العلامة الخطيب في الذكرى 23 لرحيل الإمام شمس الدين:باقون على العهد حفاظا على الوحدة الوطنية والمقاومة
الحوار نيوز – خاص
لمناسبة الذكرى الثالثة والعشرين لرحيل سماحة الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين ،وجه نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب كلمة في هذه المناسبة جاء فيها:
تحلّ الذكرى الثالثة والعشرون لغياب العالم الجليل والمفكر الاسلامي والفقيه الكبير الامام العلم المجدّد في الفكر السياسي والديني، آية الله الامام الشيخ محمد مهدي شمس الدين (قدس سره)، ونحن في أمس الحاجة إليه ولأمثاله من القادة العلماء الحكماء والمفكرين المخلصين،في ظروف دقيقة تمر بها الأمة العربية والإسلامية ،ليس أقلها الحرب العدوانية الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني والجرائم التي ترتكبها العصابات الصهيونية في غزة والضفة الغربية ولبنان.
لقد فقدنا برحيل سماحته ركناً علمياً وفقيهاً مجتهداً ومفكراً رائداً حمل التطلعات والطموحات الكبيرة ،وابتكر من فكره الحلول للكثير من العقد الفكرية والسياسية التي حكمت الساحة العربية والاسلامية لعقود، دفاعاً عن دينه وامته لتكون خير أمة أخرجت للناس. وتشهد له عشرات المؤلفات والمقالات والمنابر والمؤتمرات، وتسكن فلسطين في وجدانه ويدعو للتعاون على البر والتقوى والتضامن على الحق في الدفاع عن هوية الأمة ودورها، ولا تتخلى عن حقوقها وثوابتها وقيمها، ونتذكر وصيته بحفظ وحدة الامة وشعوبها والتمسك بالمقاومة سبيلاً لتحرير الأرض وإنقاذ المقدسات وردع العدوان،وقد أثبتت نظرته صوابيتها التي لا تحمل الجدل،ونحن نواجه اليوم عدوا غاشما يرتكب من المجازر والجرائم الإنسانية التي لم يعرفها التاريخ الحديث ،ما يدفعنا إلى التمسك بنهجه وأفكاره وتطلعاته للمستقبل القريب والبعيد.
كما نتذكر مسيرته الجهادية في التأكيد على العيش المشترك، مسلمين ومسيحين ،وسعيه الدؤوب لتطوير نظام سياسي على قاعدة المواطنة والعدالة الاجتماعية، يحكمه النظام والقانون ويخرجه من كهوف الطائفية والمحاصصة والفساد،وليس أدل على ذلك من الحالة المزرية التي وصل إليها لبنان من فراغ سياسي في المؤسسات وانهيار إقتصادي وتداعيات إجتماعية، نتيجة التشبث بالمصالح الشخصية على حساب الوطن والمواطنين.
لذلك نؤكد أننا باقون على العهد وعلى نهجه ونهج رفاق دربه في الحفاظ على الوحدة الوطنية والعيش المشترك ،وعلى المقاومة طالما بقي لبنان تحت التهديد الارهابي الاسرائيلي والعصابات التكفيرية، حتى يتفق اللبنانيون على بناء دولة قادرة على الدفاع عن ارضها وشعبها في مواجهة ما يتهددها من اخطار وردع العدوان حفظاً لكرامة الوطن والمواطنين.
ونتعهد أن يبقى المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى مؤسسة وطنية رائدة حاضنة لكل اللبنانيين، وعهدنا إليهم أننا على نهج الوفاء للبنان سنبقى نحميه ونحفظه وطن الشراكة الحقيقية والعيش المشترك، وسنظل نعمل مع بقية الشركاء في الوطن ليكون وطناً نهائياً لجميع بنيه دون تمييز، لا تحكمه المحاصصة والمذهبية لأننا نريده بحجم تطلعاتهم وطن العدالة والمساواة الذي يحكمه القانون والمؤسسات، ليكون لبنان دولة عادلة لمواطنين أحرار.
رحم الله الأستاذ العزيز والحبيب الذي رحل في عز عطائه والحاجة الى فكره الثاقب والنيّر في هذا الظرف العصيب ،وإلى الآراء الشجاعة في اتخاذ الموقف الحق، لا تلومه في الله لومة لائم لانقاذ البلاد والعباد، وسيظل موجودا في ذاكرتنا وقلوبنا وعملنا. هنيئا له في جهاده ومسيرته وعطاءاته الخالده وفكره وعلمه وفي تلامذته المخلصين لنهجه وفكره، السائرين على دربه في القيام بما يمليه عليهم واجبهم ومسؤوليتهم الدينية والوطنية، ونسأل الله عز وجل أن يحشره مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، وحسُن أولئك رفيقا.