التجارة الحرة والنظام الاقتصادي الحرّ والاخلاق…(أحمد عياش)
د. أحمد عياش – الحوارنيوز – خاص
التجارة الحرّة والأخلاق لا يلتقيان في نفس طاهرة واحدة، لأن ديمومة الاولى تتناقض مع وجود الأخرى، وكل تسوية بينهما اكانت عبر قانون لدولة او عبر ثقة بإيمان لدين ليست غير تسوية مشبوهة، اما لتهرّب ضرائبي او لرشوة رجل دين من اجل فتوى حارقة خارقة متفجرة في جيوب الناس.
النظام الاقتصادي الحرّ لا ينتج غير قطاع مصرفي لص وبلا مصداقية كالتجربة اللبنانية .
التجارة الحرّة والأخلاق مسألتان متناقضتان يستحيل جمعهما لانتاج مال حلال ،لذلك كانت افكار الاشتراكية اليسارية بتنظيم التجارة الحرة تحت انظار وتحت قبضة الدولة، محاولة ناجحة اخيرة لحماية الناس من اقوياء لا حدود لطمعهم ولجشعهم ولمكرهم لانتاج مال حرام، قادرين على تبييضه قانونيا وعلى تطهيره دينيا ساعة يشاؤون.
الاخلاق ارقى من تعاليم الدين.
القوانين التي لا تحمي المال الحلال قوانين بلا اخلاق.
توزيع الثروات اشرف من اقتصاد ليبرالي راسمالي حرّ يسرقها.
لا اخلاق في السمسرة، بل السمسرة وثقافة السمسرة كثقافة الهدية دينيا ،وكثقافة الرشوة قانونيا ،مقبرة للاخلاق العامة وتهديدا مباشراً للتحضر الانساني بعقله، لا التطوّر الصناعي باقتصاد حرّ يبيح جريمة الاقوياء ويحرّم جريمة الضعفاء.
الاشتراكية التي تحدثت عن ضرورة وضع قيود على الثروات المتفلتة كانت آخر المحاولات الناجحة لكبح غرائز انسانية تسير وفق اهواء الانا الامارة بالسوء، لصالح الانا الجَماعية المطمئنة .
وضع قيود على الملكيات الخاصة وعلى مصادر الانتاج كانت آخر المحاولات الناجحة لاشتراكية ثورية حلمت وتمنّت بناء عقل انساني اخلاقي محب للشعوب ،كابحا العدوانية الفطرية والعدوانية المكتسبة من اجل حب البقاء كما استطاعت الرأسمالية التي لا تشبع من تعميمه في الثقافات.
الأممية ارقى الاخلاق امام عولمة اضطهادية.
سقط الاتحاد السوفياتي وما انتهت الحروب من اجل نهب الثروات، ولن تنتهي فما زالت الحاجة للحفاظ.على الرفاهية تبيح ضرورات شنّ حروب على الضعفاء.
الاقوياء ما زالوا حاضرون وليثبتوا اقدامهم ينتجون قوانينا اضافية تمنع التمرد والاحتجاج وتصادر حركات النقابات .
الضعفاء ما زالوا يبتكرون اخلاقا اضافية لعلهم يصمدون امام الاوغاد الذين استطاعوا شراء ذمم بعض المثقفين وبعض ابواق الاعلاميين وبعض رجال الدين وحتى هوليود وبوليود.
كثر المهرجون وقلّت المسارح الراقية.
يصعب وجود اخلاقي الا متوسط الحال او فقير، فالتجارة الحرة بالافكار وبالمال وبالانتاج لا تلتقي مع الاخلاق في نفس مطمئنة طاهرة واحدة.
من هنا ومن تحت شجرة زيتون محرّرة في بلدة حاروف وجالسا على تنكة البقرة الحلوب الصدئة والمطعوجة اتابع انتصارات الرأسماليات التي لا تشبع ضد الرأسماليات الجائعة الناشئة ،والحروب مستمرة من اجل ثراء مجرم حرام.
والله اعلم.