الشهيد عصام عبدالله… جبهة إسناد إسرائيل تتاجر بدمائه
الحوار نيوز – صحافة
تحت هذا العنوان كتبت زكية الديراني في صحيفة الأخبار
بعد مرور عشرة أشهر على استشهاد مصوّر وكالة «رويترز» على يد العدو الإسرائيلي أثناء قيامه بواجبه في منطقة علما الشعب (جنوب لبنان)، عادت صورته إلى الساحة، لكن هذه المرة من باب المتاجرة والاستثمار في الدماء خدمةً لأهداف ومآرب سياسية وفتنوية تحرّض على المقاومة
الانبطاح الذي قامت به «رويترز» أمام العدو الإسرائيلي، وتمثّل في تهرّبها من الاعتراف باستهداف الكيان العبري لمصوّرها عصام عبدالله (1986 – 13 أكتوبر 2023 ـــ الأخبار 8/12/ 2023) أكملته حملة إعلانية انتشرت أخيراً وتصدّرتها صورة لعائلة المصوّر أثناء تشييعه في مسقط رأسه بلدة الخيام (جنوب لبنان). أرفقت الحملة بشعار «بكفّي تعبنا»، وذيّلت بهاشتاغ «لبنان لا يريد الحرب» من دون أن تحمل توقيع أيّ جهة سياسية أو حزبية تتبنّى شعارها الفتنوي. هذا الأمر زاد من التساؤلات حول الجهات التي تحاول إسناد العدو، وتغسل يديه من مسؤولية العدوان الذي يشنه على فلسطين ولبنان، فيما تحمّل المقاومة مسؤولية كل هذه الدماء. علماً أنّ الشركة المسؤولة أزالت أمس الإعلان بعد إنذار تلقّته من عائلة عبدالله، مهدّدة إياها برفع دعوى في المحاكم.
استخدمت صورة العائلة لأهداف سياسية فتنوية
تحت «جسر الرينغ» الذي يؤدّي إلى الأشرفية (بيروت)، كانت تتصدّر واجهة أحد المباني، صورة كبيرة تعود إلى عائلة الشهيد عبدالله البالغ 36 عاماً الذي استُشهد في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي أثناء قيامه بواجبه المهني. الصورة التي طُبعت في ذاكرة اللبنانيين، تفيض حزناً، إذ بدت فيها عبير شقيقة عصام المفجوعة على فراق شقيقها، بينما تسندها قريباتها يميناً وشمالاً. تعبّر الصورة عن أوجاع العائلة التي فقدت ابنها الشاب، بعدما أصيب بصاروخ أطلقه العدو الإسرائيلي وأدى إلى استشهاده وإصابة مجموعة من زملائه أثناء تواجدهم في منطقة علما الشعب (جنوب لبنان). لكن هذه الصورة تحوّلت إلى حملة إعلانية لم تحترم خصوصية العائلة، قبل أن تخرج عبير شقيقة عصام في تدوينة لها على صفحتها على إنستغرام قائلة «هل يمكن لأحد أن يشرح لنا لماذا صور العائلة منتشرة على لوحات إعلانية في الشوارع ضمن حملة سياسية من دون موافقتنا؟ عصام شهيد جنوب لبنان بكل فخر». وأضافت إن «استخدام صورة الجنازة ولحظة الوجع لأغراض سياسية شخصية، أمر بمنتهى الوضاعة. تركونا بحالنا».
هكذا، لفتت الحملة الإعلانية الأنظار، لتطرح علامات استفهام عدة حول الجهة التي قامت بالإعلان المخزي، وتتمثل في استخدام صورة عائلية لأغراض سياسية وفتنوية. صورة استُغلّت لتمرير رسائل سياسية لا تتماشى مع موقف العائلة التي خرجت في الإعلام مرات عدة لتعلن أن «إسرائيل» قتلت ابنها عن قصد، رافضة التضليل الإعلامي الذي رافق عملية استشهاد عصام.
نُفّذت الحملة بالتعاون بين جمعيات المجتمع المدني وجهات تابعة لـ «القوات اللبنانية»
لنعود قليلاً إلى الوراء، وتحديداً إلى شهر تشرين الأول الماضي. منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي في غزة وجنوب لبنان، انتشرت على صفحات السوشال ميديا وتطبيق الـ«واتس أب»، حملات باسم «لبنان لا يريد الحرب». يومها نُشرت تلك الحملة على نطاق واسع، وتمّ استغلال شركتي الاتصالات في لبنان «ألفا» و«أم تي سي» للترويج لها عبر رسائل هاتفية للبنانيين، تحمل تحريضاً مبطّناً ضدّ المقاومة. كما راحت بعض الأطراف السياسية التي تهاجم المقاومة، تتبنّى الهاشتاغ بإطلالاتها التلفزيونية وتصوّر العدو الإسرائيلي على أنه «حمامة سلام»! ويبدو أن الحملة الجديدة تُكمل الموقف نفسه الذي انطلق قبل أشهر، وهو التحريض على المقاومة، وهذه المرة عبر استغلال صورة عائلية التقطت في جنوب لبنان الذي لا يزال يرزح تحت نيران العدوان الإسرائيلي.
في هذا السياق، تلفت المعلومات لنا إلى أن عائلة عصام عبدالله فوجئت بانتشار صورتها على اللوحات الإعلانية، معلنة أنّه تم استخدام الصورة من دون الحصول على إذنها. وتشير المصادر إلى أنّ حملة «بكفي تعبنا» تقف خلفها جهات سياسية وإعلامية تعمل بشكل ممنهج على تشويه صورة المقاومة والتحريض عليها وتحميلها مسؤولية الحرب.
وعن الجهة المسؤولة عن تلك الحملة، يجيب أحد افراد العائلة الذي يرفض الكشف عن اسمه، بأنه لم يتم التوصل إلى معرفة الجهة، بل كل ما كُشف عنه أن الحملة نُفّذت بالتعاون بين جمعيات المجتمع المدني NGO وبعض الجهات التابعة لـ «القوات اللبنانية». ويكشف أنه تم التواصل مع وكالة الإعلانات المسؤولة عن الحملة، لكنها رفضت الكشف عن اسم الجهة أو الشركة المعلنة لديها. من هذا المنطلق، قامت العائلة بإرسال إنذار إلى شركة الإعلانات بإزالة الصورة، فرضخت لأوامرها. ولكن العائلة ستتابع عن كثب القضية لمعرفة الجهات التي استغلت أوجاعها لمساندة العدو في عدوانه المستمرّ.
«رويترز» لا تستحي
بعد مرور عشرة أشهر على استشهاده، لم تتوصل عائلة عصام عبدالله بعد إلى اتفاق مع «رويترز» على دفع تعويضاته المالية. وتلفت المعلومات إلى أن وكالة الأنباء تتنصّل من دفع المبلغ الذي طلبته العائلة على إثر استشهاد ابنها أثناء قيامه بعمله. وتكشف المصادر بأن «رويترز» عرضت على العائلة مبلغاً زهيداً لا يتناسب مع سنوات عمل عصام الذي قضى قرابة 16 عاماً في الوكالة. وتؤكد المعلومات بأنّ ملف تعويضات عصام لا يزال عالقاً بين المحامي الموكل من العائلة و«رويترز». ولا بد من الإشارة هنا إلى أنّه رغم أن العدو الإسرائيلي استهدف المصوّر ورفاقه بشكل مباشر ومقصود وفقاً لما أظهرت التحقيقات، إلا أن «رويترز» تنصّلت من توجيه الاتهام علانية لإسرائيل. يومها، أصدرت بيانين مخزيين بحقّ المهنة والإنسانية، تهرّبت فيهما من تحميل إسرائيل مسؤولية دماء عصام عبدالله.