الحوارنيوز – صحافة
تحت هذا العنوان كتب نبيه البرجي في صحيفة الديار يقول:
إذا كانت الادارة الأميركية خائفة من لبنان، أو خائفة على لبنان، كنقطة انطلاق للحرب الكبرى، لماذا استبعاده من زيارات أنتوني بلينكن للمنطقة منذ السابع من تشرين الأول، مع أن صديقه دنيس روس اعتبر أن “لبنان نقطة ضعفنا في الشرق الأوسط”؟
هذا هو المنطق الأميركي منذ عام 1948. الدوران حول الأزمة دون أي محاولة لتفكيكها، ربما أخذاً بقول برنارد لويس “ما دام العرب ينتظرون يوم القيامة، فهم باقون حتماً في الغيبوبة الى يوم القيامة”، مع اغفال قول هيرودوت من 2500 عام بأن المنطقة تقع على خط الزلازل، وكذلك مخاوف وليم كريستول “من ذلك المكان الذي ولدت فيه الايديولوجيات المجنونة”، متغاضياً عن دور التوراة في ظهور هذه الايديولوجيات.
بعدما عاد بلينكن من “تل أبيب” خاوي الوفاض، لنكتشف على ذلك النحو الصارخ، ضعف جو بايدن أمام بنيامين نتنياهو، ما الجدوى من زيارة آموس هوكشتين الا إذا كان قد استساغ المائدة اللبنانية، أو إذا أراد أن ينقل الينا تهديد “اسرائيل” بغارة صاعقة تشنها عشرات القاذفات على لبنان لإعادته الى العصر الحجري. اذاً، لم تعد طهران هيروشيما القرن، كما كان يلوّح ايتامار بن غفير، بل بيروت.
لا نتصور أن أحداً سأله أو سيسأله، عن دور الأقمار الصناعية الأميركية في تزويد المحطات الأرضية “الاسرائيلية” بالإحداثيات الحساسة حول التحركات العسكرية للمقاومة في لبنان. مثلما أميركا شريكة كاملة في الحرب على غزة، هي شريكة كاملة في الحرب على لبنان. هنا الغرابة في المساعي الأميركية للحيلولة دون اتساع الحرب، كيلا تنفجر المنطقة وتنفجر معها مصالحها الاستراتيجية .
هوكشتاين ومن فوقه ومن حوله، يدركون أن حرباً على لبنان لا بد أن تمتد في كل الاتجاهات. وإذا كان “الاسرائيليون” يقولون “بعد الحرب لن يكون هناك لبنان”، هل يمكن أن تكون هناك “اسرائيل”؟
مصطلح “ترسيم الحدود” الذي يكشف مدى غباء بعض أهل السياسة عندنا، هرطقة لغوية وهرطقة سياسية. هذه الحدود مثبتة دولياً، منذ اتفاقية 7 آذار عام 1923 بين الانتداب الفرنسي والانتداب الأنكليزي ( N.Poulet ـ Newcomb ،) والتي أودعت عصبة الأمم، وتم التصديق عليها في 6 شباط 1924، ثم اتفاقية الهدنة في رودس في 24 شباط 1949، لتتكرس في رأس الناقورة في 23 أذار 1949 .
وفقاً لتلك الاتفاقيات، مزارع شبعا وتلال كفرشوبا (وشمال الغجر) أرض لبنانية وليست سورية، ولن تكون “اسرائيلية”، بعدما أفادت المعلومات بأن في الرأس الأميركي حلاً لهذه المشكلة، بأن تنسحب “اسرائيل” من تلك المناطق لتوضع تحت رعاية الأمم المتحدة، مقابل تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 (هل اقترح “الاسرائيليون” مرابطة قوات ألمانية فيها؟) شرط انسحاب حزب الله الى ما بعد جنوب الليطاني.
من يصدق أن “الاسرائيليين” يمكن أن يتخلوا عن تلك المرتفعات الفائقة الحساسية على المستوى الاستراتيجي، والتي كان آرييل شارون يرى فيها “بوابتنا الى دمشق وبيروت”. ولكن ألا يراهن “الاسرائيليون” على أن يكون الانسحاب بداية النهاية لحزب الله الذي لا بد أن يتحول بعد الانسحاب، الى “مشكلة لبنانية داخلية” لا تلبث أن تنفجر، وينفجر معها لبنان الذي يزول من الخريطة.
بعدما شاهدناه من أهوال البربرية في غزة، مع انتهاك مدو لكل المواثيق والقوانين الدولية، كيف للبنان أن يتخلى عن القوة الوحيدة التي بإمكانها أن تلجم تلك الثلة من القتلة. هؤلاء الذين لا أحد يستطيع التكهن الى أين يصلون بالحرب في غزة، وما بعد ما بعد غزة.
كل ما يحدث أمامنا يظهر أن القادة “الاسرائيليين” لا يكترثون لـ “اللاءات” الأميركية. لماذا هوكشتين في بيروت اذاً؟ وان تردد أنه يقوم بزيارته في ضوء الاتصالات التي تجري بين واشطن وطهران عبر القناة القطرية، أو عبر القناة العمانية.
حرب “اسرائيلية” ضد لبنان! مثلما اختبر حزب الله نقاط القوة في “اسرائيل”، اختبر نقاط الضعف أيضاً. المنظومة السياسية في لبنان، ودون الحاجة الى “اسرائيل”، اعادت البلاد الى العصر الحجري. الى أين تعود “اسرائيل”؟
أولئك الغرباء حزموا حقائبهم، وهم يقفون وراء الباب…