رأيصحف

الفردوس اليهودي… الجحيم اليهودي(نبيه البرجي)

 

الحوارنيوز – صحافة

 

تحت هذا العنوان كتب نبيه البرجي في صحيفة الديار يقول:

 

هذا رأي الصقور في “اللوبي اليهودي”. ولكن من أولئك من أركان اللوبي الذين ليسوا برؤوس الذئاب وبمخالب الذئاب؟ “إذا لم تشن “اسرائيل” الحرب الآن، وهي حرب البقاء التي تقتضي ازالة كل أعدائها، قد لا نرى الدولة اليهودية على خارطة الشرق الأوسط بعد عشر سنوات”.

ليس فقط بسبب التطور التقني الذي حدث في الترسانة العسكرية للأعداء، وليس فقط لأن الولايات المتحدة على وشك الدخول الى حلبة الصراع حول ادارة الكرة الأرضية في مناطق أخرى من العالم، وانما لأن الثغر البنيوية التي ظهرت في حرب غزة، ان في الأداء السياسي أو في الأداء العسكري، بدأت تترك آثارها لدى فئات يهودية فاعلة كانت تظن أن “رب الجنود” هو من يحمي الدولة. ولكن ما حدث أن هؤلاء الجنود تاهوا في العراء، ودون أن تكون هناك عصا موسى التي شقت الماء، كما لو أنها تشق النار، و”لا صوت يهوه” يزلزل عظام الفرعون.

لا “اسرائيل” بعد عشر سنوات. أبعد بكثير من أن تكون أمام المأزق السياسي، حيث الائتلاف يرقص على خيوط العنكبوت، وأبعد بكثير من المأزق العسكري، حيث الدبابات تقاتل الأشباح (أو الجدران المهدمة). النخب المثقفة بدأت بطرح الأسئلة الحادة حول المفهوم التوراتي لـ “أرض الميعاد”، والى حد وصفها بـ “أرض النهاية”.  شلومو ساند (مؤلف “اختراع شعب اسرائيل”) يعتقد أن ثقافة الغيتو هي المدخل الى “المحرقة الكبرى”، أي الى الهولوكوست. لا أدولف هتلر هنا وانما بنيامين نتنياهو.

انه هاجس “اللوبي اليهودي” الآن. الايقاع التكنولوجي لا بد أن يؤثر في الاستراتيجيات وفي السياسات، دون استبعاد الخروج الأميركي من المنطقة بتداعياته الدراماتيكية على الدولة العبرية. هذا دون اغفال التفاعلات السيكوثقافية لتلك الظاهرة الصادمة، حيث التظاهرات الضخمة في حرم الجامعات الكبرى تشير الى أن تأثير “اسرائيل” في السياسات الأميركية لا بد من أن يتغير، مع صعود الأجيال الجديدة الى الصفوف الأولى في السلطة.

هنا تبرز المخاوف لدى “اللوبي اليهودي” الذي درج على اتهام الطلبة، وبينهم يهود، باللاسامية، باستعادة خادعة لما حدث لليهود ابان حكم الرايخ الثالث في ألمانيا.

التراجع واضح، بل وصارخ، في البنية السيكولوجية لـ “الحالة اليهودية” في رأس كل “اسرائيلي”، لتكشف صحيفة “اسرائيل اليوم”  أن المسؤولين العسكريين في حزب الله تابعوا بمنتهى الدقة سير المعارك في غزة ليستكشفوا نقاط القوة ونقاط الضعف في الوضع العملياتي للقوات “الاسرائيلية”، للافادة منها في أي حرب مقبلة. أما ناحوم بارنياع فيلاحظ أن السيد حسن نصرالله واثق من أن التفاعلات العاصفة داخل “الدولة” تمضي بها نحو الهاوية، ودون أن تؤدي المساعدات الأميركية الى الحد من الانحدار، ليسأل ريتشارد هاس ما اذا كانت عدوى الجنون والضياع قد انتقلت من نتياهو الى جو بايدن…

لم تعد “أسوار أورشليم” عالية بما فيه الكفاية، ومنيعة بما فيه الكفاية، كما يلاحظ المؤرخ آفي شلايم. الأصوات بدأت تعلو داخل تلك الأسوار، محذرة من “القوة العمياء” التي تقود الى “النهاية العمياء”.

ما يحدث، وللمرة الأولى، هو الاستنزاف المنهجي لأعصاب “الاسرائيليين”. هؤلاء أتوا من أصقاع الدنيا ليشعروا بأنهم لم ولن يعودوا ضحايا الأزمنة الأخرى والايديولوجيات الأخرى.  منذ الحرب على لبنان عام 2006، بدأت صورة “الفردوس اليهودي” في التحلل، لتحل محلها صورة الجحيم اليهودي.

اعتراف من هيئة الأركان بأن انقلاباً هائلاً حدث “في نوعية الرجال الذين يواجهوننا”، بعدما كان الاعلام “الاسرائيلي” يسخر من الجنرالات العرب “الذين يذهبون بملابس فيفي عبده أو تحية كاريوكا الى الميدان”.

صدمة في الداخل وصدمة في الخارج، مع حدوث تحولات في الرأي العام الغربي، والتي لا بد أن تكون لها تأثيراتها في صياغة السياسات، وان بعد سنوات من الآن. الأكثر خطورة، ظهور تيارات داخل الحزب الديموقراطي، وهو حزب هاري ترومان الذي اعترف بـ “اسرائيل”، معارضة كلياً لليمين “الاسرائيلي”.

الضربة آتية. “الاسرائيليون” عاجزون عن خوض الحرب الكبرى، والأميركيون لا يريدون خسارة الشرق الأوسط، حتى إن نتنياهو بالذات يستخدم كلمة “المجازفة”.

لنتصور ما شعور “الاسرائيلي” وهو يرتعد خوفاً من أن يسقط سقف منزله عليه، وعلى أولاده (هذا الذي لم يرف له جفن وهو يرى كيف تسقط المجمعات السكنية على أهلها في غزة). الآن، لم يعد سقف البيت هو الذي يسقط. سقف الدولة…

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى