موازنة التسليم بالامر الواقع(عماد عكوش)
د. عماد عكوش – الحوار نيوز
أعلن المكتب الإعلامي لوزارة المالية، في بيان، أنّ “الوزارة رفعت مشروع قانون موازنة العام 2024 إلى مجلس الوزراء، ليُصار إلى مناقشته”، مشيرًا إلى أنّه “بذلك تكون الوزارة قد التزمت بالمهلة القانونيّة الّتي حدّدها الدّستور”.
في القراءة الاولية لا يمكن فصل قراءة وتقييم موازنة العام 2024 عن موازنة العام 2023 ،والتي لم يتم المصادقة عليها لغاية اليوم من مجلس النواب، وبالتالي لم تصبح نافذة لغاية اليوم ، والتي تتضمن بنود ضريبية وتعديلات كبيرة طالت الكثير من الضرائب والرسوم .
اما بخصوص سياسة دولرة الرسوم فهي أستكمال لنفس السياسة التي بدأت في مشروع موازنة 2023 والتي طالت في حينها بعض البنود ومنها :
– رسوم المغادرة للمسافرين
– مستحقات المقالع والحفارات .
– دفع ضريبة الرواتب والاجور بنفس العملة المدفوعة .
– دفع ضريبة رؤوس الاموال المنقولة بنفس عملة الاصل .
– تسديد ضريبة المتوفي الذي يملك وديعة بالعملة الاجنبية وبمقدار 3 بالمئة .
– الغرامات تدفع بنفس عملة الضريبة .
مع موازنة 2024 تم أستكمال مشروع دولرة الرسوم حيث تم أضافة العديد من الرسوم على وعاء الضرائب والرسوم الدولارية ومنها :
– الحصص والأرباح التي تعود للدولة اللبنانية من استخراج النفط ومشتقاته وبيعه، وإيرادات ألعاب الكازينو بالعملة الأجنبية، وحصة الدولة من الشراكات مع القطاع الخاصة.
– الضريبة المتوجّبة بموجب أحكام المادة 51 من القانون 497. أي القانون المتعلق بتسديد ضريبة الفوائد.
– الضريبة المتوجّبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة الأجنبية.
– الضرائب والرسوم المتوجّبة على الشركات صاحبة الحقوق البترولية والشركات صاحبة الحقوق البترولية المشغّلة.
– رسوم المغادرة عن المسافرين بحرا وجواً بالدولار الأميركي.
– الرسوم القنصلية.
– الرسوم الجمركية.
– رسم الاستهلاك الداخلي عند الاستيراد.
– الرسوم التي تستوفيها مؤسسة كهرباء لبنان.
– رسوم المطارات.
– الضريبة على القيمة المضافة المتوجّبة على رسوم المطارات.
– كلّ الرسوم المرفئية….
– الضريبة على القيمة المضافة التي سدّدها السائح لأصحاب المحالّ المتعاقدة مع وزارة المالية عن مشترياته داخل الأراضي اللبنانية ويطلب استردادها وفقاً للأحكام الخاصة باسترداد الضريبة.
– رسوم الإقامة لحاملي إجازات العمل من كلّ الفئات، بمن فيهم الفنانون والموسيقيون وبطاقات الإقامة، وغيرها من الرسوم والسمات والغرامات التي تستوفيها المديرية العامة للأمن العام التي يُحدّد استيفاؤها بالدولار الأميركي بموجب مرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء.
في الواقع هناك عدة أسباب لدولرة الرسوم والضرائب ، من هذه الاسباب :
– حاجة الدولة للعملات الصعبة .
– عدم قدرة الدولة والحكومة على اللجوء للأسواق المالية للحصول على هذه العملات وبالتالي الاستدانة منها .
– عدم وجود ما يكفي لدى مصرف لبنان من هذه العملات .
– التسليم بأن الحلول الجذرية في لبنان مستحيلة .
أما بخصوص حاجة الدولة اللبنانية فلها طبعا” أسبابها ومنها :
– تسديد فوائد القروض بالعملة الصعبة ولا سيما منها القروض المقدمة من منظمات وهيئات دولية وحتى اليوروبوند لاحقا” في حال أعادة هيكلتها ، فالخروج من الأزمة يحتم أعادة هيكلة الدين العام ككل لأعادة الانطلاق بالاقتصاد اللبناني من جديد .
– دفع رواتب الديبلوماسية اللبنانية في الخارج وبقية النفقات المرتبطة بها .
– الحاجة لشراء بعض اللوازم والمواد الضرورية ومنها النفط ، الدواء المدعوم ، الطحين ، وغيرها .
– دفع بعض العقود بالدولار الاميريكي ولا سيما انه بعد الانهيار الكبير لم تعد أي من الشركات تقبل التعاقد بالليرة اللبنانية .
– دفع رسوم أشتراكات الدولة في المنظمات والهيئات الدولية أو بشركات الكابلات والاتصالات والاقمار الاصطناعية .
أما بخصوص عدم القدرة على الاستدانة فالأمر واضح ، فبعد التعثر الذي حصل سنة 2019 ، وبعد التصنيف السيئ للبنان عالميا” من قبل وكالات التصنيف العالمي ، أصبحت قدرة لبنان على الدخول الى الاسواق المالية للأستدانة شبه معدومة ومكلفة جدا” .
ان موضوع الاحتياطي من العملات الصعبة والموجود لدى مصرف لبنان ، هذا الاحتياطي في الاساس هو ما تبقى من الاحتياطي الالزامي ،وبالتالي هو جزء من الودائع ومن حق المودعين الذين أودعوا مدخراتهم لدى المصارف في لبنان بالعملة الصعبة ،وبالتالي لم يستفيدوا من عوائد الفوائد المرتفعة على الليرة حتى يحافظوا بالحد الادنى على قيمتها ، فأتت الحكومات اللبنانية ومصرف لبنان واستعملاها وأهدراها في صفقات بمعظمها مشبوهة . لذلك فمن غير المسموح الاستمرار في نفس النهج وأهدار ما تبقى من هذه الودائع وهذا ما وعد به نائب الحاكم الاول منذ استلامه للحاكمية بالأنابة .
ويأتي في نهاية الأسباب التسليم من الجميع بأن الحلول السياسية الجذرية في لبنان مستحيلة، وبالتالي لا بد من فرض الرسوم الدولارية حتى نبقى ونستمر وحتى لا نقع في فخ التضخم المفرط المستمر عند كل هزة سياسية أو أمنية .
يبقى ان نشير الى أنه كما تمت أضافة ضرائب ورسوم جديدة في مشروع موازنة 2023 ، أيضا” تمت أضافة رسوم وضرائب جديدة في مشروع موازنة 2024 ، في الوقت المفترض فيه وخاصة في حالة التضخم المفرط الذي وقع فيه لبنان والاقتصاد اللبناني أن نلجأ الى الوسائل الطبيعية لزيادة الواردات لا ان نلجأ الى ضرائب ورسوم جديدة .
ففي مشروع موازنة 2023 تمت أضافة بعض الرسوم والضرائب ومنها :
– زيادة ضريبة غير المقيمين الى 20 بالمئة و 50 بالمئة بمعدل 17 بالمئة .
– ضريبة 15 بالمئة على أرباح التفرغ عن العقارات مع استثناء التفرغ عن السكن .
– فرض ضريبة على أعمال الأون لاين بمعدل 2 بالمئة حتى ولو كان لنشاط خارج لبنان .
– اقتطاع 3 بالمئة من ودائع المتوفي لمصلحة خزينة الدولة .
– تعديل بعض الرسوم على بعض السلع الاستهلاكية ولا سيما المشروبات الروحية والتبغ والتنباك وفرض رسم على المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة .
– رسم 1 بالمئة على الاملاك العمومية .
– استيفاء رسم للعاملين في الدوائر العقارية .
وفي مشروع موازنة 2024 تمت أضافة بعض الرسوم والضرائب ومنها :
– تسجيل اصحاب الحفلات وأجبارهم بدفع الضريبة على القيمة المضافة .
– رفع الضريبة على القيمة المضافة الى 12 بالمئة .
– استحداث بدل رسم خدمات في الادارة العامة للمعاملات السريعة .
– تعديل رسوم الاقامات واجازات العمل .
– تعديل رسوم السجل التجاري .
– رسم جديد على بعض المواد الاستهلاكية للحفاظ على البيئة .
– مُنح القضاة رسماً مقطوعاً عن كل دعاوى تفريق وطلاق وخلع وإثبات زواج وسواها.
– رسم لكل طلب إذن مزاولة مهنة الهندسة، ورسوم للمراجعات والطلبات الخاصة، ورسم لكل طلب اعتراف بدراسة أو شهادة جامعية ومعادلتها.
كما كنا قد أوردنا فأنه في ظل التضخم المفرط فمن الخطأ اللجوء الى زيادة الضرائب والرسوم والافضل هو اللجوء الى زيادة الواردات الضريبية عبر ثلاث بوابات اساسية :
البوابة الأولى : تحفيز الأقتصاد لتكبيره من خلال تهيئة بنية تحتية ملائمة .
البوابة الثانية : توسيع الوعاء الضريبي من خلال ملاحقة المكتومين وتسجيلهم .
البوابة الثالثة : مكافحة المتهربين عبر ضبط عمل الضابطة الضريبية والجمركية .
البوابة الرابعة : الاصلاح الضريبي عبر توحيد الوعاء الضريبي واعتماد الشطور الضريبية في كل انواع الرسوم والضرائب حتى يتحمل الغني بعدالة ما يجب ان يتحمله .
المؤسف ان الكثير من الوقت يمر ، والسياسات التي تعتمدها الحكومات المتعاقبة والمجلس النيابي لا يلبي الطموحات التي يتطلع اليها اللبنانيون ، ما يجري فقط هو حالات ترقيعية ويتم تحميل معظم عبئها للمواطن وللطبقات الفقيرة في لبنان ، والغني للأسف يتهرب عبر الوسائل غير الشرعية من دفع ما يتوجب عليه وعبر القوانين التي يقرها هو كون من يسيطر على المجلس النيابي بمعظمه من أصحاب الكارتيلات والرساميل الكبرى ، فهل تخرج كتلة نيابية ما وبصوت مرتفع عن صمتها ،أم ككل الكتل النيابية يبقى الصمت سيد موقفها .