ريميال نعمة – بابل العراق
توالت الايام في مهرجان بابل للثقافة والفنون مسرعة كوميض ضوء مشع، وكإطلالة الشمس الاولى بثت اشعاعا دافئا، زادت من سحر المكان الضاربة جذوره في عمق التاريخ، فكان الشعر والادب والقراءات والتجارب الابداعية، وكانت الموسيقى والفنون المختلفة التي صدحت في المكان واضافت سحراً على سحرالمكان وتوزع الضيوف بين فعالية واخرى.
ها هنا شعراء وكتاب وروائيون وفنانون يروون تجاربهم ضمن فعالية تحمل عنوان “تجربتي” ،ومنهم الروائية العمانية جوخة الحارثي العربية الاولى الحائزة على جائزة “بوكر” البريطانية.
بسمة نسورالقاصة الاردنية ووزيرة الثقافة السابقة. الروائية العراقية رغد السهيل والدكتور نعيم العبودي وزير التعليم العالي والبحث العلمي الذي سرد تجربته في الوزارة.
وفي مساحة أخرى قرأ شعراء من العراق والاردن ومصر وايران ولبنان وهولندا والسويد وفلسطين التي اتت منها الشاعرة والمذيعة في محطة ت-ر-ت التركية اسماء الحاج، وقد لفتت الحضور بزيها الفلسطيني الجميل وبقصائدها التي نسجت نوستالجيا جميلة على نول المحلية الفلسطينية قدمتهم الشاعرة والاعلامية اللبنانية لوركا سبيتي بحضورها الجذاب.
وهناك… عروض لافلام حاكت الوجع الفلسطيني والكفاح على غرار رائعة يسري نصرالله “باب الشمس “، وافلام استحضرت تجربة الشاعر الكبير نزار قباني “قمر دمشق ” للمخرج السوري نضال الدين قوشحة، واخرى عكست الواقع العراقي للمخرج حامد صالح “مندوب مبيعات ” وفي مطارح اخرى ندوات ونقاشات اثرت المشهد اليومي للمهرجان، لعل ابرزها تلك التي تحدثت عن الريادة الشعرية العراقية للشاعر عبد الوهاب البياتي، ومثلها ندوة تحت عنوان ربع قرن على رحيل الياسمين عن شاعر العشق والهوى نزار قباني، اضافة الى ندوات استحضرت فلسطين بالشعر والأدب والموسيقى، وفي ايام اخرى اختصارات للمشهد العراقي الثقافي في الدراما ، كما للدراما بشكل عام ومواكبتها للقضايا الكبرى شارك فيها ممثلون ونقاد ومخرجون حكوا معاناتهم كما انجازاتهم، شارك فيها من مصر الممثلة حنان شوقي والممثل طارق دسوقي والفنانة العراقية هند كامل، تفاعل معها الجمهور بشكل خاص.
كما احتفى المهرجان بالنجمة السورية سوزان نجم الدين التي تحدثت بإطلالة خاصة عن هموم الدراما السورية والعربية، وأضاءت على مسلسل “الحشاشين “الذي لاقى نجاحا كبيرا لدى عرضه في رمضان المنصرم.
وللموسيقى مطارح عديدة في المهرجان، اذ قدم عدد من الفنانين عروضهم امام بوابة عشتار الاثرية، كما على المسارح الاخرى، وكانت هناك مشاركة جميلة وان مقتضبة للفنانة السورية سهير صالح بأغنيات مختلفة اقتربت من الصوفية البسيطة وبصوت مثقف ودافئ وباحساس عالي
اما السردية اليهودية والصهيونية فكانت محل نقاش بكل ما تتضمنه من مغالطات على المستوى التاريخي والديني ضمن ندوة خاصة شارك فيها اساتذة مختصون في التاريخ والفكر السياسي، كما تطرقت ندوة موازية الى الاصولية اليهودية والسلوك الصهيوني.
وفي بادرة جيدة استضاف المهرجان عددا من علماء الاثار المختصين من العالم ، وتحديدا من المهتمين بالحضارة البابلية فكان مزيجا دسما من الثقافة المعرفية اداخلت في ما بينها.
وجوه كثيرة متنوعة تلاقت هناك في بابل ام الحضارات، وكان المهرجان فرصة للتلاقي والحوار وتبادل المعرفة والثقافات والتشبيك والاتفاق على لقاءات اخرى في فضاءات مماثلة تتسع للضوء والثقافة وتؤكد على جدوى الفنون للارتقاء بالوعي الجماعي للمجتمعات لاسيما العربية منها
بدأتها بابل بمهرجانها القديم/ الجديد الذي اتى “ترياقا” في ظل كل ما نعيشه، وبردا وسلاما انعش القلوب وشحنها بالامل و بالإصرار لمواصلة المقاومة بكل الوسائل المتاحة، ولتكريس ثقافة الحياة كممارسة يومية لشعوب اتقنت فن الحياة بكل ما تركته حضاراتها من فنون في العمارة والادب والشعر والموسيقى والشرائع والطب والادب ضد ثقافة الموت التي تتقنها اسرائيل بماضيها المزيف وحاضرها الملطخ بالدماء.
المهرجان في صور:
