطق التمسك بالامتيازات ورفض بناء دولة المواطنة والقانون وتنفيذ إصلاحات الطائف، ضمن مرحلة إنتقالية تقودنا بالضرورة إلى نظام علماني كامل.

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى