رأي

وقف إطلاق النار… حاجة أميركية-إسرائيلية !(نسيب حطيط)

 

كتب د. نسيب حطيط – الحوار نيوز

 

تصاعَدَ الحراك الاميركي منذ شهر نيسان الماضي وبشكل مكثّف وعلى عدة محاور، لإظهار الحرص الاميركي ، لإنهاء الحرب على غزة ووقف إطلاق النار بأكثر من صيغة ضبابية تحتمل التأويل ولا تعطي اي ضمانات حقيقية، لاستمرار وقف إطلاق النار او عدم عودة الحرب، وكل هذه المبادرات السياسية والإنسانية والعسكرية تهدف لتحقيق موضوع واحد هو سلب المقاومة في غزة ورقة القوة التي تمسك بها والمتمثلة بالاسرى الاسرائيليين والمتعدّدي الجنسيات.

قامت اميركا بتحضير الميدان السياسي والإعلامي قبل تقديمها لقرار وقف النار في مجلس الأمن وفق التالي:

 – تحرّك طلاب الجامعات الأمريكية بشكل مكثف ومفاجىء، واحتل الحراك الطلابي لمده ثلاثة اسابيع صفحات الاعلام العالمي.

– أطلق الرئيس بايدن  مبادرته لوقف إطلاق النار الضبابية وغير الواضحة الموزّعة على ثلاث مراحل .

–  شاركت اميركا ميدانياً في عملية تحرير الاسرائيليين الاسرى الأربعة .

– شاركت في عملية استقالات الحكومة الإسرائيلية السخيفة والتي لا تسقط  نتنياهو  بل تعطيه حرية قرار اكثر.!

–  تقدّمت اميركا بمشروع قرار لوقف إطلاق النار الى مجلس الامن الذي تمت الموافقة عليه وبشكل هادئ!

صحيح ان المقاومة تطالب بوقف اطلاق النار الدائم مقابل تبادل الاسرى منذ شهر رمضان الماضي، بالتلازم مع اجهاض اميركا لأي مشروع قرار دولي لوقف اطلاق النار واجهاض قرارات المحكمة الجنائية الدولية، بل والتهديد بمعاقبتها وعدم الاعتراف بها لأنه لا سيادة ولا قرار لاحد في العالم من مؤسسات دولية او قضائية فوق السيادة الإسرائيلية والأميركية.

 لابد من طرح السؤال…

لماذا هرولَت اميركا للمطالبة بوقف اطلاق النار؟

 هل لحماية اهل غزة الذين قتلتهم القنابل الأمريكية وطال حصارهم بسبب الفيتو الأميركي على مستوى المؤسسات الدولية، ام ان وقف اطلاق النار حاجة أميركية_إسرائيلية؟

 بل ويمكن القول ايضا انه حاجة أميركية الآن حتى انتهاء الانتخابات الأمريكية، قبل ان يكون مطلبا إسرائيليا، وبطبيعة الحال ليس مطلبا عربيا او تركيّاً !

ما تطرحه اميركا هو وقف إطلاق النار على مصالحها ومشروعها وقاعدتها الكبرى في المنطقة “إسرائيل” ، لإنقاذ مصالحها ولإنقاذ  بايدن  في حملته الانتخابية، لضمان انتخابه رئيسا لولاية ثانية والتقاط الانفاس الأميركية ،لاستيعاب الخسارات التي اصابت اسرائيل والمشروع الاميركي في المنطقة والتحضير للهجوم المضاد ،بعدما تفاجأ الاميركيون والغربيون بقدرات محور المقاومة التي باتت تهدد بالمعطى الحقيقي المشروع الاميركي والغربي ويكسر منظومة أحادية القرار الأميركي والسيطرة على المنطقة واحتكار القرار السياسي الا في بعض الاستثناءات!

وقف إطلاق النار الاميركي يهدف الى الأمور الآتية :

–  تحويل ورقة غزة من ورقة ضاغطة على الرئيس بايدن  في الإنتخابات الى ورقة داعمة في صناديق الاقتراع.

–  اطلاق الاسرى الاسرائيليين والمتعدّدي الجنسيات بالجملة او بالمفرّق. .

–  اعاده تنظيم الوضع السياسي والعسكري للعدو الاسرائيلي بعد الضربات القاسية التي تلقاها منذ طوفان الاقصى وعلى طريق القدس، خاصه في جبهة الشمال اي جبهة (جنوب لبنان) والبحر الأحمر اليمني.

– تمرير التطبيع مع السعودية كما صرح بلينكن لتأمين ( اندماج إسرائيل اكثر في المنطقة)!

لا يمكن لقيادة المقاومة في غزة ان ترفض اي وقف إطلاق نار خاصة بعد صدوره من مجلس الامن الدولي، وهذا أخطر ما في المشروع الاميركي المخادع، لان اميركا لا تلجأ الى المؤسسات الدولية، الا إذا كانت وسائلها غير مضمونة النتائج(وهذا ما كان خلال ثمانية اشهر) وبعد تحقيق مطالبها بالانتخابات الرئاسية الأميركية وإطلاق الاسرى خصوصا، فانه لا ضمانة أميركية تاريخيا لأي اتفاق. فقد ضمنت قيام دولة الفلسطينية بعد اتفاق “أوسلو” وضمنت منع الاستيطان وضمنت لصدام حسين مستقبله بعد الحرب العراقية الإيرانية فأغرقته في الكويت ثم اعدمته في بغداد!

تريد اميركا اطلاق الاسرى، إما بصفقة تحت عنوان وقف إطلاق النار، او بالتجزئة عبر مفاوضات جانبية مع حماس، ويمكن ببعض العمليات الأمنية، او تبادر الدول للمطالبة بأطلاق سراح من يحمل جنسيتها، وأكثر الاسرى يحملون جنسيات مزدوجة !

مشروع وقف إطلاق النار الاميركي سم في العسل وخديعة وتضليل، وهو غير وقف اطلاق النار الذي تطالب به المقاومة الفلسطينية … وتبقى البندقية الصادقة والشريفة هي الضمانة الميدانية والسياسية قبل وبعد كل قرارات وقف إطلاق النار…

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى