قالت الصحف:خروج باهت وهبوط ناعم في حاكمية مصرف لبنان
الحوار نيوز – صحف
ركزت الصحف الصادرة اليوم على خروج حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وتسلم نائبه وسيم منصوري حاكمية البنك المركزي ،وتناولت أيضا أحداث عين الحلوة الدامية.
النهار عنونت: “هبوط ناعم” في الحاكمية… وشراكة “ثلاثية”؟ حرب عين الحلوة استباحة شاملة بلا ضوابط
وكتبت صحيفة “النهار”: كادت الحرب الشرسة بين “فتح” والإسلاميين في مخيم عين الحلوة تحجب ابرز حدث مصرفي ومالي ببعد سياسي ثقيل من الطراز الاثقل تمثل في نهاية ولاية حاكم مصرف لبنان السابق (هكذا تغدو صفته من اليوم وللمرة الأولى منذ ثلاثين عاما) رياض سلامة ومغادرته المصرف المركزي للمرة الأولى منذ مدة طويلة املتها ملاحقته القضائية على يد القاضية غادة عون، وانتقال صلاحياته وكالة الى نائبه الأول وسيم منصوري الذي سارع مع النواب الثلاثة الاخرين قبل يوم من الموعد الرسمي لتسلم مهماته الى الإطلالة على الرأي العام بما يفصح عن عناوين المرحلة الانتقالية المقبلة . ومع ان كل ما رافق اليوم الأخير من ولاية سلامة والتحضيرات لتسلم منصوري والنواب الثلاثة الاخرين للحاكم لم ينطو على أي مفاجأة، فان ابرز ما يستخلص من مجريات هذا الانتقال والمؤتمر الصحافي الذي عقده الحاكم الأول ومن ثم دعوته الى حضور مجلس الوزراء والشروع في تحضير مشروع قانون الاستدانة الجديد للحكومة من مصرف لبنان يتركز على معطيات جديدة ستكون قيد الرصد والاختبار في المرحلة الانتقالية التي يصعب تحديدها، علما انه بدا لافتا ان منصوري تحدث عن ستة اشهر لانجاز المشاريع والإجراءات الإصلاحية. المعطى الأول يتمثل في ان منصوري تحدث عن تسلمه لمهماته وفق ما ينص عليه القانون من دون أي تحفظات بما عكس اسقاطه والنواب الثلاثة الاخرين لكل ما اثاروه في الأسابيع التي سبقت نهاية تموز من تحفظات او تلميحات بالاستقالة وسواها من مواقف ذهبت مع نهاية ولاية رياض سلامة. المعطى الثاني يتمثل في تعمد النائب الأول تظهير الاختلاف الموعود في السياسات الإجرائية المالية بين ما كان سائدا وما سيكون بعد اليوم خصوصا لجهة رفض الانفاق خارج التغطية الحكومية النيابية الامر الذي يرسم واقعيا معالم شراكة ثلاثية ضمنا في السلطة المالية العليا يتوزعها المجلس المركزي لمصرف لبنان مع رئاستي الحكومة ومجلس النواب. المعطى الثالث ان الإجراءات المالية والنقدية وفي سوق القطع لن تشهد قفزات ومتغيرات انقلابية بل تبديلات تكتية بطيئة خشية تفلت زمام التحكم بالوضع الناشئ بعد مغادرة “مايسترو” الواقع المالي الذي كان يديره بسلطة شبه أحادية. ولكن اخطر المحاذير التي ستكون ماثلة في واقع “الشراكة” الجديدة يتمثل بتشريع استباحة بقايا ودائع المودعين التي وان تناول التشريع المطروح لاستدانة الحكومة من مصرف لبنان تقنين الانفاق، فان ذلك لا يحجب تشريع النزف الذي سياتي على حساب المودعين.
وفي يومه الأخير قال رياض سلامة خلال مغادرته المصرف امام موظفيه “بودّعكن، بسّ قلبي باقي مَعكن، مصرف لبنان صمد وسيبقى صامداً”. وفي وقت متزامن مع الوداع السريع كان النائب الأول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصور يكشف في مؤتمرصحافي أنّ “المجلس المركزي في مصرف لبنان أصدر قرارًا يمنع المساس بالتوظيفات الإلزامية عام 2021 واكتشفنا قناعة لدى السلطة السياسية أن لا نية لديها للإصلاح . وفي تظهير لتمايز موقف نواب الحاكم عن السياسات السابقة قال منصوري “خيارنا كان ثابتا وواضحا وهو أنه مهما كانت الأسباب التي تدفع الحكومة لطلب أموال من المصرف المركزي فهي أسباب غير مبرّرة على الإطلاق ويجب أن يتوقّف هذا الاستنزاف نهائيا”. وقال: “نحن إما امام الاستمرار بالنهج السابق والسياسات السابقة فان موجودات المصرف محدودة لذا لا بد من الانتقال الى وقف تمويل الدولة بالكامل”. كما لفت الى “أننا مستعدون لنكون الى جانب النواب يوميا لتزويدهم بالأرقام والمعلومات”، قائلا: “فليكن التعاون قانونياً متكاملاً بين الحكومة والبرلمان والمصرف المركزي”. وأشار الى أنه “لن يتمّ التوقيع على أيّ صرف لتمويل الحكومة إطلاقاً خارج قناعاتي وخارج الإطار القانوني لذلك”. وأوضح أنه “لا يمكن للبلد أن يستمر من دون إقرار القوانين الاصلاحية خلال مدة الستة اشهر المقبلة، وهي موازنة العام 2023 التي الحكومة بصدد الانتهاء منها في جلسة اليوم ( امس) ولاحقا موازنة العام 2024 ضمن المهل الدستورية، وقوانين الكابيتال كونترول وهيكلة المصارف واعادة التوازن المالي”. وقال: “ننظر الى فترة انتقالية قصيرة تسمح بتمويل الدولة بموجب قانون”، مؤكدا ان “تشريع الصرف من التوظيفات الإلزامية من مصرف لبنان يجب أن يكون مشروطاً برد الأموال ويجب ان يكون التشريع لفترة محددة ومشروطة وسيسمح القانون بدفع الرواتب بالدولار وفق منصة صيرفة”. واكد ان “ما يعزز الاستقرار، هو القانون المقترح الذي ستطلب الحكومة اقراره، والذي يعزز قدرات المصرف المركزي على التدخل في سوق القطع في حال محاولة اي من المضاربين على التلاعب، مع التأكيد ان القضاء والقوى الامنية تراقب عن كثب اي محاولات للتلاعب في سوق القطع، سواء اكان اليوم ام في الغد او في الفترات المقبلة”.وتعهد منصوري بـ “الشفافية الكاملة في عملنا ونصرّ على رفع السرية المصرفية عن الجميع”.
وبدا لافتا ان رد الفعل السياسي الإيجابي الأول حيال مواقف منصوري جاءه من رئيس حزب “القوّات اللبنانية”سمير جعجع الذي سارع الى القول “ما سمعناه اليوم من النائب الأول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري يبشّر بالخير”.
كما ان رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الذي طلب من منصوري الحضور الى جلسة مجلس الوزراء عصرا في السرايا كرر في مداخلته في الجلسة انه: منذ بدء الحديث عن الموضوع كنت اقول اننا لا نقبل بحصول شرخ ولكن هناك اولويات من الضروري اخذها بالاعتبار حسب تسلسل المواد في قانون النقد والتسليف. ولما تعذر تعيين حاكم جديد ، اجريت مباحثات طويلة مع نواب الحاكم وخاصة مع النائب الاول وسيم منصوري، الذي، بحسب القانون هو الذي سيتولى منصب حاكمية مصرف لبنان”. وقال:” دعوت منصوري اليوم لحضور الجلسة ليعرض لمجلس الوزراء الافكار التي يريد مناقشتها ويطالب بها، وفي رأيي ان ما يطلبه يتطابق مع موقف الحكومة لجهة المشاريع الاصلاحية التي ارسلناها الى مجلس النواب. وهو يطلب اقرار تشريع يجيز للحكومة الاقتراض بالعملة الاجنبية من مصرف لبنان”. وأبلغ ميقاتي الوزراء بأن هناك مشروع قانون يرمي الى الإجازة للحكومة الاقتراض بالعملات الأجنبية من مصرف لبنان سيتم توزيعه عليهم تمهيدا لمناقشته في جلسة مقبلة متوقعة في وقت قريب جدا . كما تم توزيع كتاب من نائب رئيس الحكومة سعاده الشامي في الإطار ذاته.
الاستباحة الدامية
في غضون ذلك عاش مخيم عين الحلوة ومحيطه أمس يوما ملتهبا اخر في ظل اشتباكات عنيفة بأسلحة مختلفة على كل محاوره، بين عناصر من حركة “فتح” وعناصر إسلامية متشددة، في أعقاب كمين مسلح أول من أمس، أودى بقائد “الامن الوطني” في منطقة صيدا اللواء “أبو أشرف” العرموشي ومرافقيه الأربعة. ووفقاً لمعلومات من مصادر مختلفة، ارتفع عدد القتلى في اليوم الثالث الى ما يراوح بين 12 و15 قتيلاً وأكثر من 50 جريحاً بين مدنيين ومسلحين وقتل عدد من العناصر التابعين لمنظمات إسلامية . وفي انعكاس بالغ الخطورة لترجمة صراعات دموية ذات امتدادات إقليمية تعصف بالواقع الفلسطيني في لبنان بدت حرب عين الحلوة كأنها بلا ضوابط وحرب تصفيات عنيفة فيما تعجز الدولة والقوى الأمنية والعسكرية عن التدخل ويبقى الوضع مفتوحا على فصول جديدة من الاستباحة الأمنية والسيادية .
وفي ظل نزوح الاهالي من المخيم والمحيط خوفا من توسع رقعة الرصاص والقذائف، عقد إجتماع ظهراً في مقرّ التنظيم الشعبي الناصري في صيدا دعا إليه النائب أسامة سعد لمُحاولة ضبط الأوضاع ولجم المعارك التي تحصل داخل مخيّم عين الحلوة. واثر الاجتماع، قال سعد: حصل اتفاق بين الفصائل على تثبيت وقف النار ميدانيا فورا في عين الحلوة وسيعقد اجتماع ثان غدا وسيتم تسليم الجناة الضالعين في قتل مسؤول حركة فتح الى الجيش.
ونفى مصدر فلسطيني مسؤول ما تم تداوله، حول زيارة رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج لبنان، وعلاقة ذلك بما يجري من أحداث في مخيم عين الحلوة .واعتبر “انها مجرد محاولة لزج المخيمات الفلسطينية في حسابات سياسية داخلية، كما أن الهدف منها افتعال الخلافات بين الفلسطينيين لتلقي بظلالها على دعوة الرئيس محمود عباس، للأمناء العامين للقوى السياسية للاجتماع في مصر. وأكد المصدر، أن زيارة اللواء فرج “تمت بدعوة من المؤسسة الأمنية اللبنانية الرسمية في إطار العلاقات الثنائية البناءة والدائمة بين البلدين والشعبين لخدمة مصالح الشعبين والبلدين الشقيقين”. واستنكر “فبركة هذه الأخبار وتداولها بهذه الطريقة ومحاولة الدفاع عن الإرهابين ومحاولة تبرير ممارساتهم من قبل البعض” .
وكرر الرئيس ميقاتي في جلسة مجلس الوزراء القول “لا نقبل إستخدام الساحة اللبنانية لتصفية الحسابات الخارجية على حساب لبنان واللبنانيين،وبشكل خاص ابناء صيدا” . واكد ان “الجيش يقوم بواجبه لمعالجة هذه المسألة، وما يحصل مرفوض بالمطلق لكونه يكرّس المخيم بؤرة خارجة عن سيطرة الدولة، وعلى كل مقيم على الاراضي اللبنانية أن يحترم تحترم السيادة اللبنانية والقوانين ذات الصلة وأصول الضيافة. وقبل دخولي الى مجلس الوزراء اتصلت بالامنيين وخصوصا مخابرات الجيش واستوضحت منهم عن الوضع ، حيث تبين ان هناك وقفا جديا لاطلاق النار، لكن هناك جهات خارج هذا الاتفاق تقوم بخرقه بصورة مستمرة” .
الأخبار عنونت: الحكومة تؤجّل إقرار مشروع الاقتراض من الاحتياطي الإلزامي: خروج باهت لسلامة
وكتبت صحيفة “الأخبار”: «وجهة استعمال الاحتياطيات الإلزامية بالدولار» كانت المحور الأساس في المؤتمر الصحافي الذي عقده النائب الأول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري، أمس، في حضور النواب الثلاثة الآخرين سليم شاهين وبشير يقظان وألكسندر مراديان. منصوري الذي يتسلم اليوم مهام حاكم مصرف لبنان بعد انتهاء ولاية رياض سلامة، شرح كيف أنفق من هذه الاحتياطيات بمعدل 800 مليون دولار شهرياً على الدعم فقط، وأشار إلى أن احتياجات الحكومة للدولار لن تتوقف بعكس «احتياطيات المصرف المركزي التي لن تستمر إلى ما لا نهاية». لذا، لمّح منصوري إلى أنه لن يكرّر سلوك سلامة في إنفاق هذه الاحتياطيات بلا تشريع في مجلس النواب، وهو التشريع الذي من شأنه أن «يعزّز الاستقرار… ويعزّز قدرات المصرف المركزي على التدخّل في سوق القطع». هذه الوجهة التي رسمها منصوري ورفاقه الثلاثة ستواجه ابتداءً من اليوم التحدّي الأول، أي إقرار القانون المطلوب في مجلس النواب، وستتوغل أكثر في التحديات في اتجاه تحرير سعر الصرف وإدارته، ثم التعامل مع القطاع المصرفي المفلس.
يتّكل منصوري على خطّة أعدّها مع رفاقه الثلاثة، وتقوم على الدولرة النقدية شبه الكاملة مقابل تجفيف الليرات من السوق. بهذا المعنى، يمكن السيطرة على سعر الصرف وتحريره أيضاً. ويرى أن الأمر مؤاتٍ، لثلاثة أسباب؛ أولها أن الكتلة النقدية انخفضت من 80 تريليون ليرة إلى 60 تريليون ليرة «وبالتالي من المنطقي أن نشهد استقراراً في سعر الصرف»، وثانيها أن هناك حركة مغتربين ووافدين خلال فصل الصيف (بكل ما يحملونه من دولارات في جيوبهم)، وثالثها أن قدرة الحكومة على جباية الضرائب والرسوم يُقدر لها أن ترتفع إلى 20 تريليون ليرة شهرياً أكثر من نصفها ليرات نقدية، «وهذا يعني أنه من الناحية النقدية لن يكون لتحرير سعر الصرف تأثير سلبي على الاستقرار النقدي الذي نشهده حالياً».
ما يقوله منصوري هو أن الرواتب للقطاع العام ستُدفع بالدولار عبر «صيرفة» كما كان يحصل في الأشهر الأخيرة، وبالتالي فإن الإيرادات الضريبية ستمتصّ كتلة نقدية بالليرة من السوق كان يمكن أن تُستخدم لشراء الدولارات والمضاربة على الليرة، كما أنه في المقابل ستُضخّ كمية من الدولارات في السوق وفدت عبر المغتربين والسياح، ما من شأنه أن يوازن الاختلال في العرض والطلب. ورغم دقّة هذه المعطيات تقنياً، إلا أنها تثير أسئلة أساسية تتعلق باستدامة الاستقرار النقدي في ظلّ تحرير سعر الصرف. ففي الزيارة الأخيرة لممثلي صندوق النقد الدولي، أثيرت هذه النقطة تحديداً مع وزير المالية الذي أبلغهم بأنه سيسعّر الدولار في الموازنة على سعر «صيرفة» في سياق العمل على توحيد وتحرير سعر الصرف. أجاب ممثلو الصندوق بأن عملية تحرير سعر الصرف ممكنة، لكنّ استدامة الاستقرار النقدي والتوحيد هي التحدّي، إذ لا يمكن التنبؤ بهذا الأمر من دون صدور قرارات من السلطة المركزية تقارب الأزمة بشكل شامل.
إذاً، ما كان يقوم به رياض سلامة منفرداً قي قيادة سلطة نقدية تهيمن على السياسات المالية والاقتصادية، لن يجري تكراره في ظل حاكمية منصوري. الأخير سيحصر عمل المصرف المركزي بالسياسة النقدية ويتعاون مع الحكومة في السياسة المالية والاقتصادية. لكن من شروط ذلك، كما أشار، أن تقوم القوى السياسية بواجباتها بإقرار القوانين المطلوبة للخروج من الأزمة: إقرار موازنتي 2023 و2024، إقرار قانون الكابيتال كونترول، إقرار قانون إعادة هيكلة المصارف، إقرار قانون إعادة التوازن المالي. فمن دون هذه القوانين «لا يمكن إعطاء إجابة للمودع اللبناني حول مصير أمواله، ومتى يستطيع استعادة وديعته».
يقدّم منصوري إشارات في اتجاه مرحلتين؛ مرحلة انتقالية يتم فيها تحديد وجهة استعمال الاحتياطيات بالدولار وتحرير سعر الصرف بالتزامن مع دعم رواتب العاملين في القطاع العام وتأمين الاحتياجات الأساسية للدولة ضمن مدى ستة أشهر، ومرحلة ثانية يتم فيها إقرار القوانين التي تعالج الخسائر وتحدّد تفاصيل استرداد الودائع تمهيداً للتعافي والنهوض. المرحلة الأولى لن تكون سهلة رغم أنها أهون نسبياً مقارنة بالمرحلة الثانية. فهناك همس بين نواب مؤثّرين أنه لا ضرورة لإقرار قانون في مجلس النواب يشرّع الإنفاق من الاحتياطي الإلزامي، إذ إن قرار تحديد مستوى الاحتياطيات يعود للمجلس المركزي الذي سبق أن خفّضه ليحرّر بعضاً من الدولارات للاستعمال. بمعنى آخر، قد ترفض بعض الكتل النيابية إقرار هذا القانون، سواء بذريعة النقاش القانوني أو كونها لا تريد تحمّل مسؤولية استعمال الاحتياطيات التي تُصنّف بأنها أموال للمودعين، أو تحديداً ما تبقّى من الودائع. وبالمثل، يحاول نواب الحاكم ألا ينفقوا مما تبقّى من أموال المودعين، إلا بغطاء سياسي.
أما المرحلة الثانية، فتتعلق باتخاذ إجراءات وقوانين سبق للقوى السياسية أن رفضت اتخاذها وإقرارها خلال السنوات الأربع الماضية، رغم كل ضغوط صندوق النقد الدولي والتقدّم في المفاوضات معه وصولاً إلى توقيع اتفاق معه على مستوى الموظفين. فعندما وصل الأمر إلى الشروط المسبقة لإقرار الاتفاق النهائي، توقّف البحث في الخطوات المطلوبة. ممانعة القوى السياسية، قد لا تطول كثيراً، وستكون مجبرة مع نهاية ولاية سلامة وتولّي منصوري الحاكمية وامتناع الأخير عن تمويل الدولة بدعم من نوابه الثلاثة، أن تتولى مسؤولية ما.
استقرار نسبي في سعر الصرف
حتى مساء أمس كان سعر الليرة شبه مستقرّ مقابل الدولار، ولم يُسجّل أي تقلّبات عنيفة كالتي رُوّج بأنها قد تحصل إذا خرج رياض سلامة «يوماً ما» من المصرف المركزي. وعلى وقع الاحتفال الوداعي المفتعل الذي أقيم له أمس في باحة مصرف لبنان، وفي ظل توقف منصّة «صيرفة» عن استقبال إيداعات بالليرة، لم تُسجّل أي تقلبات حادّة في سعر الصرف حتى الساعة، بل يستمرّ المسار الانحداري في سعر الدولار ببطء شديد، وهو ما يعكس جفاف السوق من السيولة بالليرة، واتجاه الصرّافين والمضاربين إلى الاحتفاظ بالكتل النقدية لأطول فترة ممكنة في هذه الفترة التي تشهد تدفّقاً للدولارات نحو الداخل.
اللواء عنونت: منصوري حاكماً: تسديد ضربات في ملعب الحكومة بانتظار البرلمان!
«حرب شوارع» في عين الحلوة لليوم الثالث.. وعدد الضحايا يرتفع إلى 11 و70 جريحاً
وكتبت صحيفة “اللواء: في الوقت الذي كان فيه مخيم عين الحلوة يعيش “حرباً حقيقية” لليوم الثالث في شوارعه المأساوية، وبين المنازل المتهالكة، من دون ان تتمكن المعالجات التي اندفعت اليها القوى والأحزاب الحليفة للفصائل الفلسطينية لوقف الاقتتال والاحتكام الى القانون اللبناني في الاقتصاص من القتلة، كان النائب الاول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري يخطو اولى خطواته في اعتماد نهج نقدي ومصرفي مغاير تماماً للنهج الذي اعتمده الحاكم رياض سلامة، الذي بعد “إحتفال وداعي له” في باحة المصرف، حزم اوراقه وغادر المكان وسلطة القرار النقدي والمالي الذي امضى فيه ثلاثة عقود، منوهاً، وهو يلوّح بالعلم اللبناني بصمود مصرف لبنان “الذي سيبقى صامداً” بتعبير سلامة، وهو يودّع الموظفين، تاركاً “قلبه معهم”.
في اول اطلالة له انصب اهتمام الرأي العام على المؤتمر الصحفي الاول، الذي عقده منصوري بحضور زملائه من نواب الحاكم، حيث قدم رؤية قوامها “لا تمويل إلا بقانون”، مشيراً الى ان “وقف تمويل الحكومة لم يعد خياراً، والتدرج باتخاذ القرار يحتاج الى قانون وسيسمح قانون اقراض الحكومة بدفع رواتب القطاع العام والتشريع المطلوب ويسمح بتنشيط الادارة وتأمين اموال الدواء”.
وبصرف النظر عن مسارعة رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الى وصف “ما سمعناه اليوم من النائب الاول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري يبشر بالخير”، (مع الاشارة الى ان منصوري وجه تقديراً خاصاً للنائب جورج عدوان)، فإن مسارعة الرئيس نجيب ميقاتي ومعه مجلس الوزراء لوضع مشروع قانون ينظم الاقتراض من المصرف المركزي لأسباب موجبة تتعلق بضرورة ارساء استقرار اجتماعي ووظيفي وتأمين احتياجات المرضى، وتمويل القوى المسلحة والامنية على اختلافها واحتياجات الدولة الاساسية، ولعدم اعطاء اشارة سلبية للأسواق بعدم قدرة المصرف المركزي بالتدخل بسوق القطع، وهي تعقد جلستين لهذه الغاية اليوم والخميس لوضعه في صيغته النهائية، أثبت قدرة السلطة النقدية على فرض خيارات على السلطة الاجرائية وحتى التشريعية.. بانتظار وضع الصيغة النهائية للمشروع الذي ابدى نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي اعتراضاً عليه، مشككاً بقدرة الدولة على تسديد ما تقترض.
وكان لبنان انشغل لبنان امس، بثلاثة امور مهمة، امنية مع تصاعد حدة الاشتباكات في مخيم عين الحلوة وتزايد حجم الضحايا والدمار، وسياسية بإنعقاد جلسة مجلس الوزراء لمتابعة مناقشة مشروع موازنة 2023 بحضور نائب الحاكم الاول لمصرف لبنان المركزي الدكتور وسيم منصوري الذي اعلن امس انه سيتسلم اليوم الحاكمية بالوكالة عن الحاكم رياض سلامة الذي انتهت مدة ولايته امس بعد 30 سنة، وغادر المصرف وسط وداع لموظفي المصرف و”زفّة طبل وزمر”.
مجلس الوزراء ومشروع الاقتراض
ترأس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعد ظهر امس، جلسة لمجلس الوزراء في السرايا الحكومية، شارك فيها نائب رئيس مجلس الوزراء سعاده الشامي و15 وزيراً وحاكم المركزي بالوكالة منصوري، وكان يُفترض ان تناقش فذلكة مشروع موزانة 2023، لكن طغى على الجلسة مشروع قانون اقتراض الحكومة من المصرف المركزي بالدولار والذي وزع على الوزراء.
وكانت كلمة لميقاتي اكد فيها رفض استخدام الساحة اللبنانية لتصفية الحسابات مهنئاً الجيش بعيده.
وفي سياق متصل، أوضح ميقاتي أنه دعا منصوري الى حضور الجلسة للتشاور في الاوضاع النقدية والمالية وليعرض لمجلس الوزراء الافكار التي يريد مناقشتها ويطالب بها، وفي رأيي ان ما يطلبه يتطابق مع موقف الحكومة لجهة المشاريع الاصلاحية التي ارسلناها الى مجلس النواب. وهو يطلب اقرار تشريع يجيز للحكومة الاقتراض بالعملة الاجنبية من مصرف لبنان.
وأبلغ ميقاتي بعد ذلك الوزراء بأن هناك “مشروع قانون يرمي الى الإجازة للحكومة الاقتراض بالعملات الأجنبية من مصرف لبنان سيتم توزيعه عليهم تمهيدا لمناقشته في جلسة مقبلة متوقعة في وقت قريب جدا”. كما تم توزيع كتاب من نائب رئيس الحكومة سعاده الشامي في الإطار ذاته.
وأشار الرئيس ميقاتي الى ان “وزير المهجرين عصام شرف الدين أعد تقريرا بالملف المكلف به المتعلق بالنازحين، ستتم مناقشته أيضا في وقت قريب جدا حسما للجدل واللغط”.
وقال منصوري خلال مغادرته السراي: لم المس اعتراضاً من الوزراء على المطالب. والحكومة هي الجهة التي تحدد المبالغ والمدة ولست أنا.
واوضح وزير المال يوسف خليل قبل الجلسة، ان “لا قرار بعد بشأن مبلغ ومدة عقد الاستقراض من المصرف المركزي” .
وانتهت الجلسة قرابة السادسة،قال بعدها وزير الاعلام زياد مكاري: بدأ مجلس الوزراء بدرس مشروع الموازنة وموادها. وتلزمها نحو 4 الى 5 جلسات.
وعن التخوف من ان يطول أمد تشريع الاقتراض وان تكون له تداعيات على رواتب القطاع العام قال: ابدا، وهذا الحديث لم يطرح، وكانت الأجواء إيجابية وهذا ما نود أن نقوله للناس.
مواقف منصوري
وكان الدكتورمنصوري قد عقد قبل ظهر امس، مؤتمراً صحافياً بحضورنواب الحاكم الثلاثة، قال فيه: إن خيارنا كان ثابتًا وواضحًا وهو أنه مهما كانت الأسباب التي تدفع الحكومة لطلب أموال من المصرف المركزي، فهي أسباب غير مبررة على الإطلاق ويجب أن يتوقف هذا الإستنزاف نهائيًا. واقتنعنا بأنّه لا يُمكن تغيير السياسات الموجودة ونؤكد على استقلالية مصرف لبنان.
وإعتبر أننا “أمام مفترق طرق، فالاستمرار في نهج السياسات السابقة في ظلّ إمكانات المركزي المحدودة يعني أنّه لا بدّ من الانتقال إلى وقف تمويل الدولة بالكامل، ولن يتمّ التوقيع على أيّ صرف لتمويل الحكومة إطلاقاً خارج قناعاتي وخارج الإطار القانوني لذلك”.
وأشار منصوري الى أنّ “وقف التمويل للحكومة لا يمكن أن يتمّ بشكلٍ مفاجئ، ويجب أن يحصل تعاون قانوني متكامل بين الحكومة ومجلس النواب و”المركزي” ضمن خطّة متكاملة تكفل أن تُعاد الأموال”. مضيفاً: ننظر إلى فترةٍ انتقاليّة قصيرة تسمح بتمويل الدولة بموجب قانون.
واكد أنه “لا يُمكن للبلد الاستمرار من دون إقرار القوانين الإصلاحيّة، وهذه القوانين ينتظرها المودع منذ سنوات لمعرفة متى يستعيد أمواله ويجب تقديم مصلحة المواطن والمودع على أيّ شيء آخر، وسنكون بتصرّف مجلس النواب لتزويده بأيّ معلومات أو أرقام للإنتهاء من درس القوانين”.
واوضح منصوري “أن تحرير سعر الصرف وتوحيده يجب أن يتمّ بالتدرج حفاظاً على الاستقرار وهذا القرار يُتّخذ بالتوافق مع الحكومة، وتواصلنا مع القوى الأمنية والقضاء للقضاء على التلاعب بسعر الصّرف، وما يُعزّز الاستقرار النقدي هو القانون الذي ستطلب الحكومة إقراره”.
المعارك “غير الحلوة”
امنياً، افادت المعلومات ان حرب شوارع دارت قبل ظهر امس داخل مخيّم عين الحلوة، والقذائف التي تُستخدم يتمّ استعمالها للمرّة الأولى مع مدافع متوسّطة المدى. وقد استقدمت حركة “فتح” تعزيزات من خارج عين الحلوة لدعم مقاتليها في المخيم، فيما اقفلت المحال التجارية ومعظم الأسواق في صيدا نتيجة تطاير القذائف ورصاص القنص.
وأوقعت الاشتباكات امس، قتيلا فلسطينيا يدعى احمد جوهر وعددا من الجرحى، بالاضافة الى أضرار مادية جسيمة داخل المخيم. ولم تسلم مدينة صيدا من شظايا القذائف والرصاص الطائش والتي اصابت عددا من المواطنين على الطرقات، فيما الحقت اضرارا بعدد من المباني والمؤسسات ولا سيما مدرسة عائشة ام المؤمنين التابعة لجمعية المقاصد الخيرية الاسلامية في صيدا، إضافة الى تضرر ألواح الطاقة الشمسية على عدد من الابنية، وارتفع عدد الضحايا الى 11 قتيلاً، وعدد الجرحى تجاوز الـ70 شخصاً.
معالجات وخروقات
وفي المعالجات، عقد إجتماع عند الساعة الواحدة ظهراً في مقرّ التنظيم الشعبي الناصري في صيدا، دعا إليه النائب الدكتور أسامة سعد حضره ممثلون عن الفصائل وحركة امل حزبالله وعصبة لانصار، في مسعى جديد لمُحاولة ضبط الأوضاع ولجم المعارك التي تحصل داخل المخيّم. واثر الاجتماع، قال سعد: حصل اتفاق بين الفصائل على تثبيت وقف النار ميدانيا فورا في عين الحلوة وسيعقد اجتماع ثان (اليوم)، وسيتم تسليم الجناة الضالعين في قتل مسؤول حركة “فتح” الى الجيش.
ولكن جرى خرق الاتفاق فتم التوصل الى اتفاق آخر جرى خرقه ايضا،استمر إطلاق القذائف المتوسطة والثقيلة فترة بعد الظهر والعصر على كل الجبهات في المخيم بوتيرة خفيفة، وسط معلومات عن تدخّل لحركة “أمل وحزب الله” لدى الفصائل بهدف وقف القتال. وتحدثت المعلومات قرابة السادسة عن “عملية أمنية لحركة فتح ضد العناصر المتشددة في مخيم عين الحلوة وتبادل قذائف آر بي جي بمحيط مستشفى الأونروا”.واشتدت حدتها قرابة السابعة مساء، بعدما افيد عن مقتل اثنين من الجماعات الاسلامية المتشددة وعدم التزام”جماعات متفلتة” بوقف اطلاق النار، واصيب 4 جنود من الجيش اللبناني اصابات طفيفة بشظايا قذيفة سقطت قرب مركزهم.
وتواصلت الإتصالات والمساعي من قبل القيادات الفلسطينية واللبنانية من أجل وقف التدهور الأمني والإشتباكات، وشارك في هذه المساعي السفير الفلسطيني أشرف دبور الذي وصل فجرا إلى مستشفى الهمشري واطمأن إلى صحة المصابين كما أجرى إتصالات مختلفة. كما أجرت فاعليات صيداوية وقيادات لبنانية إتصالات للعمل على وقف اطلاق النار.
دريان: تحريم الاقتتال
واطلق المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان نداءً الى المقاتلين في المخيم محرماً ما يحصل، فلا “يجوز شرعاً ما يجري من قتال الاخوة مهما كان السبب”.
ويطل اليوم الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في كلمة له عند الرابعة والنصف من عصر اليوم عبر الشاشة من مدينة النبطية في ختام مسيرة عاشورائية ينظمها حزب الله وسيتطرق الى ما يجري من اشتباكات خطيرة في مخيم عين الحلوة.