سياسةمحليات لبنانية

من يعطّل دور البطريركية المارونية في الحوار الوطني؟(حسن علوش)

 

كتب حسن علوش – الحوارنيوز خاص

عظة  البطريرك بشارة الراعي اليوم الأحد من الديمان حول المرحلة الذهبية في العلاقات بين الطوائف المسيحية والإسلامية، يعبر عن حنين البطريركية الصادق إلى الجلوس مع كل الطوائف. لكن المؤسف أن بعض الأحزاب المسيحية والخطاب التحريضي الذي يجرّ الطرف الآخر إلى اتباع خطاب ردّ خشبي يضع البطريرك الماروني في موقع المستهدف بدلاً من أن يكون الضمانة لعدم كسر الجسور بين الطوائف.

من الواضح، أنّ الأحزاب المسيحية لا تستهيب لا موقع البطريركية ولا حتّى موقع الكرسي الرسولي وهذا مؤشر خطر. للأسف، إنّ ما رافق زيارة أمين سرّ دولة الفاتيكان الإنقاذية إلى لبنان في حزيران الفائت، يستدعي منّا عدّة ملاحظات.
– إنّ فشل القمة الروحية، آخر صمّام أمان لبناني، له عدة أسباب منها داخلي ومنها إقليمي، لكن ثمة تقصير كنسيّ واضح.
– إنّ من يتحمّل المسؤولية المباشرة هو مطران بيروت بولس عبد الساتر، الذي لم يمهّد الطريق مع المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، إسوة بسائر المراجع، حيث لم يقم بأيّ مبادرة كراعٍ لكافة أبناء العاصمة ومن ضمنها الضاحية الجنوبية وحارة حريك.
– هل كان رفض سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب زيارة بكركي الذي زارها سابقاً، لو تمنّى عليه المطران الماروني مرافقته إلى بكركي للقاء رئيس حكومة دولة الفاتيكان؟
– هل يدري سيادة المطران عمق العلاقات ما بين الفاتيكان والعراق وحتّى مع الجمهورية الإيرانيّة. وأين حسن الجوار مع الأشقاء في بيروت؟
– لماذا لم يتحرّك سيادة المطران استباقياً لإنقاذ البطريركية من الموقف الحرج وهو على علمٍ بزيارة الرأس التنفيذي للكنيسة الكاثوليكية في العالم؟
يحسب للبطريرك، أنّه أمام الموقف المتصلّب لمطران العاصمة، استدرك وأرسل مطران بيروت السابق المطران بولس مطر لكسر الجليد، بعد أن حاول الأب عبده أبوكسم بمبادرة مشكورة مصالحة المجلس الشيعي .
فقط للتذكير، إنّ العلامة الشيخ علي الخطيب هو رئيس طائفة، والتعاطي يقتضي أن يكون على مستوى رفيع. هل تحلّ الأمور من خلال موفدين عاديين؟
الجرح ما زال كبيراً.
– إنّ ما أصاب بيروت جراء انفجار المرفأ في 4 آب، أصاب كل الطوائف.و لا يجوز لمطران بيروت أن يذكر شهداء المرفأ دون ذكر شهداء الجنوب وأقلّه ذكر شهداء قصف العدوّ الإسرائيلي للضاحية الجنوبيّة التي تخضع لرعايته. في الأزمات، رجل الدين يزور ولا يزار. توقّع أقرباؤه في الوطن أن يزور أبناءه في حارة حريك للاطمئنان وللوقوف جنبه. حتّى أنّ نواب بيروت يستفقدون زيارة المطران لهم لبحث شؤون الشعب لوضع خطة طوارئ لإيواء المهجرين من القصف الإسرائيلي.

لم نسمع بعظات المطران عبد الساتر الجليل أنّ أبواب مؤسساته مشرّعة للمهجرين مسيحيين ومسلمين، أقلّه أبناء أبرشيّته، خصوصاً وأنّ أطفال بيروت يتعلّمون في مدارس الحكمة. بالرغم من أنّ هذا المطران معروف بتجرّده وبجدّيته.
هل مطران بيروت أهمّ من القاصد الرسولي المطران باولو بورجيا الذي زار قرى الجنوب أكثر من عشر مرّات ووقف إلى جانب الشعب؟ يقدّر للقاصد الرسولي زيارة بلدة النبطية ومدرستها بعيد القصف الإسرائيلي واجتماعه بكافة فعاليات المدينة بحضور الراهبات الفاضلات.
المطلوب دور ريادي لمطرانية بيروت المارونيّة، وليس دور مطرانية الأبواب المقفلة. نداء ضحايا أبرشية حارة حريك يناشدون البطريرك الماروني بناء على عظته اليوم، ألا يكون رهينة مواقف أساقفة يخلقون له الإشكاليات. البطريرك بحاجة لرعاة لخدمة الشعب وليس بحاجة لشعب يخدم المرجعيات، في زمن تتمرد الأحزاب على الكنيسة.
يعوّل كثيرا على الدور الحواري للكنيسة لوصل ما انقطع مع المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، من أجل أن يكون التواصل مستمراً وليس فقط الاستفاقة عند كسر الجرّة.
بعيداً عن مصالح الزعماء الموارنة الذين يختبئون وراء بكركي حسب مصالحهم، إنّ البطريرك الراعي مدعو إلى أخذ المبادرة والدعوة إلى قمّة روحية في خضمّ هذه الحرب المدمّرة، وهو يعرف كيف يستعيد العلاقة المتينة مع رؤساء الطوائف، خصوصاً وأنّ الجنوب يكاد يصبح أرضاً محروقة بالكامل، وأبناء الجنوب، مسيحيين ومسلمين الذين أصبحوا مشرّدين، سيهاجرون إلى بلاد مجهولة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى