حرب الاستنزاف أسوأ من الهجوم البري.. والبديل تسوية عادلة (واصف عواضة)
كتب واصف عواضة – خاص الحوار نيوز
ما تزال القيادة الاسرائيلية مسكونة بالتردد في اطلاق الهجوم البري على قطاع غزة لأكثر من سبب ،وهي من هذا المنطلق تنحو من تأجيل إلى تأجيل لهذا الهجوم الذي وعد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو منذ الاسبوع الاول للحرب بأنه سيتم خلال ساعات.
اولى أسباب التردد الاسرائيلي تنطلق من ان العملية البرية ستكون مكلفة للجيش الاسرائيلي،خاصة وأن اجهزة الأمن والمخابرات الاسرائيلية تجهل ما تخبئه “حماس” وفصائل المقاومة الفلسطينية من مفاجآت،خاصة بعد المفاجأه الكبرى في عملية “طوفان الأقصى”. وعليه لا يمكن لجيش “أعمى” ان يقوم بهجوم على منطقة لا يعرف اسرارها وخباياها وطبيعة أنفاقها التي يقال إنها تربو على 1300 نفق. وبالتالي ليس مضمونا القضاء على “حماس” في الهجوم البري.
ثانية هذه الاسباب الضغوط الأميركية على القيادة الاسرائيلية للحؤول دون الهجوم البري الذي سيفتح الباب ان حصل، أمام اتساع رقعة الحرب في المنطقة ،ما يجعل الحضور الاميركي في المنطقة في مواجهة مباشرة مع محور المقاومة.
ثالثة هذه الأسباب، مصير الاسرى الذين تحتجزهم “حماس” والفصائل الفلسطينية في غزة،وعددهن نحو 250،حيث يعرضهم الهجوم البري للموت. فهل تتحمل اسرائيل مثل هذه المغامرة،خاصة وان بينهم أجانب من دول غربية عظمى؟
بناء على ما تقدم قد يكون البديل حرب استنزاف هي أسوأ من الهجوم البرّي ،لأن مثل هذه الحرب ستطول ،وربما تمتد لأشهر وستكون نتائجها كارثية على جميع أطرافها .
مثل هذه الحرب الطويلة الأمد تعني في ما تعنيه:
أولا:إستمرار القصف الجوي والبري والبحري المدمر على قطاع غزة ،وصولا إلى محاولة مسحه بالأرض وتدمير البنى الفوقية والتحتية وقتل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين ،بما يوازي إلغاء غزة من الوجود ،وهو الهدف المعلن والمضمر الذي يطرحه قادة العدو.
ثانيا: استنزاف كل الموارد الإسرائيلية ماديا وبشريا وعسكريا ونفسيا ،ولن تتمكن الولايات المتحدة عندها من إمداد إسرائيل باحتياجاتها ،خاصة وأن فريقا لا بأس به من الكونغرس الأميركي بدأ يتشكل رافضا لهذه الحرب ولسياسة الإدارة الأميركية.
ثالثا:إبقاء جبهة الجنوب اللبناني على حالتها الراهنة ،مع الخشية من إنزلاق هذه الحالة إلى ما هو أعظم،نتيجة خطأ ما قد يقع فيه طرفا الصراع.
رابعا:بقاء المنطقة على فوهة بركان تشبه الوضع القائم في أوكرانيا ،مع ما يعني ذلك من استنزاف للطاقات ،هذا إذا لم تحصل تطورات غير محسوبة في ظل الغليان الشعبي في العالم العربي .
ما هو البديل في هذه الحال؟
هناك رئيس وزراء في إسرائيل إسمه بنيامين نتنياهو، حصلت في عهده أسوأ مرحلة سقوط في تاريخ الكيان الصهيوني ،وهو واقع بين شاقوفين:طغمة من المتطرفين تضغط عليه من داخل حكومته،ورأي عام إسرائيلي يعارض سياساته،وقد باتت القضية بالنسبة إليه شخصية أكثر منها وطنية تبعا للإتهامات الموصوم بها قضائيا، وهو يعرف جيدا أن خياراته ضيقة وتنحصر بين النصر أو السجن.لذلك هو بحاجة إلى مخرج يحفظ له كيانه ولو بالحد الأدنى.وإذا كانت الإدارة الأميركية تدعم إسرائيل بقوة في هذه المرحلة ،فهو يعرف أن واشنطن أول من يتخلى عن الحلفاء صونا لمصالحها.ومن هنا لن يوقف نتنياهو الحرب قبل أن يضمن المخرج اللائق.
أمام كل ما تقدم يبقى الحل الوحيد الذي يحفظ جميع الأطراف ويخرجهم من المأزق ،على قاعدة “رابح رابح” على الرغم من الخسائر الفادحة ،ويكمن هذا الحل في تسوية عادلة للقضية الفلسطينية، تقوم على حل الدولتين الذي عاد بقوة إلى الواجهة العربية والدولية ،بعدما كادت فكرته تندثر أمام التخلي الدولي والتراخي العربي.
قد يبدو هذا الطرح طوباويا في ظل طبول الحرب ،لكنه البديل الذي لا مناص منه مهما طال الزمن..ومن يعش ير..!