الحوارنيوز – صحافة
تحت هذا العنوان كتب نبيه البرجي في صحيفة الديار يقول:
أي جيش في “اسرائيل” لكي يشن الحرب ضد لبنان؟ في الحروب كافة (1978، 1982، 2006) اعتمد “الاسرائيليون” عنصر المفاجأة، كعامل مؤثر في تحديد المسار العملاني للحرب. الآن، كل المسؤولين “الاسرائيليين”، بمن فيهم وزير الخارجية يسرائيل كاتس، يهددون بإزالة لبنان من الوجود. ينقصهم فقط أن يعلنوا متى نقطة الصفر، وما هي الأهداف التي سيضربونها.
على مدى أكثر من 8 أشهر، وعلى أرض مسطحة ومحاطة بالأسلاك الشائكة، لم يتمكن 24 لواء من الجيش “الاسرائيلي” بآلاف الدبابات والآليات، وبمساندة جوية بآلاف الغارات، من الانتصار على مقاتلين يواجهون بالأسلحة الفردية من داخل الركام، ومن ثقوب في الجدران، وبأداء أسطوري أثار ذهول العالم.
جيش منهك، ومستنفد جسدياً ومعنوياً، حتى ليحكى أن رئيس الأركان هرتسي هاليفي يتناول المنشطات الخاصة بالخيول، ليتمكن من التنقل وسط تلك الغرنيكا الدموية، حتى ان جهات مصرية تنقل عن “الاسرائيليين” قولهم ان هاليفي تحول الى “جدار مهدم”، لكنه الجدار الناطق.
حتى لو دخلت الدبابات الى رفح، وتعدى عدد الضحايا مئة ألف، هل يعني ذلك عدم سقوط الدولة العبرية في المتاهة (التيه الداخلي بحسب آفي شلايم)؟
نتياهو بدا عارياً تماما. تحت الضوء، لا في الظل، يلعب لعبة البقاء. بقاء الشخص (على الطريقة العربية) لا بقاء الدولة. لكن أركان اللوبي “اليهودي” في الولايات المتحدة يعتبرون أن ازاحته في هذا الوقت بالذات، كاعتراف بالهزيمة “أمام تلك الحثالة الايديولوجية”. ما يثير الاستغراب هنا، أنهم يشجعونه على ضرب حزب الله، حتى ولو توسعت الحرب فهذا من مصلحة “اسرائيل”، لأن جو بايدن وفي هذه السنة الانتخابية، لا يستطيع الا أن يقف عملانياً ولوجيستياً الى جانبها.
استظراداً، كل ما يصدر عن البيت الأبيض من تهديدات مبطنة، لا يعدو كونه نوعاً من “البارانويا الرئاسية”. ما يعنيه العبور الى الولاية الثانية، ولو على حساب الأمن الاستراتيجي لبلاده.
انه التقاطع بين ذروة الزبائنية في واشنطن وذروة الزبائنية في “تل أبيب”. هذا في دولة المؤسسات. أي مؤسسات تلك حين يكون الكونغرس ـ وقلنا ذلك مراراً ـ نسخة توراتية عن الهيكل، أو عن “الكنيست” بالشبق الجنوني الى الدم.
داخل الادارة، وبما تنقله الأقمار الصناعية ومعدات الرصد الالكتروني، بالإمكانات المذهلة وبأجهزة الاستخبارات التي تكاد تخترق العالم الآخر، كلام وصل الى آذان حتى الملك داود: “نصرالله يجركم الى النهاية”…
تقاريرهم هي التي تقول ان ما حققته قيادة حزب الله، على مستوى التكنولوجيا العسكرية، يكاد يلامس الخيال. مفاجآت لم تخطر لا على بال “الاسرائيليين”، ولا على بال الأميركيين، دون أن يعني ذلك أن “الاسرائيليين” ليسوا قادرين على تدمير لبنان، واعادته ـ كما يقولون ـ مائة عام الى الوراء. ولكن أليس باستطاعة المقاومة في لبنان فعل الشيء نفسه مع “اسرائيل”؟
لكن نتنياهو، وعلى شاكلة مناحيم بيغن، يتطلع الى اقامة دولة تابعة في لبنان، بالتواطؤ مع قوى سياسية وحزبية ما زالت على رهانها بهبوط معجزة من السماء، أو واشنطن و “تل أبيب”، تزيل حزب الله من الخارطة. تذكرون كيف انتهى بيغن داخل بطانية الصوف…
بات معلوماً ما خلفية زيارة آموس هوكشتين لكل من “اسرائيل” ولبنان. في جعبته أن حرب غزة انتهت. لكن ما فعله الحزب بـ “اسرائيل” أشد خطراً عليها وعلى وجودها، مما فعلته حركة حماس، ليشير الى أن أحداً لا يستطيع أن يثني نتنياهو عن محاولة تنفيذ خطته انهاء “حزب الله”، حتى ولو أدى ذلك الى انهاء الدولة اللبنانية.
المبعوث الرئاسي الذي طرح على الرئيس نبيه بري بعض النقاط المتعلقة بخطته لتسوية وضع الحدود اللبنانية ـ “الاسرائيلية”، حمل معه ما يشبه “الانذار الأخير”. اما الترتيبات العاجلة، ففي غضون أيام، أو الانفجار.
ما هي ردة فعل الحزب، لا وقف للنار الا بعد وقف النار في غزة، ولا حل لمشكلة الحدود الا وفق اتفاقية الهدنة (رودس 1949). ولكن ألم يسبق للأميركيين وحذروا رئيس الحكومة “الاسرائيلية” من أن باستطاعة حزب الله تعبئة أكثر من 200000 مقاتل من لبنان ومن خارج لبنان، وأن باستطاعة هؤلاء اختراق الجليل، وربما ما بعد الجليل.
أيام، بل ساعات، خطرة…