بين الماء والماء:أسئلة حائرة حول الحدث الأيراني ؟(نسيب حطيط)
د.نسيب حطيط – الحوارنيوز
يوم ١٨ نيسان2024 نشرت وسائل الاعلام خبر رش (الماء) على منصة الاستعراض الرئيسية، اثناء استعراض عسكري في مدينه مشهد (مدينة الرئيس رئيسي) وقيل انه كان حادثا عرضيا او خطأ تقنيا!
يوم ١٩ ايار ٢٠٢٤، اي بعد شهر، تم الاعلان عن فقدان مروحية الرئيس الايراني السيد إبراهيم رئيسي ومعاونيه من وزراء ومسؤولين ،ثم الاعلان عن استشهادهم جميعا بسبب سوء الاحوال الجوية والمطر الشديد(الماء) وبعد افتتاح سد (للمياه) بالشراكة مع أذربيجان،الشريك الاستراتيجي للعدو الإسرائيلي…!
يمكن ان يكون الحادث قضاء وقدرا ولظروف طبيعية او تقنية، لكن في الظروف التي تعيشها المنطقة ،بمواجهة عسكرية مستمرة منذ ثمانية اشهر، تحتل فيها ايران الموقع الرئيس في قيادة محور المقاومة، لمواجهة التحالف المقاوم للمشروع الاميركي، وبعد الضربة الإيرانية الأولى والمباشرة منذ قيام الثورة الإسلامية باتجاه اسرائيل ، فإن سوء الظن والاتهام للتحالف الاميركي الاسرائيلي ،سيكون متقدما على الظروف الطبيعية او التقنية، خاصة وان امريكا اعتمدت في معاركها وحروبها، إما على الغزو المباشر او الانقلابات العسكرية الداخلية او الاغتيالات للرؤساء والقيادات المعارضة للمشروع الأميركي.
ضمن السياق التاريخي للصراع الإيراني-الاميركي والاغتيالات التي تعرّضت لها الثورة الإسلامية من اغتيال رؤساء الجمهورية والوزراء والعلماء، من الشهيد الرئيس رجائي ورئيس الوزراء”باهنر” والقيادة السياسية للحزب الجمهوري الاسلامي بقياده اية الله بهشتي، وبقية القادة الثوريين وغزوة “طبس” الأميركية واحداث السفارة الأمريكية والحرب العراقية-الإيرانية واغتيال قاسم سليماني ،فان المعركة بين اميركا وايران لم تهدأ ولن تهدأ الا بعودة ايران الى الحضن الاميركي او اليأس الاميركي من هزيمة ايران، مع عدم اهمال الدور الاسرائيلي في المواجهة ،خاصة وان ايران تمثّل المقاوم الرئيس منذ 40 عاما للمشروع الاميركي والمقاوم الاول لهذا المشروع بعد سقوط الاتحاد السوفييتي والكتلة الاشتراكية.
لا شك ان هذه الضربة سواء كانت من عوامل الطبيعة او العدوان، فإنها تمثل خسارة للثورة الإسلامية،لما يمثله السيد “رئيسي” من شخصية وازنة داخل إيران، ومن المرشحين الرئيسيين لخلافة المرشد الاعلى السيد الخامنئي، وفي لحظة مفصلية حساسة في الحرب الدائرة بين المشروعين الاميركي والمقاوم، وبالتالي فهي خسارة ثلاثية الابعاد ..ايرانيا واقليميا وعلى المستوى الديني على صعيد منظومة “ولاية الفقيه “.
صحيح… ان إيران اعتادت على الضربات القاسية واستطاعت ان تستوعب اغتيال قادتها على مدى 40 عاما، وأنها قادرة على سد الفراغ والتعويض عن هذه الخسارة، فهي ثوره ولاّدة…لكن لا شك ان هذه الضربة ، ستشغل القيادة الإيرانية من اجل ترتيب الوضع الداخلي في الشهرين المقبلين بما يمثلان من وقت حساس ومأزوم، حيث لا يزال التهديد الإسرائيلي ،باقتحام رفح لإنهاء الحرب على غزة وفق الشروط الإسرائيلية ،بالإضافة إلى أنهما شهرا التفاوض..
فهل ارتكب الاعداء هذه الجريمة، لإبعاد إيران واشغالها في الوضع الداخلي لتحييدها عن الميدان او التفاوض؟
وهل ان هذا الحادث هو اغتيال ذكي بوسائط ناعمة من الضباب والماء؟
وهل كان المطر المفاجئ وسوء الرؤية السبب في النهاية المشؤومة للطائرة ؟
وهل سيؤثر هذا الاغتيال على دور إيران في المنطقة؟
وهل سترد إيران إذا ثبت ان الحادث كان اغتيالا اسرائيليا اميركيا ؟
إنها أسئلة حائرة بانتظار ما سؤول إليه التطورات..
لقد اثبتت إيران انها قادرة على العمل بالتوازي بين الداخل والخارج، وأنها تستطيع استيعاب هذه الخسارة وكذلك محور المقاومة، وبالتالي ستبقى حادثة الاغتيال او الخسارة حادثة “محصورة ومحدودة التداعيات”، ولن تغيّر المشهد المقاوم، سواء على مستوى الاستراتيجيا او على المستوى المرحلي..
العزاء والتبريك للجمهورية الإسلامية، قيادة وشعبا مع الدعاء بالاستقرار والأمان.