بقلم محمد عبدالله فضل الله _ خاص الحوار نيوز
في أجواء الذكرى الأولى لرحيل قامة من القامات الوطنية والعاملية السيد علي السيد عبد اللطيف فضل الله، نستذكر رجلاً أفنى عصارة عمره في خدمة الناس توجيهاً ورعايةً ، وغرس بنبضات قلبه الكبير تربة عاملة بيادر جهاد وعمل دؤوب يمتلىء بحكايات العطاء ، ومتزيّن بمواقف العزة والفخار، ومنتصر لصوت الحق والعدالة المغيبة عن واقع متصحر، ملأه سماحته نشاطاً وحركة قلما تجد لها نظيراً عند كثيرين ، إذ القلة من المخلصين هم الذين يختارهم الله ليكونوا صوته الصادح ولسانه الناطق في وجه الأراجيف والأباطيل والمفسدين .
في زمن المظاهر وانتفاخ الشخصيات في الميادين كافة ، فإن الحديث عنه ليس عن شخصه الذي حوى مؤهلات متعددة الحضور والأبعاد، بقدر ما هو قد جسّد عملياً حالة إنسانية راقية وأصيلة قلما تعثر على مثيلها من تواضع وعاطفة ومحبة للكبير والصغير، ومن جهاد مذ كان ناشطاً في اتحاد الطلبة المسلمين، ومن دعمه وانفتاحه على المجاهدين الأوائل واحتضانهم، يوم كان ذلك يعد جريمة ومخاطرة ، كذلك من صلاح ونشاط اجتماعي واحتضان للفقراء والمحرومين على مدى سنوات طوال، إذ كان يجد في خدمة هؤلاء الطريق الأقصر إلى رضا الله، فكان لا يضع حواجز بينه وبينه الناس، إذ ديوان والده الشاعر والعلامة السيد عبد اللطيف فضل الله في عيناثا مفتوح يضج بالناس ليل نهار .
على الرغم من الإمكانات المتواضعة التي كانت بين يديه، فقد انبرى قدر ما استطاع في خدمة الناس وقضاء حاجاتهم في أي منطقة كانوا ، فقدّم الكثير مما لم يقدمه أشخاص ولا حتى مؤسسات ، فكل ما كان كان بعين الله ورعايته ومما يعوده الإخلاص بالنفع العام .
صاحب هيبة ووقار متجلل بعمامة مسكونة بالطهر والسكينة ، دائِمُ البَسْمَةِ، رَضِيُّ المُحَيّا، صاحب كلمة جريئة، وموقف صلب، وإرادة لا تنكسر في قول الحق، واضعاً النقاط على الحروف بلا مواربة مؤمناً بقيمة الإنسان وكرامته التي يجب حفظها،وبأنّ من لا تهز وجدانه الكلمة، ولا تحرك كيانه أصوات العدالة ليس جديراً بأن يكون إنساناً مؤمناً.
آمن بأن الانعتاق من الملوثات والمقيدات وصياغة المواجيد النقية المهاجرة إلى مواطن التحرر والحرية هي من تستحق كل سعي واندفاع.
في ذكراه سيبقى حلماً ندياً يدغدغ ذاكرتنا وينبعث من وجداننا، تزهر عطاءاته وكلماته ومواقفه مزيداً من الأمل بولادة غدٍ لبناني وعاملي مشرق وحر .