رأي

اسرائيل بين الخطر الوجودي والانتصار التاريخي (زياد علوش)

 

بقلم د. زياد علوش* – الحوارنيوز

 

وضع “طوفان الأقصى” منذ السابع من أكتوبر العام 2023 دولة الاحتلال بين خيارين داهمين، أحدهما تحقيق النصر المطلق الذي يزعمه نتنياهو ومتطرفو وزارته بما يخوله جبر كسر ردعه التقليدي وفرض المسار الإبراهيمي في المنطقة، ما من شأنه تجديد اعتماد واشنطن وكالة تل ابيب الحصرية للاعمال القذارة على حساب المواقف العربية والإيرانية والتركية الرافضة.

 

تحقيق ذلك الانتصار سيكون تاريخيا لأنه سيخرج اسرائيل من عزلة كامب دايفد ووادي عربة، وسيتم دمجها كقوة قائدة في العالمين العربي والاسلامي بشكل أوسع.وبما ان اسرائيل لا تحتمل وجوديا هزيمة حقيقية واحدة فإن ذلك ينذر بزوالها.

اليمين الاسرائيلي يدرك تلك الثوابت، فهو يتخبط بالمزيد من التطرف، وقد افقدته الحرب الحالية المبادرة وأدوات الحسم السريعة والظروف الموائمة داخليا، عبرت عنها ادبيات “الهستدروت”مؤخرا في شوارع تل ابيب، وخارجيا عمقت “لطميات” السابع من أكتوبر مأزق سردية الهولوكوست الصهيونية البديلة لا سيما في عقول الشباب الغربي.

مع تصريحات دونالد ترامب الأخيرة في سباقه الرئاسي الثاني نحو البيت الأبيض، بأن اسرائيل بعيدا عن فوزه ستزول مع منافسته كاميلا هاريس خلال سنة أو اثنتين، وربما تكون آخر انتخابات أمريكيا “نمطية” حسب زعمه.

هل نغالي اذا ربطنا زوال اسرائيل بزوال العنجهية الأمريكية شريان الاحتلال رغم إحالة التصريحات اياها للإستعراض الانتخابي.

الثابت بالتجربة ولسنة خلت من طوفان الأقصى ان بقاء اسرائيل حتى مع الدعم الغربي بات اشكاليا بامتياز، والسؤال الان هو عن المدة الزمنية ليس إلا.

الخاسر الأكبر وفق سيناريو الخطر الوجودي والانتصار التاريخي هم عرب التطبيع وفق معادلة خاسر وخاسر بين مطرقة إيران وسندان اسرائيل.

في يونيو حزيران 1982 أجبرت اسرائيل ياسر عرفات ومقاتليه على مغادرة بيروت إلى تونس،حيث عاد الاخير عبر اتفاق أوسلو إلى الضفة الغربية، ونتنياهو يعمل على تجفيف منابع تلك العودة بسيناريو مماثل عبر الابادة والتهجير، لكن هذة المرة لن يجد المهجرون ارضا يعودون إليها، وقد تحولت كل فلسطين إلى أرض يهودية عبر تسريع الاستيطان، وهذا يفسر رفض نتنياهو حل الدولتين

يدرك زعيم حماس يحي السنوار جيدا أساليب نتنياهو والاعيبه وابعاد الفكر التلمودي.مكنه ذلك من التقدم على نتنياهو بخطوة وبشكل مستمر حتى الآن. فهو لن يخرج وشعبه ومقاتلوه إلى أي مكان آخر حيث اللاعودة وشطب القضية. تلك هي مشكلة الاحتلال وليست فقط عقدة نتنياهو الشخصية فقط ،وهو يسعى لتحقيق لقب القائد التاريخي للأمة المنبوذة، فإذا باسرائيل مفخرة الصهيونية تتهاوى على يديه.

السؤال الداهم وقد تمكن نتنياهو حتى الآن من التلاعب بالداخل الاسرائيلي والادارة الأمريكية على حد سواء ،هل يقامر وفق قاعدة إذا دخلت نفقا ولم تجد حلا فأوغل، بما يستوجب من خلط دراماتيكي لاوراق الشرق الأوسط عبر شن حرب واسعة على لبنان تفضي لتدمير بيروت، حيث اعتبر اكثرية المحللين ان تسخين خطوط الإمداد الإيرانية في سوريا وتكثيف الغارات الجوية رسالة مباشرة لحزب الله اللبناني باقتراب الحل العسكري ما لم تنجح الدبلوماسية بابعاد مقاتليه خلف “الليطاني “، حيث الاخير اقفل باب النقاش في الإسناد لما بعد الاتفاق الذي تعمل عليه قطر ومصر، حيث الاخيرتان تستعدان لنعية بسبب مزاجية نتنياهو وتلاعبه ببنوده بمؤازرة أمريكية كوسيط منحاز وغير نزيه، إلى حين البت بمصير الرئاسة الأمريكية بين ترامب الذي يشترط على نتنياهو وقتا محدودا لتزويده بأدوات الحسم السريعة، متناسيا ان غريمه بايدن ركب أعلى خيله من قبله وصمدت غزة، وبين هاريس التي قد يكون لها رأي آخر قد يدخلها تاريخ الشرق الأوسط من أوسع أبوابه، بتحقيق ما عجز عنه  رئيسها الحالي، اي وقف إطلاق النار وفق الستاتيكو الحالي الذي يعتبر نصرا تاريخيا للسنوار والقضية الفلسطينية وهزيمة وجودية لنتنياهو ومشروعه الصهيوني.

 

*كاتب صحفي ومحلل سياسي لبناني

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى