المناظرة العلنية الأولى بين ثوار 17 تشرين والدولة
دانييلا سعد – الحوار نيوز
على الرغم من التباين بين الموقعين في الشكل الا أن الحوار الذي جرى البارحة بين وزير الاقتصاد والتجارة راوول نعمه وأحد رموز ثورة 17 تشرين المحامي واصف الحركة يرافقه مجموعة من الثوار، يسجل كنقطة للطرفين في أول حوار رسمي وعلني مباشر على الهواء بينهما.
تم التطرق خلال الحوار الى مشكلة غلاء الأسعار عامة والسلة الغذائية خاصة.وكذلك بالنسبة لمسألة غلاء الأسعار من قبل التجار بهدف كسب أرباح إضافية على حساب المستهلكين، كما تناول الحوار مسالة العجز الذي بات يعاني منه أغلب الشعب اللبناني لتأمين حاجياته الأساسية، هذه المأساة الآخذة بالتزايد بسبب الظروف المالية والاقتصادية والسياسية التي تمر بها البلاد إضافة الى الظروف الصحية التي فرضتها جائحة كورونا.
شدد المحامي واصف الحركة على أن ما صرح به وزير الاقتصاد والتجارة في السابق حول محدودية صلاحيات الوزارة التي تجعلها مكبلة أمام الرأي العام بسبب عدم السير بالإجراءات اللازمة من قبل القضاء تجاه المخالفين بعد إتمام الوزارة لواجباتها لناحية تحويل المخالفات الى القضاء بحسب القانون، ففي قراءة الحركة للقانون اللبناني أنه يمكن لوزير الاقتصاد بصفته محركا للحق العام ومن واجبه حماية الأسعار ضمن اختصاصه ،وله حق التصرف مع المتلاعبين بالأسعار إستناداً الى قانون العقوبات ،لا سيما المادتين رقم 685 و686 والمرسوم رقم 73/83 بالإضافة الى المرسوم رقم 659/2005 (حماية المستهلك)، فرأى أن هذه القوانين تعطي الصلاحية لوزير الاقتصاد بالتنسيق مع النيابة العامة ووزارة الداخلية باعتبارها جزءا من الضابطة العدلية لإيقاف المخالفين مباشرة بحيث يتم تحويل التاجر بصفة الموقوف بتهمة الاحتكار، التلاعب بالأسعار أو الغش، ومن هنا تأتي أهمية استخدام القوانين للجم من تمادى من التجار في مخالفة القانون والتسبب بفوضى الأسعار الحاصلة. وقد وعد الوزير من ناحيته بالنظر بما طرح في ما يتعلق بإيقاف المخالفين.
بالقابل أوضح الوزير نعمة أنه يعمل على تعديل أحكام قانون حماية المستهلك الذي وضع أمام الرأي العام للاطلاع عليه ومشاركته أراءهم تمهيداً لمراجعتها وإعداد المسودة النهائية لمشروع القانون الذي سيرسل الى مجلس الوزراء ومنه الى مجلس النواب ليأخذ مجراه بالسرعة اللازمة.
واعتبر الوزير أن حدوث التعديل على القانون يوسع من صلاحيات الوزارة ويعطيها قوة رادعة للحد من المخالفات ومن ارتفاع الاسعار ومكافحة الغش بشكل أفضل من خلال تفعيل كافة الاجراءات والتدابير المتخذة ،ومن خلال فرض الغرامات الفورية على المخالف من دون الحاجة الى إجراءات قضائية تأخذ وقتا طويلا عبر المحاكم.
بناء على تجربته الخاصة، نصح وزير الاقتصاد والتجارة المواطن اللبناني بزيارة أكثر من بائع لمقارنة الأسعار، فهناك تفاوت في التسعير بين مركز بيع وآخر.
طلب الوزير هذا نظري وغير ممكن بسبب القيود التي فرضتها التعبئة العامة وحظر التجول المطبقين حالياً بحيث سيضطر المواطن الى تعريض حياته للخطر من خلال احتمالية اصابته بفيروس كورونا.
كما وتطرق الوزير خلال النقاش الى أسباب غلاء الأسعار التي تعود الى كلفة ارتفاع سعر صرف الدولار الذي كسر عتبة ال 3000 ليرة لتاريخه ،ومن دون أي إجراءات جدية من قبل الحكومة للجمه، فقد أكد "اننا بلد مستهلك بإمتياز ولا يمتلك مواد أولية ومعظم السلع المصنعة محليا تدخلها مواد اولية نستوردها من الخارج وهكذا نعود مجددا الى أزمة سعر صرف الدولار".
من جهته اقترح المحامي الحركة ضرورة تقديم دعم السلة الغذائية للمواطنين من قبل الحكومة لفترة أربعة أشهر، الا أن الوزير لم يوافقه الرأي ،وهنا برز الصراع الطبقي بين وزير آت من طبقة برجوازية والغالبية الكادحة من الشعب اللبناني، وذلك من خلال رد الوزير على ممثلي الثورة بحجة أن الدعم لن يميز بين فقير وغني ،علما أن الضرائب غير المباشرة هي ضرائب موحدة وتطال كافة شرائح المجتمع. وكشفت هذه النقطة بالتحديد الموقع الذي يتحرك منه الوزير للمعالجة أو لإدارة الأزمة!
انتهى الحوار بتذكير الوزير بأن فترة المائة يوم المعطاة للحكومة لم تنته بعد ،وأن الحكومة وضعت خططا على المدى القريب والبعيد تشتمل الجوانب الاقتصادية، المالية، الزراعية والصناعية.
أما الثوار فكانوا على موقفهم الثابت بأن على الدولة التحرك سريعا لمعالجة أزمة الفقر المتفشي من جهة ولإظهار جرأة بالكشف عن ناهبي المال العام.
أمام هذا المشهد المتباعد في الرؤى وفي طرق المعالجة ووسط كل ما يحدث، هل سنشهد إنفجاراً للشارع وعودة الثوار الى الساحات بأعداد أكثر وبقوة أشرس قبل انتهاء أزمة كورونا؟