فلنخطط لاستيعاب تداعيات الحرب الطويلة(نسيب حطيط)
كتب د.نسيب حطيط – الحوارنيوز
على مشارف نهاية السنة الاولى من الحرب والتي شاركت فيها المقاومة على الجبهة اللبنانية-الفلسطينية، ظن البعض انها ستكون لأسابيع او أشهر قليلة وبنى نزوحه وتفاصيل حياته على ان العودة قريبة ، لكنه فوجئ في طول زمن الحرب لأول مرة على جبهة لبنان، سواء في اجتياحات عام 1978 او 82 وما بينهما من جولات عسكرية .
لا بد من تسجيل ثغرة اساسية في ادارة الحرب على مستوى الداخل، تتناقض مع الابداع في ادارة الحرب العسكرية ،ما سيؤثر على الإنجازات ويهدر بعضها ويقلل من إمكانات الصمود، حيث يسجّل غياب تام عما يعرف بإدارة التوجيه والارشاد والتخطيط واستيعاب تداعيات الحرب من نزوح وتهجير وتعطيل للأعمال والمدارس وكل مظاهر الحياة في شريط حدودي يضم أكثر من 50 قرية ومدينة، يضاف اليها كل الجنوب والضاحية والبقاع الذين يعيشون القلق والخوف والتوتر الدائم نتيجة القصف الاسرائيلي غير المحدد بمكان وزمان!
ولأن مجريات الحرب الميدانية في فلسطين ولبنان خصوصا غير معروفه الأفق، ولا يملك أحد من الاطراف المتقاتلة موعدا لنهايتها سوى الاصرار الأميركي-الإسرائيلي- العربي على استكمالها، مهما طالت ،للقضاء على حركات المقاومة التي تناهض وتقاوم مشروع الأمريكي، لذا لا بد للقوى التي تدير المعركة مباشرة او شريكة في تمثيل اهل المقاومة ان تعمد الى:
-الدعوة لمؤتمرعام تحضره الفعاليات والمثقفون على مستوى الطائفة ، لمناقشة الوضع الراهن، لأن إطالة الحرب سيكون لها تداعيات خطيرة على مستقبل الطائفة ووجودها الديموغرافي والسياسي، ولا بد من الاستفادة من خبرات الجميع وفق ما انتهجه الامام الصدر عندما اسّس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى ودعا كل الشخصيات اليسارية وما عرف بالقطاع السياسي والنخب الثقافية ،للمشاركة في مناقشة وضع الطائفة وتنظيمها ودورها، مع ان الغلبة من التمثيل كان للزعماء السياسيين والأحزاب اليسارية ولم يخف من دعوتهم او اشراكهم في الانتخاب.
– تشكيل هيئه اهلية وحزبيه لمناقشة ودراسة كيفية ادارة الحرب على المستوى المدني وتأمين المستلزمات الضرورية المعيشية، حتى لا يبقى على جهة واحده تتحمل وزر القتال والاستشهاد وكذلك الدعم المادي المتنوّع !
– مناقشة وسائل تأمين الدعم الاقتصادي مع المرجعيات الدينية في العراق وإيران خصوصا ، لأن شريحة ضحايا البطالة والفقر تزداد توسعا نتيجة الحصار الامريكي وتفكك الدولة والفساد والفشل في ادارة المؤسسات الرسمية والأهلية بما فيها اغلب البلديات.
– تشكيل لجنة بإشراف المجلس الشيعي ومشاركة “الثنائية” والفعاليات الشيعية لإعادة التواصل والانفتاح مع بقية الطوائف والأحزاب، حتى لا تتجذّر وتتّسع عملية “العزل” التي يتعرّض لها “الشيعة”، والتي يعمل اعداء المقاومة على شيطنة الطائفة بكل افرادها، سواء انتسبوا الى المقاومة او لم ينتسبوا، حتى وصل الامر ببقية الطوائف ان تمتنع عن استقبال النازحين سواء استقبالا مجانيا او مدفوع البدل الشهرية كإيجار، وهذا ما زاد صعوبة الحياه امام النازحين قسرا من الجنوب.
ان إشراك فعاليات ومثقفي الطائفة، كمرحلة أولى، ثم اشراك الوطنيين من كل الطوائف والاحزاب الوطنية في مناقشة حفظ المقاومة ليس عيبا، بل هو واجب لأن المعركة توسّعت والمشروع الامريكي بالقضاء على المقاومة صار أكثر وضوحاً وخطرا، ولا بد من مواجهته ببناء “جبهة مقاومة وطنية”، لأنه يمكن ان تطول الحرب لسنوات بعد انقضاء سنتها الاولى، وان توقفت ،فأننا بحاجة لسنوات لترميم واعادة اعمار ما خرّبته الحرب على المستوى المادي او على المستوى الوطني.
لقد قدّم الشيعة حتى الان حوالي 2000 شهيد وجريح وأكثر من 20,000 بيت ومؤسسة بين مهدّم ومتضرر وأكثر من 100 ألف نازح و مليون مواطن قلق يعيش كل منهم لحظات انتظار ان يصيبه صاروخ او قذيفة ولا يعرف اين يسجّل اولاده في مدرسة الضيعة او في مدرسة النزوح.. ولا يعرف هل يفتح محله او هل سيعود، وبالتالي ينتظر على رصيف الحرب هو وعائلته ولا يعرف متى ستنتهي وهذا اسوأ انواع الانتظار…
للمبادرة لمناقشة هذه الحرب التي تجاوزت الحرب الأهلية اللبنانية بقساوتها وكل الاجتياحات الإسرائيلية والتي تتحمّلها طائفة واحدة مُحاصرة من الداخل والخارج وإدارة دولة مفكّكة ومفلسة تقصف المواطنين بالضرائب…!
فلنخطط لاستيعاب الحرب الطويلة، فإن طالت، نكون على استعداد لتقليل اضرارها، وان انتهت فلا ضير ولا خسارة مما أعددناه…!